أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


فؤاد البطاينة يكتب...دَفن سايكس بيكو ، وولادة ترمب- بوتين

بقلم : فؤاد البطاينه
31-12-2016 01:57 PM

تُوضِح التطورات الاخيرة على صعيد الازمة السورية بجلاء أولوية روسيا في وقف نزيفها الاقتصادي على أسس تضمن مصالحها دون اعتبار لمصالح حلفائها الميدانيين بما فيه ايران ونظام الأسد . فروسيا لن تحتمل ولا تقبل الاستمرار بحرب مكلفة دون أفق لتسوية . وبالمقابل فإن الصهيونية الأمريكية ، التي وفرت على نفسها الكثير من جراء قيام روسيا نيابة عنها في إبقاء توازن التدمير لسوريا وشعبها قائما ، ستستجيب لحاجة روسيا على أساس من الشراكة في تسوية تؤمن المصالح والأهداف الامريكية الاسرائيلية .

طوَّرت الظروف عنوانا مشتركا للسياستين الامريكية والروسية للمرحلة القادمه هو 'الإقتصاد' ، فهذه سياسة أصلية لإدارة ترمب ، قد تلاقت مع حاجة اصبحت ملحة لروسيا. وستسقط أمام هذا العنوان أو تُسوَّى مشاكل سياسية معقدة ، ولن يكون في الطريق كبير ، بل سيكون هناك مهم ، ولن يكون هناك حل سياسي في سوريا دون مباركة اسرائيل وتغطية اهتمام تركيا كدولة سيكون تموضعها السياسي القادم معيارا لتغيير خارطة العلاقات الدولية أو بقائها . ولن يكون تأمين مصالح روسيا في سوريا بمعزل عن أزمات اخرى في إطار صفقة ، وستستوعب روسيا موقف ترمب من اسرائيل ومن ايران . فنحن أمام تفاهم امريكي روسي يقوم على تشابه المصالح ومقايضتها بعيدا عن المُثل.
إن اتفاق وقف اطلاق النار الأخير برعاية روسيا وتركيا هو اتفاق سياسي في واقعه ، وُضِعت تفاصيله في اجتماع مسبق في موسكو حَضَرته ايران ، وإن غيابها عن اتفاقية وقف النار يُفسَّر من قبيل عدم الرغبة بإلتزامها.

إن موافقة روسيا على اعتماد جينيف 1 وقرار مجلس الأمن(2254 )كمرجعية للتفاوض المزمع ، واعترافها بفصائل المعارضة التي كانت تعتبرها ارهابية ،لا يمكن أن نفهمه كتحول صادق في السياسية الروسية ، أو ايمانا منها بتلك المرجعيات ، ولا بسلوك عبثي . بل ربما استدراجا لادارة ترمب إذا لم يكن في اطار تفاهم مسبق معا صريحا أو ضمنيا ، وفيه أيضا جلبا لأطراف النزاع إلى الطاولة بلا اوراق ، ورسالة قاسية لحلفائها بانتهاء فصل. ولا شك أن امتناع بوتين عن الرد على امريكا في المواجهة الدبلوماسية الأخيره فيه رسالة لخطب الود وحسن النوايا .

من السذاجة بمكان أن نعتقد بأن طموحات السوريين نظاما أو معارضة ستكون محل اهتمام للروس والأمريكان في المفاوضات ، بل ستكون محل استغلال لطرفين أسيرين ليس منهما قادرا على فرض نفسه أو تحقيق رؤيته السياسية ، فالاطراف السورية المتقاتلة كلها ليست مستقله بقرارها وإمداداتها ، ومدينة بوجودها وببقائها الى اطراف دولية واقليمية ، وسوريا ونظامها محتلان عمليا من قبل روسيا بموافقة أمريكية ، وشعبها أصبح بين لاجئ ونازح ومسجون في بلده مطلبه الخلاص بأي ثمن ، وروسيا لا تحتمل إلا أن تكون شريكا لأمريكا في أية تسوية . 

تمكنت روسيا بعد معركة حلب من جر طرفي النزاع السوري الى طاولة المفاوضات بلا أوراق ، بترحيب دولي. مما يعني أن محصلة الحل ستكون امام خيارين ليس منهما ما يضمن سوريا موحده ولا سوريا قويه ومتآخية ولا ديمقراطية ، فهذا كله لا يضمن مصالح روسيا والصهيونية الامريكية ولا أية دولة اقليميه . والخياران يؤديان لنتيجة واحده .

الأول ، هو التفاوض العقيم وصولا لفرض الفدرالية كخيار يُجعَل وحيدا ، تتوزع على دويلاته نفوذ الدول ذات المصالح تحت ستار الحماية ، بحيث يكون نفوذا ضامنا لأمن واستقرار اسرائيل، وتبقى الجولان لمفاوضات الزمن . وسيكون هذا الحل نموذجا وسابقة لتعميمه على الدول المرشحة في المنطقة . فنحن أمام تطوير سايكس بيكو الى ترمب بوتين .

 الثاني، يأتي في حالة تمرد ورفض اطراف النزاع او بعضهم لفكرة التقسيم الفدرالي .وبهذه الحالة سيصار الى اخضاع كل الاطراف المتحاربه عسكريا بتعاون امريكي روسي وبالتالي اخضاع سوريا وإعلانها دولة محتلة من قبل دولة ما كروسيا مثلا أو توضع مباشرة تحت وصاية الأمم المتحده حيث تبدأ عملية التأهيل والبحث في التسوية السياسية مع مكونات الشعب السوري التي تقاد لتصل الى الخيار الأول .

وعلى جميع الأحوال فإن نجاح او فشل تطبيق وقف النار ، ونجاح او فشل مؤتمر الاستانه سيكون مؤشرا على موقف حلفاء روسيا مبكرا .وسيكون ذلك نقطة تحول روسية امريكية مبكره .


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
31-12-2016 02:53 PM

تحليل عميق وواضح يفسر الصوره التي تنطوي عليها تفاصيل وقف اطلاق النار التي فاجأت الجميع وكأنه كرم روسي نميل الى نهايه سوداويه لسوريه واعلانها في النهايه دوله محتله ووضعها تحت وصاية الأمم المتحده ولكن هذا يتطلب التخلص من الأسد او من حكمه وسيطرته لتعم الفوضى سوريا كحجة

2) تعليق بواسطة :
31-12-2016 05:54 PM

تحية للأخ العزيز سعادة الأستاذ فؤاد البطاينة حفظه الله.
بداية أرجوا قبول اعتذاري لعدم تمكني من التشرف بمقابلتكم بسبب ظروف طارئة استدعت سفري لجدة والإنفلونزا اللعينة التي أصبت بها وخصوصا أننا المغتربين في المناطق الحارة مثل جديان الغور إذا طلعت على الجبل فستصاب بالرشح.
قراءة واقعية وتصور منطقي للقادم من الأيام التي ستكون حبلى بالأحداث التي فعلا وللأسف ستجعل خريطة سايكس بيكو القديمة في خبر كان

3) تعليق بواسطة :
31-12-2016 06:10 PM

أخي أبو أيسر كما تفضلت كانت روسيا وتركيا وإيران وبرضى أمريكا طبعا هم اللآعبون الرئيسيون في الكارثة التي حلت بسوريا الشقيقة وطبعا لحماية عرش بشار سيد المقاومةوالممانعة والإستبداد وانتهاءا بوقف إطلاق النار الأخير الذي أعتقد أنه لن يصمد لأنه سيكون حجر عثرة في تحقيق أحلام إمبراطورية فارس التي سيتلاشى حلمها من طهران للمتوسط.
أما العرب ففي فمي ماء وقلبي مليان عليهم فحدث ولاحرج.

4) تعليق بواسطة :
31-12-2016 08:04 PM

يقول الكاتب المحترم ان ايران حضرت مع روسيا وتركيا اجتماع موسكو الذي أقر وقف النار ولم تحضر الاجتماع الثاني ألذي أعلن فيه حتى لاتُهزم نفسها بالاتفاق ونحن الان نعيش هذا الموقف الإيراني بخرق جماعته للهدنة فهل نشهد روسيا والعالم يتحرك ضد ايران

5) تعليق بواسطة :
02-01-2017 06:15 PM

لفت انتباهي في هذا المقال التحليلي العلمي بعض النقاط
الأولى هي ان تركيا ستسعى وتقايض على تموضع كتلي جديد بين الأطلسي والكتله الروسيه ورايي ان تركيا لن تترك أمريكا ولا أمريكا تتخلى عنها لاهميتها الجغرافية
الثانيه يوحي الكاتب بان ايران لن تقبل بوقف النار ولا بحل سياسي وستصر على الحل العسكري وهذا ينسجم مع سياسة ايران العنيفه فعلا ولكنها لن تضع نفسها في النهاية بمواجهة أمريكا وروسيا معا تتمه

6) تعليق بواسطة :
02-01-2017 06:24 PM

قد يكون الكاتب الأستاذ البطاينه قد اغفل بأن ترمب سيلتزم بالسياسة الامريكية التقليديه واحتمال بعده عنها موجود لكنه غير مؤكد
الرابعه مع اني أرى فعلا بأن عنوان المرحله القادمه لروسيا وامريكا اقتصاديا لكني لا أرى بان الجانبين سيغفلان سياسة فرض الوجود العسكري
أخيرا أشار الكاتب لتلاعب سياسي روسي وهذا يؤكد بان الاقتصاد للسياسة الروسية او الامريكية لن يكون على حساب السياسه
مفال غني بالافكار ورصين

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012