أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


كتب زيد النابلسي ما يجب أن يقرأه كل أردني!!

بقلم : زيد النابلسي
12-01-2017 05:59 PM

قرأت في الأيام الماضية الكثير من الأفكار والإقتراحات المطروحة على الحكومة الأردنية لتحصيل إيرادات مالية بديلة، وذلك لتفادي حتمية رفع فاتورة التدفئة والوقود على المواطن المُثقَل أصلاً بالأعباء الاقتصادية الصعبة...

من هذه البدائل، سمعنا بالتأكيد مطلب 'استرداد أموال الفوسفات'، وأنا اليوم أشعر أنه لا بد لي من الإدلاء بشهادتي الشخصية حول هذا الموضوع، وذلك بسبب اطلاعي المباشر على تفاصيل خصخصة هذه الشركة...

فعندما كلفني النائب السابق الدكتور أحمد الشقران في بداية 2012 بكتابة تقرير لجنة التحقيق النيابية التي كان يرأسها حول صفقة بيع 37% من أسهم الحكومة الأردنية في شركة الفوسفات، تفرغت كلياً ولشهرَين متواصلين، وذلك لتدقيق وتمحيص كافة الوثائق والمستندات المتعلقة في هذه القضية التي شغلت وما زالت الرأي العام الأردني...

النتيجة الصادمة والمحزنة التي أجد نفسي مرغماً للإعتراف بها هي أن حكوماتنا، للأسف، لم تفعل الحد الأدنى المتوقع منها لحماية المال العام، ولم تبذل أي جهد لتحصيل ما سُلِبَ مِن ذلك المال أمام أعينها...

لماذا أقول هذا الكلام؟

سأجيبكم بتلخيص تجربتي مع تقرير الفوسفات وسرد أهم ما شهدته بنفسي بكل اختصار، ليعلم الناس حقيقة ما جرى بالمعلومة الدقيقة، بعيداً عن الإشاعة والتهويل والمبالغة:

بعد خمس سنوات من العمل التراكمي والتحضيرات المضنية والمكلفة من قبل لجنة التخاصية العابرة للحكومات، تم الإعلان أثناء حكومة دولة السيد عدنان بدران في آب 2005 عن عطاء دولي عام لاستدراج عروض لبيع حصة الحكومة الأردنية في شركة الفوسفات، وتقدمت لهذا العطاء فعلاً 13 جهة عالمية مهتمة، بما فيها عمالقة شركات التعدين في العالم...

إلا أنه أثناء حكومة دولة السيد معروف البخيت، وفي اللحظات الأخيرة لتنفيذ إجراءات جلب العروض في أوائل 2006، تم وبشكل مفاجيء إلغاء العطاء العام وتلزيم عملية البيع لحكومة سلطنة بروناي التي لم تشارك في العطاء أصلاً (أظهرت الرسائل العجيبة المتبادلة بين هيئة الاستثمار في بروناي مع السيد وليد الكردي وقتها أنها كانت تعتبره 'شريك ذو قيمة مضافة' في الصفقة، وأن موضوع بيع الأسهم لبروناي تم تسويقه منذ أيلول 2004 كـ'هدية خاصة' و'بادرة صداقة' من الأردن للسلطنة التي لا دخل لها بالفوسفات، مع أن الهدف كان بيع أسهم الحكومة لمستثمر استراتيجي لا لمستثمر مالي)...

وبينما كان من الممكن أن يصل السعر المفروض تحصيله بواسطة عملية المنافسة المفتوحة إلى ستة دنانير أردنية للسهم الواحد أو أكثر، إلا أنه وبعد إجهاض العطاء العام، تم تلزيم بيع أسهم الحكومة بدينارين وثلاثة وثمانين قرشاً للسهم الواحد فقط، علماً بأن سعر الإقفال في سوق عمان المالي في آخر يوم تداول قبل البيع كان أربعة دنانير وعشرون قرشاً لسهم شركة الفوسفات، أي أن أسهم الحكومة تم بيعها بحوالي نصف قيمتها السوقية في ذلك الوقت (تم بيع 27 مليون و750 ألف سهم للحكومة مقابل 78 مليون و588 الف دينار)...

وليس هذا فحسب، بل وفي صباح يوم التوقيع على بيع الأسهم في 7 آذار 2006، تم شطب إسم وكالة الإستثمار في سلطنة بروناي من خانة المشتري في الصفحة الأولى للإتفاقية بقلم الحبر وإقحام إسم 'شركة كاميل هولدنجز' بخط اليد، وهي الشركة التي لم يسمع بها أو يعلم عنها أي من الوزراء والمسؤولين حتى لحظة التوقيع...

أثناء التحقيق النيابي، توصلنا عن طريق الإستعانة بواحد من أكبر مكاتب المحاماة في العالم إلى أن شركة 'كاميل هولدنجز' مسجلة قانونياً في جزيرة جيرزي البريطانية، واكتشفنا أنها هي بدورها مملوكة بطرق التوائية والتفافية لمجموعة من الشركات الأخرى التي لا يعلم أحد حتى هذا اليوم هوية مالكيها الحقيقيين، إذ أن قوانين جيرزي تسمح بهذه الطريقة غير التقليدية لامتلاك الأسهم...

ومع أن حكومة سلطنة بروناي صرحت في 2012 بعد صدور تقرير اللجنة النيابية بأنها هي 'المالكة الإنتفاعية' لشركة كاميل كونها هي التي حولت سعر الأسهم للخزينة الأردنية، إلا أن الوثائق الرسمية المحفوظة لدى مراقب الشركات في جزيرة جيرزي لا زالت حتى هذا اليوم لا تُظهِر أي مُلكية قانونية لسلطنة بروناي في أي سهم من أسهم شركة كاميل...

وفي كل الأحوال، فإن نصوص عقد البيع المبرم بين حكومتنا وبين شركة كاميل صريحة وبشكل صارم في عدم جواز أن يكون المشتري لأسهم الحكومة أي شخص أو شركة غير مملوكة قانونياً وبشكل مباشر (وليس انتفاعياً) من قبل سلطنة بروناي، وبالتالي، فإن القانون الأردني واجب التطبيق يمنح الحكومة الأردنية الحق المطلق في فسخ عقد البيع واسترداد أسهمها في شركة الفوسفات، إذ أن المشتري قد خدع الحكومة ومارس التغرير والغُبن وخالف تعهداته العقدية الواضحة والصريحة فيما يتعلق بمُلكية أسهمه...

هذا الحق بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إبرام الصفقة يترتب عليه رد سعر الأسهم من الحكومة إلى شركة كاميل، ولكن بعد أن ترد هي أولاً الأرباح التي وزعتها شركة الفوسفات لها أثناء الفورة العالمية في أسعار الأسمدة منذ تاريخ امتلاك شركة كاميل غير القانوني لتلك الأسهم وحتى اليوم، مما سيعود بالوفر الكبير لحكومتنا الموقرة...

دب الحماس في عروقي وقتها، وقمت بمخاطبة دولة الرئيس عون الخصاونة، ونشرت الغد رسالتي على صفحة كاملة يومها، ومن بعده خاطبت دولة الرئيس عبد الله النسور، وعرضت عليهم رسمياً بأن يقوم مكتبنا للمحاماة، وبدون أي مقابل، بالتوجه للقضاء الأردني صاحب الإختصاص والتوكل عن الحكومة في دعوى فسخ البيع واسترداد أسهمنا المنهوبة في نفط الأردن وثروته، حيث أن الدعوى رابحة ودامغة وموقف الحكومة مضمون بشكل يندر حدوثه في مهنتنا (ولا يزال العرض قائماً على فكرة حتى كتابة هذه السطور)...

ولكن قد أسمعت لو ناديت حياً...

ولذلك أيها الأعزاء، لا تتعبوا أنفسكم وتجهدوا أدمغتكم بابتكار السبل للحكومة والبحث لها عن مصادر بديلة عن جيب المواطن لسد عجز موازنتها، لأن حكوماتنا وبكل صراحة، وبعد تجربة طويلة ومريرة، غير جادة في العمل الحقيقي لحماية موارد الدولة والمحافظة على أصولها...

*****

(يجب التنويه إلى أن كل ما ورد أعلاه يتعلق فقط بعملية بيع أسهم الحكومة وحتى تاريخ ذلك البيع، وأنا هنا لا أتحدث عما حصل في شركة الفوسفات في سنوات ما بعد البيع، فهذا الأمر لم أطلع عليه، وصدرت بشأنه قرارات محاكم أردنية قطعية الكل يعلم عن مضمونها)...


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-01-2017 06:34 PM

مقال لكاتب غيور على هذا الوطن بارك الله في أمثاله
رغم أن قضية الفوسفات قديمة جديدة إلا أن حجم الفساد فيها والشخصيات المتنفذة التي وراءها لايمكن أن يطويها النسيان .
أتمنى على الأستاذ خالد وأسرة التحرير في موقعنا الوطني نقل هذا المقال لركن إتجاهات ليبقى أكبر وقت ممكن ليتفقه شعبنا المبتلى بهذه العصابة ويعلم مقدار الإستهتار في إدارة الدولة الأردنية ولكم جزيل الشكر.

رد من المحرر:
المقال نُقل إلى زاوية الاتجاهات...شكرا للمتابعة

2) تعليق بواسطة :
12-01-2017 06:37 PM

.
-- كل الشكر للاستاذ زيد النابلسي الذي قام متبرعا حينها ببذل جهود جبارة في هذا الملف

-- حكومة بروناي لم تكن الشارية بل تعاون شقيق سلطان بروناي المتهم بالإختلاس والمطرود من بلاده مع الشاري الحقيقي وتسبب ذلك بتأسيس علاقات سيئة الى اليوم مع بروناي التي لم ترضى على إقحامها

-- أصل الموضوع طيارة السلطان التي رغب ببيعها والسعي لمقايضتها بأسهم بالفوسفات وتغيرت الامور بعد ذلك

.

3) تعليق بواسطة :
12-01-2017 06:43 PM

هذا التقرير يشير وبشكل واضح أن نظرة الدولة للشعب بأنه قطيع من ..

4) تعليق بواسطة :
12-01-2017 06:47 PM

TOO BRAVE TO TELL THE STORY
THANK YOU SO MUCH

5) تعليق بواسطة :
12-01-2017 08:15 PM

نعتذر

6) تعليق بواسطة :
12-01-2017 08:20 PM

دائما اقول لو ان الانسان يسخر عقله للخير كما يسخره للشر لاصبحنا نعيش على جنة في الارض واضيف بان الكردي اثناء استلامه للفوسفات كان يتبجح امام الموظفين وافصح عن مالكين الاسهم الجدد ويقول بالحرف الواحد المال مالنا ....

7) تعليق بواسطة :
12-01-2017 08:38 PM

كل التحيه يا استاذ واشكرك على شجاعتك بتوضيح بعض الامور التي تحدث بالاردن اولا وانصحك ان تدير بالك على حالك فمن ينصح صادقا يتهم بالاساءه للدوله والمسؤولين وقد يرسل الى السجن للنقاهه .نعلم ان الاردن غني لكن كل ثروته تصب بايدي حيتان الفساد والمطلوب محاسبتهم واسترداد ما سلب ونهب مع ايداعهم السجون ولا نريد اقامة حد السرقه عليهم .حاسبوا قبل ان تحاسبوا اعتقد ان سيكون هناك حساب وقريبا .

8) تعليق بواسطة :
12-01-2017 09:13 PM

لكي تكتمل الصوره ارجو توضيح :
من شطب وكتب بخط اليد اذ يجب اينما يحدث الشطب ان يتم التوقيع فمن هو ؟ ويفهم ان الشطب حصل قبل التوقيع وعلى نسختي العقد الخاصه بطرفي العقد ومتى تم الشطب قبل التوقيع ؟ من هم الموكلين بالتوقيع على الاتفاقية من الطرفين والواجب تقديم مايثبت انهم مخولين بشكل رسمي بثبوتات رسميه مصدقه ومن الحضور الرسمي كأشهاد والذي يبدو اما جهل تام بدون تدقيق أو الغالب ان تكون النيه مدبر

9) تعليق بواسطة :
12-01-2017 09:28 PM

مدبره وبأخراج سيء لاتنطلي حتى على قليل الخبره
ارجو ان تكون هذه بادره ليكشف المطلعين على قضايا فساد وابطالها هزت المواطن وانهكته والوطن

10) تعليق بواسطة :
12-01-2017 09:59 PM

اموال الشعب التي سرقوها منه
ستكون وبالا بعد موتهم ويوم القيامة
وستغلي بطونهم من المال الحرام الذي سرقوه
فوالله لن نسامحهم ابدا ونشكوهم الى الله
لعن الله كل من نهب مال الشعب
وكل من ساعدهم على نهبه
وكل من نافق وادعى انه يدافع عن حق الشعب
وما ان استلم المنصب انقلب وجوع الشعب وافقر الناس

11) تعليق بواسطة :
12-01-2017 10:13 PM

اولا جزيل الشكر للسيد زيد النابلسي على هذا الكشف و التوضيح، بمعظم تصريحات الرئيس الحالى للفوسفات عندما يعلل ويبرر يتحدث عن معوفات وجود اتفاقيات وعقود ملزمه! هناك اخوة من المعلقين اصدقاء لموقع كل الاردن تحدثوا عن مخارج قانونية تجيز فسخ هذه العقود الدولية وهي كما وضحها الان تقرير السيد زيد وان عدتم للارشيف راجعوا تعليقات باسم عمر الأردن والمغترب تطرقوا للفسخ بالتفصيل لكن لا احد يقرأ او لا احد يجرؤ !

12) تعليق بواسطة :
12-01-2017 10:59 PM

لايكمن ان نصدق ان هناك نية صادقة وحقيقية، لمعاقبة ومحاسبة الفاسدين والمفسدين وهم يتقلوا في مناصب الدولة من مكان الى مكان وزراء ثم اعيان ثم وزراء ثانية ثم سفراء ثم وزراء ثانية وكثير منهم وصلوا رؤساء وزراء ثم رؤساء مجالس ادارة شركات، احدهم اضاع حقوق الاردن المائية في معاهدة السلام مع اسرائيل، وتسلم مقاليد رئيس مجلس ادارة شركة حكومية كبرى وقبلها امين ومدير عام للعديد من الدوائر وأخيراً وزير ثم عين

13) تعليق بواسطة :
12-01-2017 11:06 PM

سأبقى اشاهد الفساد حياً ويتحرك طالما كل يوم اشاهد مبنى مختبرات سلطة المياه جنوب بيادر وادي السير، هذا المشروع الذي اقيم في ذاك المكان الذي لاعلاقة له بطبيعة عمل المشروع، من اجل تنفيع مقاول قريب لوزير الوزارة المعنية التي قررت انشاء هذا المشروع الجريمة بقيمة ثلاثمائة مليون دينار، لأجل اجراء فحص لبضعة لترات من الماء كل بضعة اشهر وربما اكثر وعلى مساحة ستة عشرة دونم ووضع اجهزة مسارعات نووية ينبعث

14) تعليق بواسطة :
12-01-2017 11:08 PM

منها اشعاعات تشكل خطورة على صحة الناس وحياتهم؟!!!

15) تعليق بواسطة :
13-01-2017 02:31 PM

البيروقراطية غير النافعة وتحالفها مع الكومبرادور تختلف عن البيروقراطية الاردنية النافعة التراكمية بطريقة عثمانية بنكهة انكليزية لماكس فيبر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012