25-07-2011 08:17 AM
كل الاردن -
د. نافذ أبوطربوش
ماذا تعني كلمة الوحدة الوطنية؟ فعند النظر, نجد كلمتين, الوحدة, والوطن, فالوطن هو الأردن, والوحدة هو وحدة أبناء شعبه, وهذا أمر جميل, ولكن هل لكم أن تقولوا لنا على ماذا يجب أن يتحد أبناء شعب الأردن؟! من المعلوم أن هذا المصطلح, يتم إطلاقه سياسيا في الأردن على كل أمر يبحث العلاقة الأردنية-الفلسطينية بصفة فلسطينيي المهجر في الأردن, يعادلون تقريبا نصف سكان الأردن, ويتصف المتكلم عن أمر هذه العلاقة, إن أراد البحث بها, أنه يريد تفسيخ وتمزيق الوحدة الوطنية, وأنه يعرض أمن البلاد للخطر, وأنه داع للفتنة, وما إلى ذلك من أمور... وأود هنا إيصال رسالة للجميع...
نحن الأردنيون, أبناء هذا التراب لمئات السنين, عشنا بعد نكبة فلسطين وبعد نكستها مع إخوة هاجروا إلينا من فلسطين بتهجير قسري, عشنا معا, تقاسمنا الطعام والشراب, ذهبنا للمدارس سوية, ولعبنا في الحارات والأزقة سوية, كما تصاهرنا وأصبحنا أهلا... وليعلم الجميع أن الشعب الأردني شعب مضياف كريم وصاحب نخوة, وهو صاحب كرامة أيضا ولا يقبل أن يداس على كرامته...
شعب الأردن, وفلسطينيي المهجر في الأردن, لم تحدث بينهم فتنة تاريخيا, بل كانوا يدا واحدة, وما حدث في أيلول من عام 1970م, حدث بين زعران فتح, الذين كان آخر همهم فلسطين في ذلك الوقت, ويريدون فقط الكراسي, وكان وصفي التل, صاحب فكر قومي وحدوي, أطلق على عمان اسم "هانوي العرب", تيمنا بهانوي فيتنام كي يتم تحرير فلسطين كاملة من البحر إلى النهر, وفي النهاية, قتلوه, أو بالأحرى, قتله مشروعه... فما جرى كان صراعا سياسيا وصراع مفاهيم, ولم يكن يوما صراعا شعبيا, وعلى الجميع أن يفهم هذا...
وها هو الآن, يعود الموضوع إلى السطح, لأن كل فاسد في هذا الوطن, لا شغل له إلا هذا الموضوع كي يتم تخويف الشعب من النطق بالحق... يعود الموضوع إلى السطح, لأن هناك حلا قريبا في أيلول أيضا لموضوع فلسطين على حساب الأردن, يعود الموضوع, لأن الأردن أصبح مأوى للكثيرين من الفاسدين, من الداخل والخارج, أهمهم, بعض القيادات الذين قامروا وما زالوا يقامرون بموضوع فلسطين على حساب شعب يعيش الأمرين, ويأكل أرجل الدجاج تيمنا برائحة اللحم, ورأيتهم بأم عيني...
فلماذا يثور الأردنيين الآن؟
1. لأن معظم فلسطينيي المهجر في الأردن, قد تم إبعادهم عن القطاع العام بشكل أو بآخر, فاتخذوا القطاع الخاص مكانا لهم, وبما أن الدولة اتجهت للخصخصة, وباعت معظم القطاع العام, ورفعت أيديها عن معظم الأشياء التي عاش عليها الأردنيون, أصبحوا بلا عمل وبلا مال وبلا أرض كانوا قد باعوها لتعليم أبنائهم بعد رفع الدولة أيديها عن الجامعات, ومعظمها كان في العشر سنوات الأخيرة.
2. لأن في العشر سنوات الأخيرة, زادت مديونية الأردن, 11 مليارا!!!
3. لأن في العشر سنوات الأخيرة, أصبح تهجير وتجنيس على قدم وساق, لفلسطينيين, تمهيدا لإفراغ فلسطين وجعلها لقمة سائغة لإسرائيل تمهيدا للحل النهائي وحتى يفرح سياسيوا فلسطين بكراسيهم, والكلام بهذا كثير في الصحف...
4. لأن في العشر سنوات الأخيرة, تم فساد ما بعده فساد, كان موجودا قبل هذا, ولكنه استفحل بشكل لا يطاق في هذه الفترة, جعل الأمر مقرفا ومقززا للنفوس, كما جعل من مشروع وصفي لأردن زراعي منتج, أردنا قاحلا لا ماء به ولا زرع ولا ثروات طبيعية...
وغير هذا الكثير...
فيا أيها السلطة التي تحكم الأردن, أكانت حكومة فعلية أم حكومة ظل أم أي شئ, لم يعد يهمني الأمر, وما يهمني هو كل شخص عاش على تراب الأردن, ولهم أوجه هذه الكلمات... إن الوحدة الوطنية, هي أن يقف الجميع, أردنيين كانوا أم من فلسطينيي المهجر, ليقولوا لا لبيع مقدرات الدولة, لأنها الدولة التي تضمهم, ومن خيرها يأكلون ويشربون كليهما, ليقولوا لا للتفرد بالسلطة, ونعم لأن يحكم الشعب نفسه عن طريق اختياره لوزاراته ونوابه, ليقولوا لا لخصخصة قصمت ظهر البلد, وجعلت أردنييه, يتسولون كي يتم التصدق عليهم بمكارم هي حقهم أصلا, ليقولوا لا لمن يبيعهم في الأردن وفلسطين كي يبقوا على كراسيهم, ليقولوا لا لشطب حقوقهم بأرض فلسطين, فكل شخص تم تهجيره من فلسطين قسرا, له حق سياسي بها, وعليه أن يطالب به رغما عن أنف الجميع, والسكوت لا ينفع, بل يقصم الظهر...
أتحدى الجميع, إن رأى أردنيا يطرد أو يعامل بهمجية ضيفا عليه حتى لو كان من جزر الواق واق, فكيف بتعامله مع أخيه الفلسطيني, الذي يشاركه الدم والثقافة والحضارة والمصير... إن كل ما يتم بحثه في العلاقة الأردنية الفلسطينية, هو أمر السياسة فقط, والحقوق السياسية فقط, وليس هناك من يطالب بتهجير أو إنقاص حق مدني من أي شخص على ثرى الأردن, أيا كان, وبغض النظر عن دينه أو عرقه أو انحداره الجغرافي, فالأردن بلد مضياف, وكما أعطى الكثير لمن عاش على ترابه, ينتظر الكثير من كل شخص عاش على ترابه.