أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


وحدها رحمة الله تستطيع أن تنقذ مصر

07-08-2011 09:01 AM
كل الاردن -


 خلف أحمد الحبتور

كان صعباً عليّ أن أرى رئيساً مصرياً سابقاً في الثالثة والثمانين من العمر، وبطلاً من أبطال حرب أكتوبر 1973، ممدّداً على سرير نقّال في قفص الاتّهام في المحكمة فيما انحنى ابنه لتقبيله. وأنا واثق من أن الشعور نفسه يراود مصريين كثراً حتى أولئك الذين سُرّوا برحيله. لكن من جهة أخرى، هذه المحاكمة التاريخية هي محطة ضرورية في العملية الانتقالية شرط أن تتم بحسب الأصول وتصل إلى خواتيمها.

الغريب في الأمر هو أن المتّهمينحسني مبارك وابنَيه علاء وجمال ووزير الداخلية السابق حبيب العادليبدوا أكثر كرامة ووقاراً من المحامين المحتشدين في قاعة المحكمة، ومعظمهم جاؤوا لتسجيل دعاوى مدنية بالنيابة عن موكّليهم.

لم تَنقُل هذه المشاهد التي سادها الضجيج وعدم الانضباط صورة جيّدة عن العدالة المصرية إلى مليارات المشاهدين، وشكّلت لسوء الحظ مادّة دسمة لمنتقدي العرب، شأنهم في ذلك شأن موشيه دايان الذي نُقِل عنه ذات مرّة قوله 'إذا كان العرب عاجزين عن ترتيب أحذيتهم أمام المساجد عندما يدخلون للصلاة، وهذا هو الحد الأدنى، فهم ميؤوس منهم إذاً...'.

والأهم من ذلك، يجب أن تكون المحاكمة عادلة خلافاً للمحكمة الصورية في العراق التي أرسلت صدام حسين إلى حبل المشنقة، فتخطّ بذلك مسار العدالة النزيهة في مصر بعد الثورة.

يجب أن تصدر الأحكام عن قضاة نزيهين بالاستناد إلى أدلّة دامغة. أخشى أن يتحوّل مثول مبارك أمام المحكمة محاكمة سياسية استعراضية، فيركب القضاة الموجة الثورية أو يتعرّضون للضغوط لاسترضاء الحشود في الشارع. إذا حدث ذلك، يجب أن يمثُل مبارك والآخرون أمام محكمة دولية.

أريد أن أرى مصر قويّة ومستقرّة وموحَّدة في ظل نظام سياسي تعدّدي، وأن يتمكّن البلد العربي الأكبر من إعادة تأكيد دوره كلاعب إقليمي أساسي. لكنني أخشى أن يُلحِق هاجس الانتقام وتأجيج الحساسيات المذهبية الأذى بتلك الأهداف.

مخطئ من يُفسِّر مخاوفي المشروعة بأنها تعاطف مع النظام القديم. فعلى سبيل المثال، كان مقالي بعنوان 'يجب أن لا تبقى مصر فريسة للأهواء' من المقالات التي نوقِشت الأسبوع الماضي في برنامج 7 Days على محطة 'بي بي سي'، ولا سيما تأكيدي بأن أشخاصاً مجهولين يدّعون أنهم يعرفون كل شيء يظهرون على الشبكات العربية ويزعمون أنهم يملكون تفويضاً للتلكّم باسم الشعب المصري. أنا أعتبر أن لا أحد يملك ذلك الحق قبل إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في أواخر الخريف المقبل.

أحد ضيوف البي بي سي كان الصحافي المصري عبدالله حمودة المقيم في لندن، وقد علّق على الفقرة المأخوذة من مقالي الآنف الذكر بالقول 'ينظر كل طرف إلى ما يجري في مصر من وجهة نظره أو من وجهة مصلحته...'. سعى مقدّم البرنامج إلى استيضاح كلامه هذا فسأله 'أتقصد هناك مصالح في الصحف كتابيا، تقصد عندما لا تذكر الصحف الخليجية ما يحصل؟ أتعكس مصالحهم هناك؟'

فأجاب السيد حمودة 'بالتأكيد، ما جاء على لسان رجل الأعمال خلف الحبتور يعكس موقف رجال الأعمال الخليجين الذين دخلو مصر في عهد النظام السابق والميزات التي حصلو عليها وقدرتهم على التعاون مع كيان الفساد الذي كان يسيطر على مقاليد الأمور'.

وأضاف 'وللأسف الشديد، حقق الكثير منهم مصالح بهذا الشكل وكنت أتمنى أن لا يتحدث رجل أعمال له مصالح في بلاد كثيرة، مثل خلف الحبتور، بهذه اللهجة، لأن ما يجري في مصر كان ضروريا، وكان يتعين على الناس أن يروه من وجهة نظر الشعب المصري وما يريده الشعب المصري وليس ما يريدونه هم'.

تصويباً للحقائق، لم ألتقِ قط الرئيس السابق مبارك أو أي فرد من عائلته أو أياً من الأشخاص المتّهمين. ولم أحظَ يوماً بمعاملة خاصة أو أحصل على أي امتياز من المسؤولين خلال زياراتي إلى مصر، ولا أملك أي مصالح تجارية هناك.

يبدو لي أن السيد حمودة نصّب نفسه في فئة الخبراء المزعومين الذين يعتقدون أنهم يعرفون ما يريده الشعب المصري، والذين لا يبدون استعداداً حتى للإصغاء إلى النصائح التي يسديها أصدقاء مصر البعيدون عن النار مما يتيح لهم أن يُظهروا موضوعية أكبر في آرائهم.

في الواقع، الأهم هو ما يحتاج إليه المصريون وليس ما يريدونه، وهي الحاجات نفسها للشعوب في كل مكان، ولا سيما القدرة على رفع رؤوسهم عالياً. الحقيقة هي أن المصريين منقسمون بشدّة. تريد الحركة الشبابية ديمقراطية على الطريقة الغربية تديرها حكومة مدنية من دون إشراف عسكري. أما الأقباط فيريدون زيادة تمثيلهم السياسي والحصول على حق بناء الكنائس. ويريد العلمانيون والحداثيون مجتمعاً مفتوحاً وحكومة لا دور للدين فيها.

ثم هناك المنظّمات الإسلامية مثل 'الإخوان المسلمين' الذين فعلوا كل ما بوسعهم لإخفاء أهدافهم الحقيقية في أعقاب الثورة، فوعدوا بعدم تقديم مرشّح للرئاسة أو بعدم التنافس على أكثر من 30 في المئة من المقاعد البرلمانية، فيما أطلقوا في الوقت نفسه حملة في العلاقات العامة لإظهار وجههم المعتدل والشامل الجديد. لكن الحقيقة بانت شيئاً فشيئاً. فقد شكّل 'الإخوان المسلمون' ائتلافاً مع مجموعات إسلامية متطرّفة وأنتجوا أحزاباً جديدة برئاسة قياديين مخلصين 'سابقين' في الجماعة يسعون خلف الرئاسة.

وقد سقط القناع عن وجه 'الإخوان المسلمين' يوم الجمعة 29 يوليو عندما طالبوا إلى جانب إسلاميين آخرين بإنشاء دولة إسلامية خاضعة للشريعة، وراحوا يهتفون 'إسلامية، إسلامية، لا نريد دولة ليبرالية'، وحمل بعضهم صوراً لبن لادن.

بما أن الغالبية الكبرى من المصريين مسلمون، من الطبيعي أن تأخذ الدولة المبادئ الإسلامية في الاعتبار، بيد أن هؤلاء المتعصّبين يريدون جمهورية إسلامية سنّية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيعية، الأمر الذي من شأنه أن يتسبّب بعزلة مصر على الساحة الدولية، ويُحدث كارثة اقتصادية، ويقضي على الحرّيات الشخصية. إذا حدث ذلك، غالب الظن أن القيادة المصرية ستتطلّع إلى طهران بحثاً عن الدعم السياسي والاقتصادي، وتقع تحت سيطرة آيات الله كما حصل في العراق وسوريا ولبنان.

لقد ظهر 'الإخوان المسلمون' وأخيراً على حقيقتهم، وآمل أن يعي المصريون مدى خطورتهم. بدأت وفود إيرانية تزور مصر بانتظام لإجراء مباحثات مع النخب السياسية والدينية.

مصر بحاجة ماسّة إلى قائد حازم ومتمسّك بالمبادئ، وفي الانتظار، يجب أن يتوقّف الجيش عن الخضوع لأهواء المتظاهرين الذين يتسكّعون في الشوارع من دون أن تكون لديهم أي رؤية فعلية، وينبغي عليه أن يُحدّد خطوطاً حمراء للإسلاميين ويمنع عليهم تجاوزها.

فمثلما أطاح الجيش بالملك فاروق عام 1952 واستبسل في الدفاع عن مصر في وجه العدوان الخارجي، يجب أن يبادر إلى التحرّك الآن كي لا تغرق سفينته وتجرفنا نحن الباقين معها. يخوض المصريون معركة حياتهم، وإذا كانوا عاجزين عن رؤية ذلك، من واجب أشخاص مثلي، أنا العربي الأبي الذي لطالما أحبّ مصر، أن يساعدهم كي يفتحوا عيونهم ويكونوا متيقّظين.


 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-08-2011 11:04 AM

أشكر الأستاذ الكاتب - و أوافقه الرأي ، نعم يجب وضع حد لجماعة الاخوان المسلمين ، و يجب الاسراع بالانتقال للانتخابات الجديدة -

ملاخظة للسيد الكاتب ، أرسلت لكم ايميل ارجو الاطلاع عليه

2) تعليق بواسطة :
07-08-2011 11:32 AM

لا يجوز المقارنه بين الشهيد صدام حسين ومحاكمته لان صدام حسين حاكمه المحتل الامريكي وليس العراقيين لان الكومبرس الذي كان في المحكمه عباره عن مجموعة من الشيعه والفرس المأجورين ابناء ابن العلقمي لكن محاكمة الامعه حسني وابنائه الذين فتكو با الشعب المصري والعربي ومن ورائهم وجعل الامه العربيه عباره عن راقصه وبائعة هوا بسسب خذلانه وجبنه الى الجحيم هو ومن يدافع عنه .. انت رجل صاحب مال تاجر فقط لاتزج نفسك في ما لاتعرف وتستعين بمن يكتب لك حل عن سمانا .. الواحد قرفكو

3) تعليق بواسطة :
07-08-2011 02:56 PM

قبل أن تنصح المصريين بإصلاح أنفسهم روح أصلح بلدك أولاً والتي تفتقد إلى أبسط حقوق الانسان .. أنا أعتقد إنه سقوط مبارك كان أكبر خازوق غير متوقع لدول الخليج بس معلش تعيشو وتاكلو غيرها وقد حاول الكثير تخريب الثوره المصريه بكافة الوسائل ... مصر والمصريين لسو بحاجه لنصائحك يا أستاذ فهي التي علمتك أنت وأمثالك ألف باء الكتابه .. كان عليك أن تنصح ولاة الأمر في بلدك قبل أن توزع نصائح على الآخرين .

4) تعليق بواسطة :
07-08-2011 03:33 PM

شكل الكاتب من لبسه خليجي والمشكله الاكبر بيعتقد انه مصدق ومهظوم على راي اخوانا الشوام واللبنانيه لانه في منطقه تعيش على فلوس النفط فيجب ان يصدق كما يعتقد هو والكثيرون من امثاله ويتحدث عن عملية اعدام صدام حسين رحمه الله مدافعا ناسيا انه وامثاله من طالب باعدام صدام حسين بعد ان فتحوا حدودهم وكرسوا اموالهم لتدمير العراق اما عن الفوضى بمحاكمة فرعون مصر المخلوع فيتحدث عن الفوضى في المحكمه علما بان القضاء المصري هو من انزه واقوى قضاء على وجه الكره الارضيه وينتقد المحامين الذين اقل درجه يحملونها الدكتوراه في القانون ومستشارين وانت ليس مؤهلا لان تنتقدهم ولكن ما قصده وما يريده عدم المحاكمه لانهم خسروا هم واسرائيل اكبر داعم استراتيجي للدكتاتوريه والتبعيه للبيت الابض في واشنطن وتميع المنطقه ليبقوا على كراسيهم جالسون ويمدون ايديهم ورجليهم للبشر حتى يقبلونها ليحصلوا على قوت ابنائهم بامتهان كرامتهم

5) تعليق بواسطة :
08-08-2011 08:27 AM

شكرا لخلف الحبتور على المقال الصريح. الكاتب معروف بأرائه الجريئة والصريحة. وفي كثير ناس لما تقرأ لا تفهم، والظاهر انو هذا الوضع عند "الأستاذ" سومر. الا ترى ما الذي يحدث يوميا في مصر؟ والفوضى وقلت الأدب في الكلام عن شخص كان رئيس دولة؟ لا تحترم الشخص، ولكن على الأقل أحترم المركز الي كان فيه. على كلٍ، اي عاقل يعلم الخطر المحدق بمصر وخوف الشرفاء والشجعان عليها... غير ذلك، من شاهد الTV يوم 29 يوليو يعلم ان مصر في كف عفريت ويخشى على مستقبلها من بعض ابنائها والمغرضين. الله يحمي مصر...

6) تعليق بواسطة :
08-08-2011 08:28 AM

أشكر الكاتب على طرحة للموضوع بشكل حيادي وتسليطه الضوء على مصلحة مصر كبلد بغض النظر عن المؤيدين او المعارضين للنظام السابق.
جميعنا ننتظر موعد الانتخابات لتكون الحد الفاصل لكل هذه الفوضى

7) تعليق بواسطة :
08-08-2011 08:31 AM

كمواطن عربي فخور بعروبتي ، كنت اتمنى لو تبقى التعليقات ضمن باب الادب. والله عنده حق الكاتب الحبتور، إذا نحنا مش عارفين نحط تعليق بأدب وننتقد بطريقة موضوعية، كيف سنبني دول؟؟ الله يسترنا.

8) تعليق بواسطة :
08-08-2011 08:49 AM

والله يا استاذ سومر، (حرام عليك كلمة استاذ) انك مش فاهم شيء من شيء. إذا كنت تعتقد ان ابناء الإمارات يعيشون على النفط فقط فانت جاهل، ابناء الإمارات يعملون بجد ويتعبون ويجتهدون للنجاح. ياريت اهل مصر يستعيون بما حققوه ليرسمو مستقبل مصر الجديد ويعملو لوضع خطط، بدل ما يضيعوا وقتهم ووقت الناس في الميادين والمحاكم، كانما هم سعيدين بالفوضى والبطالة، وكأن هذا كان هدف الثورة اللي عملوها. خلص شالو مبارك، طيب خير؟ اليس من الأفضل ان يقلبو الصفحة وبيدأ العمل الجدي للحاق بالدول الخليجية الناجحة حتى يصيرو 10% منها بدل ما ينتقدوها؟؟؟؟ ولا إنتَ تفضل الفوضى وقلة الأدب يا سومر؟؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012