أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


فؤاد البطاينه يكتب..."الاستحمار" ينشط في بلادنا

بقلم : فؤاد البطاينه
03-06-2017 06:26 PM
يشقى انسان الغابة ، كما يشقى الانسان المواطن ابن الدولة ، ليؤمن حاجاته الاساسية كمخلوق حي ولد بغريزة البقاء ، وهذه الحاجات هي الغذاء والأمن من واقع محذوري الجوع والخوف ، كما ورد في القرآن الكريم ثم في ميثاق الامم المتحدة كهدف أسمى للدول . وهذه الحاجة الأساسية التي أوكلت للدولة تَستوجب منها تأمين حاجات اخرى شَرطية ، كالحرية الشخصيه والعدالة والتنميه وتحقيق الذات والحفاظ على الوطن والارتقاء بالمواطن وبكل ما يؤمن له الكرامة الانسانية .*

هذه الحزمة هي من الثوابت لأي شعب في الدولة التي مكوناتها السلطة والشعب والارض . ومن أجلها يقدم ويدفع الشعب (ومفرده مواطن ) لخزينة الدوله مقابل تأمينها له . والسلطة هي الموكلة بتأمينها . وهي لذلك تمتلك بالتفويض وسائل القوه والعمل والتنفيذ . وإذا فشلت في تأمينها فإنها بالضرورة تفقد مبرر وجودها وشرعيتها ويلزم تنَحيها واستبدالها بغيرها . وآلية تنحيها موجودة في الدول الديمقراطية ، أما في الدول الاخرى فالآلية هي اخلاق الرجال أو العصيان المدني .*

فكيف سيتطور وضع الدولة عندما تَفتقد سلطتَها للأخلاق من اجل التغيير ، وتفتقد بنفس الوقت الى الشعب الذي يمارس واجبه في مواجهتها . الأمر عندها لا يتوقف عند حد الدولة الفاشله التي لا رابط سليم بين مكوناتها ، فإصرار السلطة على البقاء يُحتم عليها أجندة أخرى تُرسخ من خلالها وجودها ومصالحها . وليس أمامها لتحقيق غايتها إلا مكوني الوطن والشعب ، فيصبح الوطن سلعة اقتصادية او ورقة سياسية ، أما الشعب فتَعزل َالسلطة نفسها عنه وتُفقده اعتباراته الإنسانية والقانونية ، ويعامل كشعب من العبيد في رجعة تاريخية . ومثل هذه الدولة لا مكان لها في عالم اليوم وبالتالي لا مكان ولا مستقبل لمثل هذه السلطة .*

الاردن يعاني وضع هذه الدولة ، والسلطة تتعامل مع هذا الوضع بأسلوب الديكورية و الإستحمار . والاستحمار سياسة قديمة ، وتسمية لموجود لا يسمونه باسمه . سياسة من المفترض أن يمارسها السلاطين الذين يعيشون ما يسمى ب 'حالة الملوك ' التي فيها الحاكم لا يسمع ولا يرى ولا يحس بشعبه ، إذ لا حاجة له يذلك . إلا أن الفرادة في بلدنا أن حالة الملوك هذه أقطعت لرؤساء الحكومات ومن في صفهم وأصبحوا يستحمِرون الشعب أيضا وهم يعلمون أن ليس في الشعب حمارا.*

الاستحمار سياسة صُممت للمجتمعات الجاهله وتُمارَس عليها في الأصل سياسيا ودينيا. ولكن حقولها توسعت . وما أن يمارس شيئ منه في دولة ديمقراطية ، سرعان ما يُكتشف ويفشل . فهل شعبنا الذي يَضحك على سياسة الاستحمار بأجلى صورها جاهل وغير واع على الواقع حتى تستمر هذه السياسة ؟ ، أم أن المستحمِرين ِ الذين يجمعون بين الغباء والتذاكي وبين الجهل والأستاذية وبين الوطنية والخيانة وبين التين والدين يفعلون ذلك كسنة يقتدون بها ؟. قد يكون ذلك ، ولكن باعتقادي أنهم لا يستحمِرون إلا أنفسهم .*

أسقَقط المستحمِرون دعوانا عندما نصَّبوا انفسهم قضاة . وسرقوا حجتنا عندما ما نصَّبوا انفسهم محامون لنا ، واغتصبوا شعاراتنا عندما تبنوها ، وحتى نفاقنا يركبونه عندما يطوفون حول الكعبة ، والكعبةُ أيضا لا تتكلم لتدافع عن نفسها . فلم نعد نُفرق بين خطابنا وخطابهم ، لتسجل الجرائم باسم فاعل مجهول .*

يعرف الاردنيون سوسهم ، ويعرفون المتطفلين وكل جلاديهم من عبيد السلطة والمال ، ويُفرقون بين الناسك وثيابه وبين الحمار والمستحمَر . لكن حالة الملوك عندما تُمنح الى هؤلاء العارفين بأن التكليف فرصة قصيرة ، يتحول عندهم الصَمم والعمى وانعدام الحس الى نَهَم فاضح في الافتراس والنهب والاستباحة بالصوت والصوره والفعل تحت الضوء ، يُسابقون الزمن والأحداث رافعين راية الفساد في بلد لا يرون لأنفسهم فيه مستقبلا . وفي استمرار غياب الشهامة والقانون ، ستكون الخيارات أمامنا مقلقه .*




التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-06-2017 06:43 PM

نعم كان الاستحمار ولا يزال الا انه اصبح ينشط كثيرا وزاد عن حده وفاض واصبح يشتي شتاءا غزيرا .بعد ما كان ينقط تنقيط ..

2) تعليق بواسطة :
03-06-2017 08:48 PM

مقالاتك سيدي الكاتب تأخذ منحى تصاعديا وتزداد فيه الجرأة بتسارع . وانطباعاتاك وتحليلاتك ليست من فراغ .

لك كل الاحترام استاذ بطاينة

3) تعليق بواسطة :
03-06-2017 08:57 PM

نعتذر

4) تعليق بواسطة :
03-06-2017 11:57 PM

مساء الخير للجميع أتمنى من الكاتب المحترم ان يذكر تلاميذه اثناء عمله وذالك للمقارنة وكل الاحترام للمحرر

5) تعليق بواسطة :
04-06-2017 02:04 AM

رائع أنت أخينا العزيز أبو أيسر ومداد قلمك الحر يعبر عما يختلج في نفس كل مواطن منا وصل بؤسه وشقاؤه وقلقه على مستقبل أبناؤه ووطنه وأمته إلى ما يقض مضجعه .
نعم كل ماجاء في مقالتك هو لسان حال كل مواطن فينا يرى وطنه دخل إلى نفق مظلم لايبدوا أن لا نهاية له .

6) تعليق بواسطة :
04-06-2017 02:24 AM

مع الأسف الاستحمار من ٣٠سنة وليس اليوم.............................

7) تعليق بواسطة :
04-06-2017 08:05 AM

صباح الخير للجميع وتحياتي للعزيز ابا وسام الاستاذ طايل
1 -عنوان المقال هو الاستحمار ينشط بمعنى انه موجود وقد عبرت كلمات التعليق رقم 1 عن ذلك وعن المقصود والمشكله الجديده ان تركب الحمير سياسة الاستحمار .
2 - لم أكن يوما معلما في عملي او خارج عملي لأحد سوى أبنائي . لو وضحت لي سؤالك لكان هناك توضيح أكثر مني

8) تعليق بواسطة :
04-06-2017 08:06 AM

3 - أكتب بما أعتقده متحاشيا سطوة القانون او تفسير القانون او تطويعه قدر الامكان في كثير من الأحيان . وسقف الكلام مختلف من ظرف لأخر لأنه مرتبط بالظرف ولعلمك ما كان خيانة في الماضي اصبح اليوم قمة الوطنية وما كان وطنيا هو اليوم من ضروب الخيال . والكلمة التي كانت تسوقك الى سجن الجفر تكتب اليوم فيها كتاب ولا أحد يسألك . وقليل من الناس ما زال يعيش في الماضي .

9) تعليق بواسطة :
04-06-2017 08:09 AM

اما المقال فيتكلم بموضوع بتكلم به ابسط الناس بوضوح ، في حين اني لم اتكلم به بوضوح ليصبح صالحا للنشر .
4 -أما عن الفراغ فإن كنت تقصد أن وراء المقالات معلومات فهذا غير موجود . وإن كان كلاما لا يحمل أكثر من ذلك فاقول لك نعم لا شيء يأتي من فراغ والحدث الوحيد الذي اختلف البشر فيما اذا جاء من فراغ هي النطفة الأولى التي تطورت وكبرت واحدثت الانفجار الكوني واوصلتنا الى

10) تعليق بواسطة :
04-06-2017 08:11 AM

هذا اليوم . وهي نقطة الاساس والاختلاف بين الالحاد والايمان . وما دون ذلك لا شيء من فراغ

11) تعليق بواسطة :
04-06-2017 08:31 AM

نعتذر

12) تعليق بواسطة :
04-06-2017 09:33 AM

واضح من خلال نبرة المقال واللغه التي صيغ بها مستوى الغضب من الواقع المرير والمتردي الذي وصل اليه مفكرنا العزيز وقد تخلى قليلا عن لغته الدبلوماسيه المعهوده
سيدي لا الومك على ماكتبت فانت تعبر عن غيرة وطنيه وخوف مبررعلى الوطن والشعب لكن ارجو من الله ان لا نصل جميعا الى درجة الاحباط والقنوط لاننا حينها سنصل الى الكارثه لا سمح الله
وسيبقى الامل بالله والناس طالما في هذه الامه رجال لا يخشون قول الحق

13) تعليق بواسطة :
04-06-2017 11:29 AM

المقال جريء أخي ابو ايسر اذ لم يعد هناك مكان للغة الدبلوماسيه, ونعي ان القادم مظلم,, نعيش الواقع بمرارته ولربما نستطيع ان نكتب مجلدات في ما يعانيه انساننا ولكن بنظرك ما هي الحلول لمشكلاتنا وكيف ترى في امكانية البدء كبادرة حُسن نيه للاصلاح بكل اشتقاقاته سياسي واقتصادي ومجتمعي,, وهل بقي هناك من لم يركب موجة التطاول على الانسان والدوله؟؟ كما هل بقي هناك أنقياء يمكن أن يولوا الأمانه ونثق بهم؟؟

14) تعليق بواسطة :
04-06-2017 12:37 PM

هل للإعلام دور في سياسة الاستحمار سواء كان سلبي او إيجابي ه

15) تعليق بواسطة :
04-06-2017 12:46 PM

لم يبق من لم يشخص المرض ولم يبق من لم يضع حلول له حتى اصحاب القرار والمرض باختصار هو في الفقرتين الاولى والثانيه والسلطة التنفيذية هي سببه ولذلك فإن الحلول الطبيعية عليها السلام . والحل يصبح في الفقره الثانيه والاخيره . المرض

16) تعليق بواسطة :
04-06-2017 01:16 PM

تحياتي . لم يبق من لم يشخص المرض ولميبق من لم يضع الحلول حتى أصحاب القرار .الكل متفق على أن سبب المرض هو السلطة التفيذيه .لذلك يكون التشخيص باختصار هوما جاء بالفقرتين 1 و 2 ويكون الحل المنطقي هو في الفقرتين الثانيه والأخيره

17) تعليق بواسطة :
04-06-2017 01:22 PM

ما العمل؟؟؟
هذا هو السؤال، ماركس في كتابه بؤس الفلسفة ،يقول إن الفلاسفة الذين سبقوه أبدعوا في وضع المقولات المتضاربة في تفسير العالم ،وأما هو وفِي الفلسفة الماركسية ،يريدون تغيير العالم ، والإيرانيون وغيرهم من الامم تقوم مشاريعهم على أساس المشاركة بإدارة العالم ، أما نحن فماذا نزيد بالضبط،وكيف ؟؟؟؟
فما العمل ؟؟ تلك هي المسالة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012