أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


قصة عِشق خلدها التاريخ

بقلم : فراس الطلافحه
14-08-2017 09:00 AM
أجمل البيوت هي تلك التي تقوم أركانها على الحب والعشق والوصال والمودة والرحمة وأما أشقاها فهي من تقوم على البُغض والكُره والشك فهذا النوع من البيوت سريعاً ما ستتخلخل أركانه الهشة لِتهوي على أصحابه .

كان ذلك قبل أكثر من 1000 عام من الآن حينما كان يتنزه الملك الأندلسي أبو القاسم محمد بن عباد مع الشاعر الاندلسي إبن عمار في أحد متنزهات إشبيلية فقال له : ( صُنع الماء من ريح الزرد ) ثم سكت كعادته وكأنه يقول لإبن عمار أكمل البيت ولكن بديهة إبن عمار لم تسعفه في الرد بسرعة ولم يستطع إكمال بيت الشعر فيما يوافقه وكانت بجانبهم إمرأة تغسل الملابس فنظرت إليهم وأكملت البيت وقالت : ( أي دِرع لِقتالٍ لو جُمد ) فأعجب الملك بسرعة بديهتها وجمالها وموهبتها في الشعر وبعد الإستفسار منه عنها تبين أنها جارية وإسمها إعتماد الرميكية فقام بشرائها وتزوجها ودخلت قصره ملكة بعد أن كانت جارية وكانت أحب زوجاته إليه وأكثرهن تأثيراً عليه فلقد كانت جميلة الهيئة والقِوام طيبة المعشر وحلوة اللسان خفيفة الظل فَفُتن بها وكانت قصة العشق بينهم من القصص التي خلدها التاريخ ومازالت حاضرة للآن ويتم تناولها في الأدب كنموذج راقٍ عن الكيفية التي يجب أن تكون عليها العلاقة ما بين الزوجين .

ومن قصص إفراط الملك أبو القاسم في تدليل زوجته وحُبِه وعشقه لها ومما ذكره المؤرخون أنه في ذات يوم إشتاقت إعتماد أن تسير على الطين وتلعب به فأمر أبو القاسم بأن يسحق الطيب ويخلط ويعجن مع الزعفران بعد أن يصب عليه ماء الورد وتغطى به ساحات القصر فكان لها ما أرادت وسارت عليه ولعبت هي وجواريها وبعدها بأيام خاصمته لأمر ما حدث بينها وبينه وكعادة النساء قالت له : لم أرى منك خيراً يوماً فقال لها : ولا يوم الطين ...؟ فخجلت من نفسها وأقبلت عليه وضمته وبكت على صدره .

قصة أخرى تظهر مدى عِشق الملك أبو القاسم لزوجته إعتماد حيثُ سمعت ذات يوم أن الثلج يهطل في بعض مدن الأندلس ولا يهطل في المدينة التي تقيم فيها فطلبت منه أن يصطحبها لترى الثلج فأمر بزراعة أشجار اللوز على الجبال لتظهر حين تزهر أغصانها وكأنها ممتلئة بالثلج .

أما القصة الأخيرة والأجمل فهي إشتقاق لقب له من إسمها يُنادى به ليبقى إسمها حاضراً في قلبه على الداوم فكان لقبه المعتمد بالله وهنا لا بد أن أقف عند هذه الجزئية وأقارنها بما نلاحظه من بعض الأزواج هذه الأيام وحياؤه من ذكر إسم زوجته فالبعض يطلق على زوجته إسم البيت أو الحرمه أو أم العيال ولقد سمعت بأذني أحدهم يقول الحرمة أجلكم الله وكأنها شيئ نجس ولا يجب ذكره مع أن رسولنا ومعلمنا صلى الله عليه وسلم لم يكن يخجل من ذكر إسم زوجاته ويدللهن ويتفاخر بهن .

قد يهرع أحدهم الآن إلى محرك البحث جوجل ويقرأ القصة ويعلم ماذا أدت علاقة الحب هذه بالملك ومملكته فيعود ويدلي بدلوه للمناكفة وللإختلاف معي وخلق جدال لن ينتهي فأرد عليه قبل أن يشق على نفسه وأقول له : أعلم كل ما ستذكره ولقد قرأت القصة قبل أكثر من عشرين عاماً وأنا هنا لم أتناولها كبحث سياسي , أنا تناولتها فقط كعلاقة جميلة ما بين رجل وزوجته وكحاكم وملك لم يُشغله مُلكه أو مسؤولياته الكثيرة عن ممارسة حبه لزوجته .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012