أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


الكباريتي وخريف البطريرك

بقلم : عيسى محارب العجارمة
20-08-2017 05:30 PM
تدور تكهنات بقرب رحيل حكومة هاني الملقي رئيس وزراء الاردن الحالي ، وتهمس الصالونات السياسية بالعاصمة الاردنية عمان ، بأسماء عدة شخصيات وازنة لخلافة الرجل ، بالدوار الرابع مقر الحكومة بجبل عمان ، ومن بين هذه الشخصيات يبرز بقوة اسم دولة السيد عبدالكريم الكباريتي ، رئيس مجلس ادارة البنك الاردني الكويتي منذ حقبتين من الزمن ، ورئيس حكومة أسبق بعهد المغفور له بأذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله ، والذي عهد أليه رئاسة الحكومة بعد نهاية دامية لحرب الخليج الثانية ببداية تسعينات القرن العشرون ، وللأمانة فقد كانت تلك المرحلة المصيرية محطة عسيرة سياسيا ووجوديا على النظام الاردني الهاشمي ، وتطلبت وجود رئيس حكومة مبدع خلاق ، يستطيع طي صفحة الخلافات مع دول الخليج العربي، وخصوصا دولة الكويت الشقيقة .

واعطى الحسين رحمه الله القوس لباريها ، ونقصد به السياسي الاردني الداهية عبد الكريم الكباريتي ، والذي وخلافا للمزاج الشعبي العام المؤيد للرئيس العراقي الاسبق صدام حسين ، قد أستطاع وبمنتهى الحنكة والدراية ، ان يمخر عباب البحر الهائج المائج ، بسفينتنا السياسية التائهة بين صدام والخليج ، ويوجه بوصلتها صوب الخليج العربي وتحديدا الكويت ، وكانت فترة منتصف التسعينات قد شهدت حصارا اقتصاديا عربيا وغربيا خانقا على العراق الشقيق ، وكثرت عمليات الهروب والنزوح القسري لفئات وشرائح متعددة من المجتمع العراقي نتيجة الحصار الظالم ، والسياسة الرعناء الهوجاء لرأس النظام العراقي الرئيس صدام ، الذي ركب موجة الغرور والانتحار السياسي البطيء بمنتهى الصلف ومنذ خروج جيشه المهين من الكويت .

كان الغرب والشرعية الدولية قد اعتبرته منذ ذاك التاريخ خارجا عن القانون الدولي ، ومجرم حرب قتل شعبه وخصوصا الاكراد بالسلاح الكيماوي ، وكان الاردن يحاول جاهدا اقناع الحليف السابق والديكتاتور القوي على الساحتين العربية والعراقية ، بتغيير لغته الخشبية بمواجهة الخداع السياسي الغربي وفتح صفحة جديدة من علاقات المودة والاحترام مع دول الخليج والكويت ، الا ان الرجل كان قد وصل لمرحلة الخرف السياسي ، الشبيه بدكتاتور رواية خريف البطريرك الشهيرة من الادب اللاتيني الحائز على جائزة نوبل للأدب .

كانت عمان خلال رئاسة الكباريتي لمجلس الوزراء ، على موعد مع مفاجأة غير سارة بالتأكيد ، الا وهي نزوح الفريق حسين كامل وشقيقه صهري الرئيس العراقي ومعهما كريمتيه زوجتيهما واحفاده ، احتجاجا على خريف البطريرك العراقي الذي أفل نجمه السياسي والحربي بالمنطقة والعالم ، ومن اقرب المقربين اليه لا بل من دائرته الضيقة كضيوف الاردن من الوزن الثقيل ، وأسقط في يد الاردن الهاشمي وقائده الشجاع الملك الحسين هذا الفرار، والاستجارة بالطريقة العربية المعهودة واجار ضيوفه ، بكل شمم وشهامة الهاشميين والعرب الاصلاء .

كانت لحظة فارقة وصادمة بتاريخ العلاقة التاريخية بين عمان وبغداد ، والتي تم تدشين اواصرها منذ بداية الحرب العراقية الايرانية ، او ما عرف بحرب الخليج الاولى على يد القائدين الراحلين صدام والحسين رحمها الله ، ووقف الاردن بجانب نصرة المظلومين والمضطهدين صهري الرئيس وكريمتيه ، كعادة هذا البلد الشهم الاشم ، ونحن نفتخر لليوم بان دخيلة عبدالله الثاني رغد ابنة الشهيد صدام حسين المجيد ، لا زالت تعيش بين ظهرا نينا رغم ضراوة المطالبة بها من ازلام ايران ، وممن اتوا على الدبابة الامريكية من حكام بغداد الجدد .

وكان القرار الصادمة والمفاجئ للعائلة المكلومة بالعودة المفاجئة لبغداد ، رغم نصائح الملك الحسين لها بعدم تلك المغامرة نحو المجهول ، فعاد مسؤول التصنيع العسكري العراقي المهندس حسين كامل وعائلته لبغداد، ليلقى مصيره المحتوم غيلة وغدرا ببلد الشقاق والنفاق منذ بداية التاريخ ولليوم ، وكان عبد الكريم الكباريتي اسدا هصورا برده على اسئلة الصحفيين حول تلك الجريمة النكراء وقال :- لقد تركت العائلة الشهيدة جيرة ابو عبدالله واختاروا جيرة ابو عدي الذي غدر بهم ، ليستشيط الدكتاتور العراقي الاسبق غضبا وغيضا على الاردن البلد الصغير المجاور ، وكاد ان يكرر مغامرته المجنونة بغزو الكويت لولا معرفته الاكيدة برجالات الاردن كالحسين والكباريتي وجيش الاردن العربي فأذعن صاغرا ولله الحمد بتصريحات غاضبة بدوائره الاعلامية الضيقة .

كانت تلك الوقفة النبيلة للأردن الهاشمي ملكا وحكومة وشعبا ، بداية عهد جديد من تحسن العلاقات والمناخ الاقتصادي مع دولة الكويت والخليج العربي وخفت الحصار الصامت الخانق على الاردن وميناء العقبة وانسابت السلع والبضائع وتراجعت حمأة الغلاء والاسعار المجنونة ومارس دولة الرئيس الكباريتي الولاية العامة للحكومة بمنتهى الشفافية ، وتمت اعادة هيكلة للاقتصاد الوطني المترهل على يدي الرجل الفذ اقتصاديا وسياسيا .

ان عودة الرجل المخضرم للدوار الرابع هي بمثابة الخروج من عنق الزجاجة والتي وصلنا اليها نتيجة جلد الذات بحكوماتنا المتعاقبة ، ونظامنا السياسي الراسخ بحقوق الانسان واحترام سيادة القانون ، والدستورية السياسية الهاشمية وحكم الشعب للشعب هو دينها وديدنها ، عكس ديكتاتوريات القومية العربية الهالكة ، التي اوصلت نفسها وامتها لتخوم التهلكة والهاوية ، فالكباريتي رجل اصلاحي بكل ما تحمله الكلمة من معنى والله من وراء القصد .

واتساب 0778757183

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012