أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


البطاينه يكتب...هل الاردن مستهدف من السعودية على خلفية تفاهمات مع اسرائيل

بقلم : فؤاد البطاينه
20-12-2017 06:20 PM
كجزء رئيسي في سياسته الخارجية اختط الاردن سياسة التحالف والاحلاف واتخاذ المواقف العلنية من الأحداث والاصطفافات في المنطقة والعالم ، وسار على هذه السياسة منذ نشأته في بداية عشرينيات القرن الماضي ولغاية حكم الملك عبدالله الثاني . وكان ذلك لأسباب حمائية تتعلق باستهداف الاردن كنظام من جيرانه ودول الطوق لعدم تقبل سياساته إزاء القضية الفلسطينية وتحالفه مع المعسكر الغربي ، وما رافق ذلك من صراع سياسي مع المنظات الفلسطينية على خلفية تمثيل الاردن للفلسطينيين في المحافل الدولية ، باعتبار الوحدة بين الضفتين كانت ضما لا خيارا فلسطينيا اردنيا.

بل كانت الدول العربية تطالب الملك بفتح الجبهه الاردنية الطويلة مع اسرائيل لعمليات مقاومه وهي تعرف وضعه السياسي والعسكري والتحالفي . بمعنى ان سياسة الاردن بوضعه الخاص كانت قد جَعلت منه شماعة للعجز العربي ولذاك الاستهداف في حينه . وجعلت من لجوء الاردن لسياسة الاحلاف ركيزة أساسية لحماية النظام .

مع سقوط النظام العربي وتعرية الانظمة العربية وسياساتها المزيفه زال الاستهداف العربي للنظام الاردني وانضم الاردن لجوقتها . وجاء الملك عبدالله الثاني وترك سياسة الاصطفافات والتحالفات الاقليمية والدولية واعتمد سياسة الابتعاد عن اتخاذ موقف واضح وعدم قطع الحبل مع اي دولة عربية وغير عربية ، وكانه يريد ان يمشي بلا مظلة بين حبة المطر والأخرى دون ان يبتل . فاصبح الاردن بلا لون ولا وزن ، فاقدا لدوره المركزي التقليدي على الاصعدة العربية والاقليمية ، والأهم على صعيد القضية الفلسطينية . واصبح يتراءى للبعض أن ما يهم الاردن من القضية ليس أكثر من الرعايه الهاشمية للأماكن المقدسه .

لفد ترافق انحسار الدور الاردني التقليدي مع تمسك قيادته الهاشميه الشديد بحل الدولتين تجنبا لاستهداف اسرائيل للاردن كوطن بديل في الوقت الذي رسخت فيه اسرائيل واقعا جغرافيا وديموغرافيا على الارض الفلسطينية لمنع قيام الدولة الفلسطينيه ، مما جعل من الملك الاردني او القيادة الهاشمية هدفا اساسيا لاسرائيل . وتزامن هذا مع ترسيخ السقوط العربي وعدم اعتبار اسرائيل عدوه لكثير من الدول العربية التي باتت تخطب ودها ، فركزت اسرائيل على التخلص من الملك باستعدائه وإنهاء دوره وابعاده عن دور الشريك او الوسيط في المسار الفلسطيني الاسرائيلي، وبتجاهل معاهدة وادي عربه ، واتبعت سياسة اخرى وهي الحط من شرعيه القيادة الهاشميه القومية والدينية والوطنية ، وتسريب اخبار ومعلومات ووثائق لم نسمع ضحدا لها من شانها ان تثير الاردنيين والفلسطينيين عليه .

ولم تقف اسرائيل عند حد فتح الخطوط على مصراعيها مع دول الخليج على حساب الاردن ، بل بدأت في تسخيرها لمحاصرة الملك عبدالله ودولته ماليا وسياسيا . وللعلم هنا أو التذكير فإن العلاقة السعودية الهاشمية لم تكن يوما ومنذ خروج الهاشميين من مكة سليمة النوايا من الجانب السعودي ، الطامح للشرعية الدينية والعربية ولأردن ضعيفا ومادا يده دائما ، رغم ان الهاشميين استسلموا للامر الواقع الذي فصلته بريطانيا واصبحت ترعاه امريكا ولم يعد يريد من السعودية سوى الدعم المالي .

وللأسف ، لم تبق دولة في العالم الا واصبحت تنظر الى الاردن بأنه صبور ومتقبل ومفتاحه هوالمال القليل او الوعد به . وحتى الصندوق الدولي المسير امريكيا لم يستفرد ويُسير بلدا في العالم كما يسير الاردن من اجل قرض يزيد الطين بله . اما هذه النظرة بالنسبة للسعودية فهي مزمنة واعتمدتها السعودية كسياسة لها مع الاردن منذ عقود طويلة وأملتها على غيرها او علمتها لغيرها من دول الخليج . فقد اعتادت على ان تتخاطب مع الاردن في كل حركة له من خلال رسائل التلكؤ او الحجب لمساعداتها التي توعد بها ، في عملية ابتزاز واضحة دون وازع من ضمير عربي .

مخطئ من لا يعتقد اليوم بأن الاردن مستهدف من السعودية على خلفية جديدة لا تقوم هذه المرة على الابتزاز ، بل في سياق التفاهمات الاسرائيلية السعوديه وجزئيتها المتعلقة بصفقة القرن التي تتطلب حسم مسألة القدس بالصدمة والترويع كمقدمة اساسية لها ولتصفية القضية الفلسطيية في الاردن وسيناء . وهذا ليس كلاما لمقالات وتقارير صحفيه بل وثائق ومخططات طرحت على طاولات العواصم المعنية . وان الطرفين المستهدفين فلسطين والاردن محرجان ومترددان وعاجزان عن المواجهة وعن تفجير هكذا مخططات . فنراهما اعتذاريين ودبلوماسيين للمحج والعراب السعودي حتى لا تحدث المواجهه التي تقلب الطاولة عليهما علانية ، مع أنهما هما الشرق الأوسط وقوته السياسية لو توحدا .

لا أعتقد بأن سياسة الملك عبدالله القائمة على التطرف بالاعتدال والحيادية وخفض الصوت ، إزاء الصراعات والأحداث السياسية القائمه والمتطوره بالمنطقه ستقوده او تقود الاردن الى ما يتمناه ، ولا إلى ما يحمد عقباه . فالأردن كدوله هو مستقر الحدث والمؤامرة على القضية الفلسطينية ، والاردن كنظام وطموحات يشكل عقبة أمامها ورهانا للمتفائلين . وإن رفضه لتفسير التصريحات والاحداث والتحركات السعودية على محملها لن يغير من واقعها شيئا . واستباق الأحداث افضل من انتظارها .

الأردن أمام مشاكل قائمة وأخرى منتظر قيامها على حدوده الاربعة والتهديد المحتمل منها طبيعته عسكرية وأمنية لغايات إذا لم تكن سياسية فنتائجها ستكون سياسية . وليست له حوارات مباشرة بشأنها مع اصحاب الحدود ولا مع غيرهم تقوم على تفاهمات واضحة واستراتيجية .

على الاردن أن يعلم بأنه أمام قيادة سعودية تبدو هوجاء جدا وانتقامية ، انسلخت عن ماضي السعودية وتقاليدها العائلية وعن دبلوماسية التعامل مع لتقاليد العربية او الاسلامية ، واتجهت للأسوأ ضد نفسها وغيرها معتمدة على نصائح وطلبات اسرائيل برعاية ترمب دون حسابات أو ضوابط . واصبحت تطفو على شبر ماء وتفقد تماسكها على حساب تماسك الاخرين ، بل اصبحت معزولة اسلاميا وفي طريقها لذلك عربيا . ولن تتردد في خوض معركة اسرائيل مع الاردن على المستويات الاقتصادية والامنية وربما العسكرية. ومعالمها قد ابتدأت ولن تتوقف .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
لا يمكن اضافة تعليق جديد
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012