أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


عطوان يكتب...الأردن في طَوْر التمرّد على حُلفائِه في السعوديّة والخليج ويَتّجه شَمالاً

بقلم : عبدالباري عطوان
22-12-2017 08:32 PM
كان أمرًا مُعيبًا أن يَقف مَندوب سورية على مِنبر الجمعيّة العامّة للأُمم المتحدة مُتحدّثًا ومُؤكّدًا أن حُكومَة بِلاده لن تتراجع عن مَوقِفها الثّابت إزاء القُدس المُحتلّة، والقضيّة الفِلسطينيّة، وحَتميّة استعادة جميع الأراضي العَربيّة المُحتلّة كامِلةً، وإنهاء الاحتلال، وقِيام الدّولة الفِلسطينيّةِ المُستقلّة، بينما تُجمّد الجامعة العَربيّة عُضويّة سورية، ولا تُوجّه لها مُنظّمة التّعاون الإسلاميّ التي تُهيمٍن عليها السعوديّة الدّعوة للمُشاركةِ في قِمّة إسطنبول الإسلاميّة التي انعقدت لبَحث تَهويد المَدينة المُقدّسة والاعتراف بها كعاصِمَةٍ للدّولة الإسرائيليّة.

الأردن يَقود تَحرّكًا قَويًّا هذهِ الأيّام في مُحاولةٍ من جانِبه، ولو مُتأخّرة، لتَصحيح هذا الاعوجاج، وإعادة سورية الدّولة والشّعب إلى المُؤسّسات العَربيّة مُجدّدًا، وتَمثّل هذا التحرّك في الاحتجاج العَنيف الذي عَبّر عنه السيد عاطف الطراونة، رئيس مجلس النوّاب الأردني في اجتماعٍ لاتحاد البرلمانيين العَرب في المغرب استثنى دَعوة وَفد بَرلماني سوري للمُشاركة، وزِيارته، أي السيد الطراونة، للقائِم بالأعمال السوري في عمّان، ومُباركته انتصارات الجيش العربي السوري واستعادة مُعظم الأراضي السوريّة من قَبضة الجَماعات الإرهابيّة والمُسلّحة.
***

يَصعُب علينا أن نَفهم استمرار حُكومات عَربيّة في مُقاطعة سورية بالطّريقة التي تَقوم عليها حاليًّا، وكأنّها لا تَقرأ الوقائع على الأرض، ولا تَرى المُتغيّرات الاستراتيجيّة في مِنطقة الشرق الأوسط بُرمّتها، وظُهورِ مَحاور سياسيّةٍ جديدةٍ بقِيادة روسيا بَدأت تُعيد رَسم مُعادلات القُوّة وِفق هذهِ المُتغيّرات، مِثلما تُكابر في الوَقت نَفسه، وتَرفض الاعتراف بفَشل مَشاريعِها في تَفتيت هذهِ الأُمّة، وتدمير أعمِدتها المُقاومة للاحتلال الإسرائيلي.

فإذا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يُؤكّد أن بِلاده ستُعيد فَتح قَنوات الاتصال مع سورية بعد هَزيمة “الدولة الإسلاميّة”، فهل الحُكومات العَربيّة الأُخرى أكثر فَهمًا وقوّة من فرنسا التي قادت الحَرب في سورية، ولَعِبت دَورًا كَبيرًا في دَعم المُعارضة السوريّة عَسكريًّا وسياسيًّا وماليًّا؟ فالمَسألة ليست مَسألة “عِناد” ومُكابرة، وإنّما مَسألة مُتغيّرات على الأرض لا يُمكن تجاهُلها، أو القَفز فَوقها، ووَضع السياسات التي تتلائم مَعها.

الأردن ارتكب خَطأً كبيرًا في رأينا عِندما راهنَ على المَشروع الأمريكيّ في سورية وباقي دُول المِنطقة، وانخرطَ فيه بقوّة طِوال السّنوات السّبع الماضية في خَندقه، ولم يَجنِ من وراء ذلك غير التّهميش والاستهداف، والعُقوق ونُكران الجَميل، خاصّةً من حُلفائِه العَرب في السعوديّة ودُول الخليج، وحانَ الوَقت لكي يُصحّح هذا الخَطأ بطَريقةٍ جَذريّة.

السيد الطراونة يَستعد للقِيام بزِيارةٍ لمجلس الشّعب السوري في دِمشق، وأُخرى للمُشاركة في مُؤتمر بَرلماني إيراني آخر لدَعم قضيّة القُدس المُحتلّة في مُواجهة التّهويد، وهذا أمرٌ جيّد، لكنّه لا يكفي، لأن ما هو مَطلوب هو تَخلّي الحُكومة الأردنيّة عن تَحفّظِها غير المَفهوم، وإرسال وزير خارجيّتها إلى البَلدين لتَدشين عَودة العلاقات رَسميًّا.

الأردن كَبْ قِربَته على هَوى سحاب السعوديّة ودُول الخليج، ولكن هذا السّحاب لم يُمطِر غير الوعود الكاذبة، والغَطرسة المُتعمّدة، والمَزيد من الإذلال، في وَقتٍ كانَت مِئات المِليارات من الدّولارات تَذهب إلى “أمريكا ترامب” على شَكل استثماراتٍ وصفقاتِ أسلحة، ووَصل الأمر بالوصايةِ السعوديّة على الأردن درجةَ مُطالبَته بمُقاطعة القِمّة الإسلاميّة في إسطنبول، أو تَخفيض تًمثيله فيها، والتّشكيك في حِمايته للأماكن المُقدّسة في فِلسطين المُحتلّة.

***

المَوقف الأردنيّ القَويّ في دَعم عُروبة القُدس المُحتلّة ومُقدّساتِها، والرّافض للإملاءات الأمريكيّة، يَجب أن يَتطوّر إلى نَسجْ تحالفاتٍ جديدةٍ مع مِحور المُقاومة، والانفتاح شَمالاً (سورية)، وشَرقًا (العِراق وإيران)، وإقامة جُسور التّعاون مع تركيا التي تَحترم هَويّته الهاشِميّة ودَلالاتٍها في الوِصاية على الأماكن المُقدّسة، فَقد آن الأوان للتخلّص من سياساتٍ وتحالفاتٍ عَقيمةٍ لم تَعد عَليه إلا بالتبعيّة والإذلال والتسوّل والتّهميش.

تَصويت الأردن القويّ في الجمعيّة العامّة للأُمم المتحدة لصالح قرار يُدين مَشروع الرئيس دونالد ترامب في تَهويد القُدس المُحتلّة، ربّما يُعرّضه إلى مُضايقاتٍ وضُغوطٍ، وربّما إجراءاتٍ انتقاميّة بخَفض المُساعدات الماليّة، أو حتى وَقفِها، وتَرحيل آلاف الفِلسطينيين إليه، وجَعله الوَطن البديل، لأنّه رَفض أن يَبيع كرامَته الوطنيّة، مُقابل حِفنةٍ من الفِضّة، وهذا يَتطلّب التفافًا شعبيًّا حول السّلطة، والوقوف في خَندَقِها في مُواجهة هذهِ التّهديدات، لتَصليب عُودِها، وتَعزيز صُمودِها.
راي اليوم.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-12-2017 10:10 PM

انت مكشوف للامة العربية بادارة شبكة عربية ضد من يحاول التصدي للمشروع الايراني في احتلال الدول العربية ..... كنت تدافع عن ايران ضد العراق ومع صدام ضد السعودية ومع ايران ضد السعودية لانك تملك حقد اسود على كل عربي ...

2) تعليق بواسطة :
23-12-2017 12:22 AM

نعتذر

3) تعليق بواسطة :
23-12-2017 12:54 AM

فعلا كما قال تعليق رقم 1 انت مكشوف تماما ميولك صفوية منذ زمن بعيد ,,, المندوب السوري مصلحته و مصلحة نظامه ان يطالب بتحرير فلسطين كاملة لان القضية الفلسطينية تجارته اصلا و منذ 40 عاما مضت و كلنا يعلم ما الذي قدمه للقضية و ما الذي قدمه لاسرائل منذ 40 عاما. هل سألت نفسك عن ملايين المفقودين و المسجونين و المذبوحين و المصابين على يد نظام سوريا و ايران؟؟؟ هولوكوست سوري الم تراه؟ ؟ يا رجل اتق الله اتق الله اتق الله

4) تعليق بواسطة :
25-12-2017 04:45 PM

يا عطوان لا تتعب نفسك , بينما الثقافة العربية أصبحت ثقافة جزيرة و عربية ومن السماء نيوز .. وكيف سيقنعون وما بين السطور لا يقرأون؟
انهم يريدون شروحات من فاعلي الإحداث وسوف ينتظرون ولكن هيهات ان يأتون ليحدثون , مثلما قيل في القرن السابق وما زالوا لما قيل يصدقون ..

5) تعليق بواسطة :
25-12-2017 04:53 PM

لقد أصبحت دعاية الهولوكست الغير واقعة وكأنها واقعة بينما وقائع هولوكست العرب على ايدي مرتزقة الغرب وامريكا وداعش العرب وكأنها وقائع غير واقعة والإلتفاف حولهم واجب عربي بقيادة السعودية .. !!

6) تعليق بواسطة :
25-12-2017 10:40 PM

ميولك صفوية يا عطوان

7) تعليق بواسطة :
26-12-2017 03:32 PM

هولوكوست ايراني روسي امريكي في سوريا والعراق

8) تعليق بواسطة :
26-12-2017 05:27 PM

عطوان مسخسخ ..... فهو لا يمدح الأتراك بالرغم من أنهم صادقين في حماية الاسلم والمسلمين ولم يوغلوا بدمائهم مثلما فعل مجوس العصر بالعراق وسوريا ولبنان واليمن. والسبب وراء ذلك أنه يعلم بأنه لن يتمكن من تحمل جزء بسيط جدا من تكاليف عيشته ببريطانيا التي تامرت على أمتنا وعلى قدس العروبة والاسلام.. اهم شي عنده يبقى ببريطانيا ولو على حساب دماء كل العرب والمسلمين. وعامل فيها وطنجي الأخ

9) تعليق بواسطة :
28-12-2017 12:09 AM

تحالفك مع النظام السوري و من خلفه الايراني و غض بصرك عن ما فعله بشعبه المظلوم هو خيانة لن ينساها التاريخ.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012