أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


لماذا “يُهروِل” عباس لعَقد اجتماعٍ للمَجلس الوطنيّ في رام الله؟ وما مَدى صِحَّة الحَديث عن مُؤتمرِ “إنقاذٍ وطنيّ” بَديل في غزّة؟

بقلم :
08-03-2018 11:31 PM

ماذا يَجري على السَّاحةِ الفِلسطينيّة؟ وهل التقى هنية دحلان في القاهِرة؟ ولماذا “يُهروِل” الرئيس عباس لعَقد اجتماعٍ للمَجلس الوطنيّ في رام الله؟ وما مَدى صِحَّة الحَديث عن مُؤتمرِ “إنقاذٍ وطنيّ” بَديل في غزّة؟
-----------------------------------

عادَت القضيّة الفِلسطينيّة إلى الواجِهة مُجدّدًا ولكن من البابِ الخَطأ، أي الحديث عن صِحّة الرئيس الفِلسطيني محمود عباس “المّتدهورة”، وما يُمكِن أن يترتّب عليها من صِراعاتٍ في حالِ حُدوث فراغٍ في قِمّتيّ السُّلطة وحَركة “فتح”، فالمُتنافسون كُثر، وتَداعيات الصِّراع قد تَكون مُدمِّرة.
بالأمس تَرأس الرئيس عباس اجتماعًا للجنة التنفيذيّة لمُنظّمة التحرير الفِلسطينيّة في مَقر السُّلطة في رام الله، وتَقرّر عَقد جلسة للمَجلس الوطنيّ الفلسطينيّ يوم 30 نيسان (إبريل) المُقبِل، “لوَضع استراتيجيّةٍ جديدةٍ لمُواجهة التحدّيات التي تُواجِه القضيّة الفِلسطينيّة وخُصوصًا بعد قرار الرئيس الأمريكي بنَقل السَّفارة إلى القُدس المُحتلّة وتَحديد العَلاقة مع إسرائيل”.
لا أحد يَعرِف الدَّوافِع الحقيقيّة التي دَفعت الرئيس عباس للإقدام على هذهِ الخُطوة، خاصَّةً أن اجتماعًا جَرى عَقده للمجلس المركزي الفِلسطيني قبل أشهر وأصدر قرارات مِثل تجميد التنسيق الأمني، لم تُنفّذ ولن تُنفّذ فيما يبدو، لكن ما هو مَعروف أن الرئيس عباس مَهّد لهذهِ الخُطوة بطريقةٍ دراميّةٍ في خِطابه الصّريح الذي ألقاه باللغة العاميّة في افتتاح المجلس الثوري لحركة “فتح” عندما وَدّع الأعضاء، وقال لهم أنّه قد يكون خِطابه الأخير أمامهم، وأكّد أنّه لن يُفرِّط بالثّوابِت الوطنيّة ولن يَموت خائِنًا.
هُناك العَديد من التكهّنات الرَّائِجة حاليًّا في الأوساط الفِلسطينيّة حول الدّوافع الحقيقيّة للرئيس عباس التي تَكمُن وراء هذهِ الخُطوة نُلخّصها في النُّقاط التّالية:

أولاً: الرئيس عباس يُريد إطلاق رصاصة الرحمة على المُصالحة مع حركة “حماس” وتَرك قِطاع غزّة لسُلطتها، وألمح إلى هذهِ الخُطوة عندما قال في المجلس الثوري “حماس أتعبتني.. نحن نُريد المُصالحة وهم يُريدون إيران”، وأضاف “حركة حماس تُريدنا ماكينة صَرف مالي آلي”.
ثانيًا: تتواتُر الأنباء عن حُدوث تدهورٍ خَطير في صِحّة الرئيس عباس الذي يَحتفِل اليوم ببُلوغِه 83 عامًا من العُمر، وهُناك شائِعات تقول أن إجراءه فُحوصات في مُستشفى “كليرمونت” في أمريكا أثناء زِيارته الأخيرة للحَديث أمام مجلس الأمن في نيويورك، تُوحي بأن مَرض سرطان البروستاتا الذي عُولج مِنه من قبل قد يكون تفاقَم، ولهذا يُريد الانسحاب من الحياة السياسيّة، وتَرك مُهمّة اختيار خليفه له إلى المَجلس الوطني.
ثالثًا: يُؤكِّد أحد المُقرّبين من الرئيس عباس أنّه لن يَتنحّى مُطلقًا حتى لو كان على سَرير الموت، والهدف من عَقد المجلس الوطني هو انتخاب لجنة تنفيذيّة جديدة للتخلّص من بعض “العاهات” والخُصوم، مِثلما فَعل في الاجتماع السَّابق للمَجلس عام 2009.
رابعًا: يَشعُر الرئيس عباس بوجود خُطّة أمريكيّة إسرائيليّة لاستبداله تُشارك فيها دُول عربيّة، ولهذا يُريد تجديد شرعيّته، وقَطع الطريق على هذهِ الخُطّة، باللّجوء إلى المجلس الوطني، المُؤسّسة التشريعيّة الأقوى في المَنظومة الفِلسطينيّة.

حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” نسجت علاقةً قويَّةً مُزدوجة مع مِصر أولاً، وجناح النائب محمد دحلان، الخَصم اللّدود للرئيس عباس ثانيًا، وبَلغت هذه العلاقة ذروتها أثناء الزيارة الأخيرة للسيد إسماعيل هنية، رئيس مكتبها السياسي للقاهِرة على رأس وفدٍ كبير، وعُقِد اجتماع للمَكتب السياسي للحَركة فيها بحُضور جميع أعضائه، والأكثر من ذلك أن أنباء تَردّدت عن عَقد السيد هنية اجتماعًا مع النائب دحلان، ووَفد يُمثِّل تيّاره، وهي أنباء لم يتم تَأكيدها رسميًّا من أيٍّ من الطَّرفين.
هذهِ العلاقة التي تزداد قوّة بين حركة “حماس” والسُّلطات المِصريّة تُثير قَلق الرئيس عباس الذي بات يَشعُر بأن شرعيّته تتآكل وليس صِحّته فقط، ويُريد قلب الطَّاولة على الجميع، وقد يَكون المجلس الوطني هو المِنبر الأهم في هذا الصَّدد.
البَيان الذي صدر عن حركة “حماس” اليوم الخميس، وتَضمّن رفضًا صريحًا لانعقاد المجلس الوطني في رام الله ودُون حُضورها أو حليفتها حركة “الجِهاد الإسلامي”، واعتبرته خُروجًا عن قرارات اللجنة التحضيريّة التي انعقدت في بيروت في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2017، وأبرزها انتخاب مجلس جديد تتوزّع فيه المَقاعِد حسب ثِقَل كُل حركة في العَمل السياسي الفِلسطيني، وعلى ضُوء نتائِج آخر انتخابات للمَجلس التشريعي.
يسود اعتقاد بأن حركة “حماس” لن تكتفي بإصدار بيان الرَّفض المذكور، وتتردّد أنباء لها الكثير من المِصداقيٍة، تُفيد بأنّها قد تَعقِد مُؤتمر “إنقاذ وطني” مُوازٍ في غزّة، وفي يوم اجتماع المجلس الوطني الفِلسطيني في رام الله، وتَدعو إليه جميع الأعضاء المُستقلّين الذين سَيرفضون المُشاركة في اجتماع رام الله، وبَعض مُمثلّي الفصائِل الأُخرى، وهُناك معلومات “غير مُؤكّدة” تُشير إلى أن مِصر تدعم هذهِ الفِكرة، وتُبارِكها، ولا تُمانِع عَقد هذا الاجتماع في القاهِرة، إذا تَعذّر عَقده في غزّة لأسبابٍ لوجستيّة أو أمنيّة.
حالة الغُموض التي تسود تَحرّكات الرئيس عباس لا تَخدِم مُخطّطاتِه، بل تزيد من فُقدانِه وسُلطته ما تبقٍى لها من احترامٍ وثِقة في الشَّارع الفِلسطيني، لأنّه يَعقِد اجتماعات للمُؤسّسات الفِلسطينيّة مِثل المَجلسين المَركزي والوطني، تحت حراب الاحتلال أوّلاً لاستصدار قرارات لا تُنفّذ عَمليًّا، مِثل قرارات تَجميد التَّنسيق الأمني، ولإرباك السّاحة الفِلسطينيّة ثانيًا، واستقطاب الاهتمام الإعلامي للإيحاء بأنّه ما زال يُمسِك بخُيوط اللُّعبة ثالثًا.
المُقرّبون من الرئيس عباس هذهِ الأيّام يقولون أنه يعيش حالةً من اليَأس والإحباط، وتبدو عليه حالة من الارتباك المَصحوبة بـ”النّزق”، وقَلّص ساعات دوامه في مَكتبه في رام الله، وإذا صَحّت هذهِ الأقوال، فإنّ الأمر خطيرٌ جدًّا، ويَنعكِس سَلبًا على القَضيّة المركزيّة العربيّة التي لم تَعُد الأولى، وتَراجعت أهميّتها عَربيًّا أو دَوليًّا.
مَطلوب مُصارحة الشَّعب الفِلسطيني بالحقائِق، من خلال خِطابٍ شامِل يُلقيه الرئيس عباس يَكشِف المَستور ويتّسم بالشفافيّة، ويَقطع الطَّريق على التكهّنات والشائِعات، فهَل يَستجيب لهذا المَطلب المَشروع؟ نَشُك في ذلك.' رأي اليوم '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012