أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


 الإمارات تدعم الأردن و«من يقيم فيه» وضغط «سعودي» يخرج اتفاقية تجارة مع اردوغان من المعادلة

14-03-2018 08:46 PM
كل الاردن -


-مان- «القدس العربي» : لا يمكن تلمس استنتاج بريء سياسياً عند رصد ذلك التلامس الزمني الغريب ما بين نشاط مفاجئ للسعودية تحت عنوان الاستثمار في البحر الاحمر وبين قرار غامض بمبررات ركيكة اتخذته وزارة الصناعة والتجارة الاردنية ويقضي بوقف العمل باتفاقية التجارة الحرة بين الأردن وتركيا.
قبل اسابيع قليلة جداً كان وزير الخارجية التركي مولود اوغلو في عمان وشوهد نظيره الاردني ايمن الصفدي في حالة تصفيق لما سماه انطلاق 70 عاماً على العلاقات مع تركيا مشيراً لثقة بلاده بأن هذه العلاقات ستتعزز باتفاقية جديدة للتبادل التجاري والتعاون في مجال النقل البحري.
ما الذي تغير خلال وقت قصير في جسد العلاقات بين الأردن وتركيا؟.. لا تحتمل الاجابة على هذا السؤال فراغات وسيناريوهات لان التطور الوحيد الذي حصل خلال هذه الفترة الزمنية هو ما يمكن تسميته ومن باب الاستنتاج والتحليل السياسي بالعامل السعودي فقط. فجأة تدخل مدينة العقبة الاردنية ومنذ عشرة ايام فقط وايضاً بصورة غامضة غير مرتبة الى قاموس وادبيات الادب السعودي ويتجول في العقبة مبعوثون ومسؤولون سعوديون يبحثون عن فرص استثمار ضمن سلسلة مشروعات ولي العهد الامير محمد بن سلمان العابرة لشواطئ وضفتي البحر الاحمر.

تراتبية ذات دلالة

التراتبية الزمنية والسياسية هنا لها دلالة ايضاً فبعد نحو اقل من اسبوع بقليل على تلك المشروعات الاستثمارية الضخمة التي يطبل ويزمر لها الاعلام المصري اثر زيارة الامير الشاب بن سلمان وعلى اساس جسور وممرات مائية واستثمارات سياحية على ضفتي البحر الاحمر تبدأ لجنة تركية وسودانية في التفكير باستثمارات سياحية ضخمة على شواطئ جزيرة مساكن السودانية وعلى البحر الاحمر ايضاً الذي دخل عملياً منذ العام الماضي في نطاق التزاحم بين حيتان الاقليم حيث نظام السيسي واسرائيل والنظام السعودي الجديد ودولة الامارات العربية واستثمارها الضخم في الممرات المائية. تفترض دوائر عميقة في القاهرة وعمان بأن تمكين تلك المشاريع التي يتحدث عنها السعوديون غير ممكن بدون مناكفة او حتى طرد اللاعب التركي من شواطئ البحر الأحمر. ولا يمكن النجاح بمهمة من هذا النوع ولأسباب متعددة مع السودان. لكن مع عمان التي تبحث حكومتها عن أي شريك وفي اي مجال استثماري يمكن تجربة الضغوط، الامر الذي يفترض ان تقرأ سلسلة المشاهد على اساسه خصوصاً وان الاقتصاد الاردني مخنوق ومن غير المنطقي ولا المعقول لبلد يعاني ازمة اقتصادية ومالية خانقة ان يتطوع ويتبرع في إلغاء اتفاق حيوي مع دولة اقليمية في المنطقة مثل تركيا مع انه اتفاق جديد اصلاً. وزارة الصناعة والتجارة الأردنية التي اتخذت القرار قدمت للرأي العام مسوغات ومبررات باهتة فقد تحدثت في التبرير عن ميلان الميزان التجاري لصالح الاتراك وعن ضعف عوائد الاستثمار التركي وعن الحاجة لحماية المنتج الصناعي والتجاري الاردني.
الوزارة التي يديرها أصلاً وزير شاب كانت آخر رحلاته العودة من تركيا في الجانب المهني واستعراض آفاق التعاون معها طرحت للرأي العام بيانا باهتا لان الميزان التجاري الاردني مائل دومًا وفي كل الحالات ومع غالبية الدول التي وقعت معها اتفاقيات تجارة حرة ولان الاقتصاد الاردني الضيق لا يمكنه اصلاً المنافسة لا مع تركيا ولا مع غيرها .
كذلك لأن الحديث عن حماية المنتج الاردني يخلو من الاقناع والمصداقية لان من ينتجون لأغراض التصدير في الاردن يرفعون الصوت عالياً ولديهم مشكلات عدة لم يقل أي منهم في الماضي إن واحدة منها هي الاتفاقية الموقعة مع تركيا حصرياً. لافت جداً في قرار وزارة الصناعة والتجارة الاردنية ان الذي رد عليه وفند معطياته الفنية والمهنية ليس تركيا بل الحاج عيسى حيدر مراد رئيس غرفة الصناعة والتجارة الاردنية والذي زار أنقرة واسطنبول مرتين مؤخراً على الاقل برفقة وزير الصناعة والتجارة في بلاده يعرب القضاة.

ضرر تجاري

ما قاله مراد وهو يسجل مخالفة علمية تبدد مصداقية قرار وزارة بلاده هو ان قرار الوقف بعمل اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا سيلحق ضرراً بالقطاع التجاري والخدماتي الاردني لان الكثير من القطاعات التجارية الاردنية بنت استثماراتها وتعاملاتها وتوكيلاتها واتفاقياتها مع الشركات التركية بما يتوافق مع بنود الاتفاقية التي تم الغاؤها. الاهم والاعمق هو ما قدمه مراد كبديل لو حسنت النوايا السياسية ويتمثل في اعادة دراسة الاتفاقية مع تركيا بصورة متأنية لتحقيق مصلحة الطرفين . وعلى هذا الاساس يظهر الجانب السياسي في الموضوع فقد استبدل الوزير الصفدي صورته الحماسية مع نظيره التركي اوغلو بأخرى مماثلة مع نظيره الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الذي يصرح علناً برفقة الصفدي فجأة بان الاردن بلد مهم واستراتيجي وسيتم تقديم كل ما يلزم لمساعدته.
الاهم في ما صرح به بن زايد هو اعتباره أن التحديات التي يواجهها الاردن تواجه الامارات ايضاً وتلك العبارة التي قال فيها الوزير الاماراتي بان بلاده معنية بتوفير الحياة الكريمة لأبناء الاردن ومن يقيم فيه متحدثاً عن تنشيط الاتفاقيات بين البلدين وعن تعاون في مجال الطاقة قريباً. ومن المرجح ان الاطاحة بقرار بيروقراطي مثل اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا والتي شكلت نقطة تجاذب اصلاً مع الرئيس رجب طيب اردوغان له علاقة بحمى الصراع والتنافس في البحر الاحمر.
وله علاقة بمتطلب اماراتي سعودي سياسي يضغط على الاردن لدفن اي محاولة للتجاذب مع تركيا اردوغان. قد تحصل تلك المقايضات دوما في عالم السياسة خصوصا في اقليم الشرق الاوسط لكن السؤال الاردني الذاتي هو التالي: هل يوجد طاقم يمتلك مهارة التفاوض والمقاومة ويحصل من السعودية وحلفائها على صفقة مضمونة وجيدة بعد التخلي عن اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا؟

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012