أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 18 أيار/مايو 2024


معركة درعا المقبلة.. على وقع تصاعد الخلافات الأمريكية الروسية

بقلم : عمر الرّداد
26-03-2018 07:03 PM

تساؤلات عديدة تطرح اليوم حول ما بعد الغوطة وعفرين ، وفيما إذا كان “التسخين ” الذي تشهده جبهات درعا، مقدمة لشن هجوم عليها ،ويبدو أن هذا الهجوم أصبح مسالة “وقت” مرتبط بمحددات لدى الحكومة السورية ،من حيث توافر البيئة المناسبة والدعم اللوجستي ، ومواقف حلفائها ،وخاصة روسيا ،صاحبة الشأن والقرار في تحديد ساحات واتجاهات المعارك على الأرض السورية ، إضافة لإيران ومليشياتها.
وأصبح مؤكدا اختلاف طبيعة معركة درعا عن معارك الشمال في ادلب وعفرين وحلب،أو معارك الشرق في دير الزور وشرق الفرات،رغم أن قاسمها المشترك بالنسبة للحكومة السورية استعادة السيطرة على أوسع مساحة من الأرض .
ففي جبهة الجنوب، اتفاق أمريكي روسي أردني،تم انجازه خارج استانا، على مناطق خفض توتر،ورغم استمرار تماسكه النسبي ألا انه اثبت هشاشة وقابلية للكسر،خاصة وانه لم يكن في صالح الحكومة السورية ومعها إيران،.
ومؤكد أن تصاعد الخلافات بين أمريكا وروسيا سيلقي بظلاله على معارك درعا، خاصة بعد التغييرات في الإدارة الأمريكية، بوزارة الخارجية والاستخبارات والأمن القومي ،وباتجاهات تؤكد أن التصدي لروسيا احد ابرز أوجه الإستراتيجية الأمريكية،ودون أن يعني ذلك الوصول الى مرحلة الصدام المباشر بين أمريكا وروسيا،إذ أن “حروب الوكلاء” ما زالت سمة الحرب في سوريا، رغم الدخول المباشر للقوى الدولية”أمريكا وروسيا” والإقليمية “تركيا وإيران”، ورغم قدرة روسيا على ضبط إيقاع التحركات الإيرانية في سوريا ،بما فيها الجبهة الجنوبية .
لا أن هناك خشية من ان يكون الرد الروسي على أمريكا من خلال هذه الجبهة، خاصة وانه يتردد ان روسيا لم تكن بعيدة عن إسقاط الطائرة الإسرائيلية ،بعد الضربة الأمريكية لقوات روسية وإيرانية في شرق الفرات، والهجوم على قاعدة حميميم.
خارطة القوى العسكرية في مناطق درعا تشير إلى أنها تضم أربع قوى رئيسية وهي: الجيش السوري ،ثم مليشيات إيرانية من بينها حزب الله اللبناني، ثم فصائل الجيش الحر ، وجيش خالد بن الوليد المبايع لداعش، ويبدو أن الجيش الحر وتشكيلاته هي الخصم الرئيسي لجميع القوى في جبهة درعا ، بما فيها جيش خالد بن الوليد، الذي تدور “شبهات” حول ارتباطاته مع الجيش السوري والمليشيات الإيرانية ، حيث لم يستهدفها منذ إنشائه، واقتصر استهدافه على الجيش الحر وتشكيلاته.
فيما الجوار المعني بتلك المعركة هما الأردن وإسرائيل،وإذا كانت إسرائيل تتابع المشهد في الجنوب السوري من زاوية حجم التهديد الذي تمثله إيران ومليشياتها ،بما فيها حزب الله لتواجدها بالقرب من الجولان ،خاصة بعد نجاحها في إسقاط طائرة إسرائيلية مؤخرا، وهو ما سيلقي بظلاله على شكل ومضمون الرؤية العسكرية الإسرائيلية وخياراتها في تلك المعارك،فان الأردن يتعامل مع سيناريوهات أكثر خطورة في الجنوب،في ظل تأكيدات أردنية على الإستراتيجية المتضمنة عدم الدخول في معارك درعا تحت أي ظرف، وخاصة دخول الجيش الأردني إلى سوريا ، والتركيز على مواجهة أي تهديد من قبل التنظيمات الإرهابية “سنية كانت أم شيعية”واحتمالات وصولها الحدود الأردنية ،بما في ذلك خوضها معارك على الحدود، وإمكانية تعرض مدن وقرى أردنية لتداعيات القصف المتبادل بين القوى المتحاربة في الجنوب السوري على غرار ما حدث خلال السنوات السبع الماضية ،إضافة لموجات اللجوء الجديدة، التي ستزيد من أعباء أزمة اللاجئين السوريين المتفاقمة أصلا، وحتى بأفضل السيناريوهات وهي وصول الجيش السوري إلى الحدود، فليس هناك من ضمانة بان لا توكل مهمة حماية الحدود ومراقبتها على الجانب السوري الى الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له، وهو ما لن يقبل به الأردن.
معركة درعا القادمة ،ورغم أنها ستكون قرارا سوريا ، ألا أنها عمليا ستكون حوارا أمريكيا روسيا ورسائل متبادلة بين الجانبين، في ظل التغييرات في الإدارة الأمريكية من جهة ، واتجاهات السياسة الروسية بعد تجديد ولاية الرئيس بوتين من جهة أخرى. وما يميزها عن معارك أخرى في سوريا ، أنها لن تكون في إطار “صفقة” على غرار الغوطة مقابل عفرين،وسيكون “الحسم” عنوانها ، خاصة وان انتصارات الغوطة تغري الحكومة السورية وحلفاءها بانجازات مشابهة في الجنوب، رغم اختلاف اللاعبين الفاعلين.
كاتب وباحث بالأمن الاستراتيجي.
oaalraddad@gmail.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012