أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


شحادة أبو بقر يكتب : طبخ الحصى لا يجدي ونحن الأجدر بأن نبادر ! .

بقلم : شحاده أبو بقر
01-05-2018 11:05 PM



المنطقة كلها تموج بالحروب وبالعنف والإرهاب وما ينتج عن هذا من قتل ودمار وتشرد ومصائب , ولا يرى أبعد من أرنبة أنفه من يتصور أن هذا الحال سيتغير إلى ما هو أفضل يوما ما . لا , فالمسلسل في صعود والآتيات أسوأ وأقسى وأصعب وأشد إيلاما مما مضى حتى الآن ! .

الأمر المستغرب وسط كل هذا , أننا في الأردن كنا وما زلنا ' الضحية ' دوما لمخرجات هذا المخاض البشع الذي لا ذنب لنا فيه , فحدودنا مغلقة , وتجارتنا بالتالي كاسدة , والفارون بأرواحهم إلينا أكبر بكثير ودوما من حدود طاقتنا على التحمل , وجيشنا وقوى أمننا في حالة حرب غير معلنة صدا للشر وللأشرار, وجنودنا لا ينامون على حدودنا , وشعبنا يئن تحت وطأة فقر لا يطاق , ومديونتنا فاقت الحدود ولا قدرة لنا حتى على الوفاء بفوائد خدمتها , على حساب لقمة عيشنا وقوت عيالنا وعجز موازنتنا ! .
لماذا نحن بالذات الضحية دوما , ومع ذلك لا نسلم من الإتهامات والتشويه وحتى التجريح وكأننا نحن من جلب كل المصائب لهذه الأمة , ولا أحد يعنيه أمرنا إلا بقدر ما يخدم ذلك مصالحه وتطلعاته وأطماعه , فإن إستجبنا قيل لنا 'شكرا ' من منظمات دولية تشفق على حالنا جراء تحمل أعباء اللاجئين مثلا , أو فلنذهب إلى الجحيم !.

تحدثنا حكوماتنا القائمة وسابقاتها عن خطط إقتصادية طويلة الأجل وعن تحفيز للنمو وعن إستثمارات ستأتي وسوى ذلك من وعود على طريقة الأم التي تطبخ الحصى لأطفالها موهمة إياهم بالطعام حتى يغالبهم النعاس , فينامون بلا طعام , ولا حول ولا قوة إلا بالله ! .

هذا كلام لا يجدي نفعا , والمستثمرون لن يأتوا , والخطط حتى لو كانت مضمونة النتائج تحتاج لسنوات طوال , والمنطقة والإقليم يزدادان إشتعالا واليوم أقل خطرا من الغد , ولا بد لنا من حل شامل يرفع عن كواهل شعبنا خطر الفقر والفاقة ويكف أيدي الحكومات عن جيوبه الخاوية , فالناس في دوامة أمراض نفسية وحيرة قاتلة وتداري فقرها وصبرها وحتى حزنها , ولا تدري أين المسير وما المصير , وهذا يتطلب وقفة وطنية حكيمة جريئة إستثنائية تخرج بلدنا من هذا الواقع المرالمرير ! .

قلنا سابقا ومرارا وتكرارا أن رأسمالنا منذ نشأنا هو رأسمال سياسي وليس إقتصاديا , وأن دورنا السياسي القوي والفاعل في المنطقة, هو سبيلنا دائما وأبدا للنجاة من واقع الضحية إلى واقع يفرض حضورنا وكلمتنا ورأينا على كل الموائد , وبالتالي الحصول على المال الذي يخرجنا من ضنك العيش إلى عيش أكرم وأستر ! .

لم يعد مسك العصا من منتصفها مجديا في هذا الزمن بالذات , حيث جميع من في الإقليم على أعصابهم , بإنتظار الأسوأ , وفي ذلك فرصة لأن نتدخل وبمواقف سياسية قوية تسعى لحلول لأزمات الإقليم مهما كانت مواقف الآخرين منها , وأن نهدد ولو من قبيل المناورة بإعادة اللاجئين إلى ديارهم أو الدفع بهم إلى بلدان غيرنا بعد إذ إستضفناهم لأكثر من سبع سنوات وكفى !
قضية اللاجئين على قدر كبير من الأهمية لو أحسنا إدارتها , فإما شطب كامل مديونتنا الخارجية أو فليستعد كبار العالم ومتنفذوه وأثرياؤه إلى إستقبالهم وإستضافتهم كما فعلنا حتى ضاقت بشعبنا سبل العيش الكريم ! .

حرب اليمن قابلة للتدخل من أجل حل سياسي سلمي يرفع أعباء ثقيلة عن كاهل أشقاء كثيرين , ويفتح لنا بابا للذهاب إلى إعمار اليمن أفرادا وشركات , ونحن قادرون أن نفعل الكثير على هذا الصعيد عبر الحديث مع إيران وأشقائنا في الخليج . أزمة قطر يمكننا أن نحاول حلها بالحديث مع القيادة القطرية أولا ثم مع الأطراف المختلفة , وحتى لو لم ننجح نكون قد حاولنا وصنعنا لأنفسنا دورا يقدره العالم كله والأشقاء كذلك .

القضية الفلسطينية ونحن أقرب الناس إليها , يمكننا التوسط بين رام الله وغزة لإنجاز مصالحة ووحدة صف حتى لو لم يعجب ذلك آخرين . العراق يمكننا أن نتدخل وديا في المسألة الكردية .
قضايا وأزمات كثيرة لا تجد من يتدخل فيها وديا وسلميا بإعتباره عنصر خير ورمز سلام كما هو الأردن , خاصة وأن الآخرين جميعا بمن فيهم الدول الخمس الكبرى وسائر دول المنطقة يسيطر على تفكيرهم هاجس الحروب المدمرة , ولا تكاد تجد بينهم من يسعى أو يحاول حقن دماء العرب والمسلمين أو حتى البشر عموما .

إذا ما خرجنا بحكمة وجراءة عن هذا المعسكر الذي لا يجيد سوى لغة الحرب والقتل والدمار وأخذنا المسرب المقابل الداعي للسلام وحل النزاعات سياسيا وسلميا وتحركنا عمليا في هذا الإتجاه , سنكون في نظر العالم والدنيا بأسرها دولة راشدة جديرة بالدعم والعون , وسننال وهذا هو الأهم رضا الله سبحانه , فلنكن كذلك شفافين صريحين نبني حلولا ونطالب الآخرين بقبولها رحمة بهم وبنا وبالناس جميعا , في زمن عز فيه من يبادر إلى شيء كريم كهذا , زمن كل فيه يده على الزناد ونحن الضحية دوما , وهذا حال لا يمكن تحمله أكثر مما تحملنا حتى الآن . نعم , طبخ الحصى لا يجدي , ونحن قادرون أكثر وأجدر من سوانا على أن نتحرك ونصنع شيئا إيجابيا فارقا ولمصلحتنا ومصلحة أمة بأسرها . الله المستعان على كل أمر وهو جل جلاله من وراء القصد .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012