أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024


الأُردنيّون سيَدفعون ضريبةً على رواتِبِهم

بقلم : خالد الجيوسي
18-05-2018 10:32 PM



يَحبِس الأُردنيّون أنفاسهم على وقع قانون الضريبة الجديد، والذي يُوسِّع القاعِدة الضريبيّة، ويُخَفِّض الإعفاءات عن رواتب الأفراد العاملين، وحتى المُعيلين للأُسر، وسط جَدلٍ يحتدم حول أحقيّة الحُكومة بفرض ضرائب على الرواتب، مع تدنّي نوعيّة الخدمات ومجانيّتها، وحتى سوئها وانعدامِها في المُحافَظات، والتي تُبرِّرها (الحُكومة) بأنّها تطال فئة مُحدَّدة من أصحاب الدُّخول المُرتفعة، حيث أنه وحتى مع التعديلات الجديدة، ٩٠ بالمئة من الشعب الأردني لن يدفع ضرائب.
الأردن يُعاني بِلا شك من حالةٍ اقتصاديّةٍ خانِقة، وتحديداً بعد تخلِّي دول الخليج عنه، ومُساعدات العربيّة السعوديّة التي “ألغيت” تماماً في عهد الأمير محمد بن سلمان، والذي يبدو أن الأخير لا يُريد من الأردن تأييداً لمَواقِفه السِّياسيّة، بل تسليماً حتى لوصايتها على المُقدسات الإسلاميّة في القدس، عاصمة “إسرائيل” وصاحبة السيادة، وفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإعلان صهره جاريد كوشنر، في حق السيادة للإسرائيليين على كل ما في القدس.
هُناك عبارة تُثير الاستياء بالنِّسبة إلينا، يتم ترديدها هُنا في العاصمة الأردنيّة، وتقول أنّ موقف الأردن لا يُمكن أن يتخطّى خطواته ضمن القانون الدولي، والضغط بالوسائل الدبلوماسيّة، لأن هذا الأردن عنده من عوامل الضَّعف الاقتصادي، ما لا يمكنه من مُمارسة دور أكبر من حجمه، لكن وفي ذات التوقيت يَرفُض الأردن وأيضاً بالطُّرق الدبلوماسيّة “التطاول” على وصايته، ولكنّه لا يخطو أي خطوات “حقيقيّة” من شأنها حماية تلك الوصاية سواء من الإسرائيليين أو السعوديين، فكيف يُمكن حماية هذه “الوصاية” في ظل كل هذا التعنت الإسرائيلي، والطيش السعودي.
قانون الضريبة الجديد الذي تُلوِّح به الحُكومة، وسيتم إرساله لمجلس النواب بعد رمضان، وسيتم إقراره دون شك، يُؤكِّد القائمون عليه أنه سيدر على الخزينة الملايين، كما يُحقِّق العدالة الضريبيّة، للوصول إلى مبدأ أو طُموح “الاعتماد على الذات”، الذي يُمكِّن الأردن من الاستقلاليّة الاقتصاديّة.
القانون الضريبي ربّما له أوجه إيجابيّة إذا نظرنا إلى أنه يفرض على الفرد صاحب دخل الخمسة آلاف دينار ضريبة تصاعديّة عن كُل زيادة، لكنّه لا يُعفي كذلك الفرد صاحب الراتب الذي يتعدّى 666 ديناراً، وهو القانون الذي يُسمح بتعديله خلال سنتين لا أربع سنوات حسب التعديلات الأخيرة، وبالتالي فإنّ المُستهدفين أصحاب الدُّخول المعفيين، سيكونوا على موعد مع دفع الضريبة، وهو قانون سيطال كافّة شرائح المجتمع الأردني العاملين ربّما خلال عشر سنوات، بالنًّظر إلى بند السماح بالتعديل على قانون الإعفاء الضريبي كل سنتين بدل أربع، وهي نوايا مُبيّتة.
الأردن ربّما يحتاج إلى حملة كتلك التي قام بها وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الفساد، ولكن بالطبع وفق أُسس قانونيّة، وتشريعيّة، وفي أروقة وقاعات المحاكم، والقُضاة العادِلين لا السِّياسيين، ولا ضير مع هكذا حملات أن يدفع المُواطن الأردني على راتبه، إذا شعر أنّ هُناك عدالة اقتصاديّة لا ضريبيّة فقط بين المسؤولين والشعب، وربّما يكون النموذج الماليزي بقيادة العبقري مهاتير محمد في مُكافحة الفساد، الأقرب إلى قلوب الأردنيين هذه الأيّام في ظِل حالة غزل لا مُتناهية، وعقد مُقارنات بينه مثلاً، ورئيس حُكومتهم هاني الملقي، فالماليزيون على موعدٍ مع إلغاء الضرائب على السِّلع والخدمات ابتداءً من يونيو المُقبل، والتي يبلغ مِقدارها 6 بالمئة فقط، والأردنيون ولحظِّهم العاثِر على موعد مع قانون ضريبي جديد يُنهك جُيوبهم جميعاً على المدى البعيد.
الاعتماد على الذَّات هو حُلم كُل أردني بلا شك، حيث “الاستقلال” الاقتصادي، يُوصِل الأردن إلى “الاستقلال” السِّياسي، ونقول استقلال ليس لأنّ هذا البلد ليس له سيادة، بل لأنّه “يعجز” في ملفّات مصيريّة لحاجته الماديّة، فإن صعّد في ملف القدس وأغضب إسرائيل حِفاظاً على وصايته، ستقطع عنه أمريكا المُساعدات، وإن تخلّى عن مُجاملاته في حضرة الحليف السعودي والخليجي، ربّما يعود كُل المُغتربين، الذين تُنعش حوالاتهم الخزينة الأردنيّة، وهُم حتى الآن لحُسن حظهم لم يطالهم قانون الضربية.
نَختِم بالقَول، ولا نُبالِغ إن قُلنا أن المُواطِن الأُردني، لا يُضيره أن يدفع ضريبة، حتى تَصِل بلاده إلى رِفعة القرار السِّياسي المُستقل، والاعتماد على الذات الذي كان ألا يجب أن يكون مقروناً فقط بِتوقُّف المُساعدات الخارجيّة، والذي يُجنِّبها الإحراجات والمُجاملات وسِياسة الحِياد التي أخرجتها أحياناً من دائرة صانع القرار الدَّولي، لكن يبقى السُّؤال هل يقلب الأردن المُعادلات الدوليّة أو على الأقل المحليّة بالفِعل لو حقَّق الاعتماد على الذَّات، أم أنّ الأمر مُجرد إسطوانات وروايات؟!
كاتب وصحافي فلسطيني..رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012