أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


أوراق «أردنية» مخفية في دروس «الثقة

بقلم : بسام البدارين
20-07-2018 02:31 AM

ثمة دروس بعضها سياسي والآخر بيروقراطي لا يمكن إسقاطها من حسابات الثقة بحكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز بعدما انجلى غبار النقاشات الصاخبة التي شهدت كثيرًا من الإثارة والضجيج واستنسخت بطبيعة الحال العديد من المخاوف.
يحتاج الرزاز ومطبخه الأساسي في اللجان الوزارية الداخلية التي يحكم إيقاعها نائبه الدكتور رجائي المعشر إلى «سيطرة أكثر» على جرعات تسييس وتوقيت القرارات البيروقراطية الفردية التي يمكن أن تؤثر سلبًا بإسقاط سياسي يقول إن الحكومة بلا عقل مركزي عمليًا.
عشية وخلال نقاشات الثقة البرلمانية، اتخذت بعض الوزارات والدوائر قرارات إدارية من النوع الذي كان يمكن تأجيله ما دامت الوزارة في مستوى حسابات الثقة البرلمانية الحساسة.
ارتفعت أسعار بعض أنواع الخبز ووقعت اتفاقية غريبة جدًا بين مديرية الأمن العام ووزارة المياه، تمنح دوريات الأمن الحق بإجراءات ضد مركبات المواطنين الذين عليهم بعض الذمم المالية لشركات المياه.
التوقيت هنا كان» منفلتًا» للغاية» لإن الحكومات التي يحكمها عقل مركزي يتلمس بالخبرة أن قرارات غير شعبية من هذا النوع ينبغي أن لا تتخذ على الأقل خلال مواجهة نقاشات الثقة بسبب حساسية الرأي العام المفرطة في منطقة «رفع الأسعار» والجباية.
وزيران في الحكومة مسؤولان عمليًا وسياسيًا عن هذا «التوقيت السيئ» وهما طارق الحموري في الصناعة والتجارة، ومنير عويس في المياه.
مسألة رفع الأسعار التقطها نائب مخضرم هو خليل عطية، وهو يحذر الرزاز من الاسترسال في تقنية توفير حلول مالية على حساب جيب المواطن فقط، قبل أن يبلغ «القدس العربي» بأن تلك كانت مثلبة تخالف الروح التي افترضناها في حكومة الرزاز.
قبل ذلك كان الحموري، وهو وزير شاب يعمل في المؤسسة البيروقراطية لأول مرة، نجمًا لعملية «تصعيد» مغرقة في سوء التوقيت مع نواب الكرك والجنوب، وفي الوقت الذي كانت فيه الحكومة في أمس الحاجة لأي كلمة تخدمها أو تمنع عنها تحت قبة البرلمان.
«نقص الخبرة» كان له دور واضح في مثل هذه الحراكات الوزارية، ومهمة التعويض والتعزيز والسيطرة على إيقاع وتوقيت قرارات الوزراء وظيفة تقع في واجب نائب رئيس الحكومة الوحيد وزير الدولة ورئيس خلية «الوزاري المصغر» الدكتور المعشر، الذي يبدو أنه لا يعمل بارتياح رغم أنه وفي المجالس الخاصة «يمتدح» الرزاز باعتباره «رجلًا صادقًا وبلا ألاعيب» و«يريد أن يخدم فعلًا».
في المحصلة تظهر هنا ملامح غياب أزمة «التكتيك» وحاجة الرزاز للسيطرة أكثر على إيقاع الفريق، خصوصًا المستجدين منهم، في نقص ملموس لا بد من مكاشفته والتعاطي معه بعد الحصول على الثقة بسبب حساسية وأهمية الملفات التي تحملها وتعمل عليها الحكومة.
درس آخر من الضروري ترسيم خياراته يتعلق بالموقف من الحركة الإسلامية وحلقتها الأخوانية بعد سلسلة «اتصالات» عن بعد، حصلت وتقارب معها الطرفان قبل تفخيخها بالخطاب الشهير لعميد كتلة الإصلاح النائب الدكتور عبد الله العكايلة .
في خطاب الكتلة التي تمثل التيار الإسلامي المعارض، ثمة «عدمية» سياسية واضحة الملامح حجبت أي إمكانية للتلاقي مع حكومة الرزاز مستقبلاً، خلافًا لمضمون كلمة الناطق باسم الكتلة الدكتورة ديما طهبوب.
في المقابل استفادت حكومة الرزاز تمامًا من مخاوف ومناخ الاحتقانات التي أثارها النائب غازي الهوامله في سابقته المثيرة جدًا عبر التطاول على الملكة رانيا العبد الله، فقد أعادت هذه الحادثة ترسيم حدود وقواعد لعبة التصويت، بحيث وضعت الحكومة في مستوى «الأمان» التصويتي بفارق خمسة أصوات على الأقل أغلبها اضطر للانتقال من الحجب أو الامتناع لـ»منح الثقة» على أمل احتواء ما فعله الهوامله الذي سيفقد مقعده البرلماني في أغلب الأحوال.
التصعيد ضد «الملكة» تحديدًا لم يكن خيارًا يحظى بأي شعبية أو من النوع الذي يحظى بالتوافق، أو يمكن «السكوت عنه» خلافًا لإنه لم يكن خطوة موفقة، بكل اللغات أحرجت النواب وخففت من حدة أصوات حجب الثقة عن الرزاز بعدما بدت جملة الهوامله أقرب لمخاطبة الحراك التصعيدي في الطفيلة منها لجملة سياسية وطنية هادفة ومؤصلة دستوريًا.
هنا قدم هوامله، وهو يحاول توجيه رسالته الصاخبة العابرة للخطوط الحمراء، خدمة مجانية لحكومة الرزاز التي تمكنت بسبب الأخير من التقاط بعض الأصوات لصالحها.
بهذا المعنى، وبسبب تراكمات تشريعية أخرى وطبيعة الحملة ضد الرزاز وخصوصًا من نواب معسكر الموالاة، بقيت الحكومة الجديدة في «وضع أفضل» وبدت الأجواء هادئة في يومي الأربعاء والخميس وأقل صخبًا.
الأهم وما هو خلف الستارة والمخفي أن بعض مراكز الثقل داخل المستوى الرسمي التي كانت تغذي وتغطي عملية «نهش الرزاز» اضطرت لتبديل الحسابات أو عدم الظهور بعد سابقة الهواملة، وبيان الثورة السياسية والدستورية الذي أعلنه الدكتور عكايلة، بمعنى آخر حاول خصوم التجربة التخفيف من اندفاعهم قليلاً تجنبًا للاتهام بالاشتباك مع خيارات القصر الملكي والمؤسسة المرجعية، وكذلك تجنبًا أيضًا للاصطفاف في المحصلة لجانب «عدمية» خطاب الإسلاميين الداعي لتعديل صلاحيات ملكية وعبثية خطاب الحراكيين من نواب بلا لون سياسي.
تلك كانت باختصار قصة تروي حكاية «الثقة بالرزاز» في مداولات بمنتهى الغرابة.بسام بدارين - القدس العربي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012