أضف إلى المفضلة
الأحد , 05 أيار/مايو 2024
الأحد , 05 أيار/مايو 2024


سيكولوجية التمرد عند الشعوب !
23-11-2011 08:41 AM
كل الاردن -


علي الحراسيس
هناك فرق بين الثورة والتمرد في سلوك الشعوب ، ولا نود الإطالة في شرح الفرق هنا ، ولكن يمكن القول ان الثورة منهج تغيير كامل للنظام مرده الى مجموعة عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية لنظام بات غريبا عن المجتمع في مسلكه وثقافته هدفها النهائي هو الحرية ، فيما يُعرف التمرد في الغالب أنه انتصار للنفس وممارسة العصيان والخروج عن الأعراف وتحد للنظام ، فالأول هو انتصار للآخرين والثاني انتصار للنفس ، ويبدو ان ما تعيشه بلادنا هذه الايام وبناء على ما يجري من أحداث شغب شملت معظم محافظاتنا وجامعاتنا هو مظهر من مظاهر التمرد والعصيان ومواجهة جزء من نظام أمني أو اقتصادي وتنفذه قطاعات معينة أو جماعات محددة من المجتمع تخرج إلى السطح عناوين مشكلاتها ، وهي في الغالب تلك التي تعاني الغبن من التمييز و التهميش وغياب العدالة وانتشار مظاهر الفقر والفساد في المجتمع ، فالحديث عن الحراك الشعبي الذي بدأ منذ عشرة شهور لم يكن يتعلق بالميل لتغيير النظام بقدر ما كان يعني تمرد على الاوضاع السائدة التي عاشتها البلاد واوصلت الناس الى ما وصلت اليه من فقر وبطالة وحكم أقلية وعائلية متمكنة نهبت خيرات البلاد وباعت ثرواتها دون وجه حق ودون ملاحقة قانونية وكانت تلقى كل الرعاية والدعم !

فمظاهر التمرد التي اجتاحت بلادنا في مختلف المحافظات والجامعات تتفجر في الغالب لأسباب لا تتعلق بحالة آنية سياسية او اقتصادية ذات التأثير على عموم الناس ، بل يمكن ان تنفجر لمجرد ان يتم توقيف مواطن في احد مراكز الأمن لتثور ثائرة الناس المقربين ويبدأون بإعلان تمردهم لرفض تلك الألية حتى لو كان لمجرد استدعاء للاستجواب ، فالتمرد لا يتعلق بذات الشخص بقدر ما يتعلق بمجموع ضغوطات وجدتها الناس ضآلتها في تلك الحادثة لتتفجر ، ولذلك ، فأن سيكولوجية التمرد التي لم يتنبه لها الحكام في بلادنا باتت هي أبرز ما يعيشه مواطننا باعتباره ذات الشخصية المقهورة سياسيا و المهمشة اجتماعيا والمكسورة نفسيا ،وهنا سيبدو الميل طاغيا' لدى سيكولوجية التمرد لدى الناس نحو تغليب الذهنية الانفعالية المتطرفة على مظاهر التعقل للدافع وتطلق عنان الفوضى ضد أعراف المجتمع وثقافته ، مما يجعلها تحاكي نوازع العصبيات وتناغي دوافع الأصوليات

وتعلن شرعية العصيان ضد سلطة الدولة من جهة ، وتبيح من ثم أعمال السلب والنهب والحرق للمؤسسات ، وكانت احداث الجيزة او الرمثا او معان او الطفيلة لمجرد اعتقال شخص أو استشهاده داخل مراكز الاعتقال او المطالبة بفصل بلدية عن المركز أو غيرها من مظاهر العنف التي اجتاحت بلادنا معايير واضحة على مدى ما وصل اليه الناس في التعامل مع النظام والمعروف بسيطرة سيكولوجيا التمرد على النظام لأسباب يمكن مواجهتها بجلسة عقلاء دون ان تحدث تلك المشكلات ، لكن سلوك التمرد الراهن لدى المجتمع الاردني متعلق بأصول وفصول تاريخ من التهميش والإقصاء والمحاباة والحكم لفئات دون غيرها ولغياب العدالة الاجتماعية وازدياد الفقر والبطالة وغياب الثقة بقدرة النظام على مواجهة تلك التحديات لفشل الحكومات في وضع إستراتيجيات شاملة لمواجهة تلك التحديات ، فكل حكومة تعمل وفق رؤية آنية للخروج من مأزق ، وتاتي الحكومةالتي تليها لتلغي ما بدأت به من قبلها لتبدأ بسياسات جديدة ، وكُل يرحّل تلك المشكلات الى الحكومات التي تلي حكومته ، والأهم من هذا كله ما يتعلق بفوبيا ( مخاوف مرضية ) من عدم قدرة النظام على إقناع الناس ان بلادهم بخير وان مشروع الوطن البديل لم يعد موجودا رغم نفي ومعارضة النظام لتلك الفكرة !

كنا ندقق غالبا في وجوه بعض المشاركين في حراك المجتمع ونسأل عن أسباب الخروج للشارع ، فمنهم من يتحدث عن معاناة تتعلق بضعف مقدرته على تغطية نفقات دراسة ابنائه الجامعية ولا زالوا جاثمين فوق صدره رغم تفوقهم ، ومنهم من يتحدث عن سياسة التهميش لابناء عشيرته او محافظته ، وأخر يتحدث عن ضعف وتدني راتبه بما لا يغطي نفقات المنزل خلا إيجار بيته ، لكنهم يجمعون على مظاهر الفساد والترهل في امتلاك رجل واحد لملايين الدنانير حصل عليها من صفقات وسمسرة وبيع اراض الدولة ومؤسساتها! فيما لا يملك حي او محافظة بكاملها ربع ما حصل عليه ذاك الطاريء من صفقة واحدة ! فأجتمعت عوامل القهر والفقر والتهميش والإقصاء والظلم والفساد في معادلة اجتماعية شكلت لدى المواطن نهوضا و ' تمردا ' من أجل تصويبها ومعالجتها .

ان ترك عوامل التمرد والسخط قائمة دون مواجهتها سيدفع الناس الى المزيد من اتباع سلوكات اكثر تطورا واكثر خطورة في مواجهة النظام وتحت اي مسمى او حادثة قد تحصل لا فرق في تأثيرها على فرد او جماعة ، والمهم لديهم ان تلوح الفرصة امام الناس للتعبير عن سخطهم وتطوير أدوات المواجهة الى الحد الذي تصبح فيه مؤسساتنا وهيبة بلادنا وانظمتنا مسألة لا قيمة لها، وقد يعجز النظام عن مواجهتها طالما استمرت عملية الاصلاح فترة اكبر ، فمنذ عشرة شهور والبلاد منشغلة بورشات عمل وطنية لم تحقق فيها اي حكومة ولو إنجازا واحدا على مستوى محاكمة فاسد أو إصدار قانون ديمقراطي لتنظيم الانتخابات البلدية او النيابية او الأحزاب، فيما حققت حكومات وشعوب مجاورة او بعيدة متطلبات الإصلاح ومحاسبة الفساد في وقت أقل للحد الذي طالت كل رموز الفساد او النظام ككل في تلك الدول ، لكن الاخطر من هذا كله ان تستفيد قوى وأحزاب ذات برامج سياسية واجندة خارجية لتركب موجة السخط تلك وتوجهها نحو مبتغاها للضغط على النظام لتقديم تنازلات ليست في صالح الناس بل لصالح أجندتها الخاصة ، وهذا ما هو قائم حتى اللحظة في بلادنا ، اذ ان بعض الحكومات تعتقد واهمة ان كل حراك او تمرد سببه خيوط تحركها تلك القوى ولا بد من مهادنتها والعودة اليها والاستماع اليها حتى لو تقدمت نحوها بمزيد من التنازلات التي لا يكترث لها الناس ولم تكن ابدا مبتغاهم ولا أهدافهم في الخروج

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
23-11-2011 12:20 PM

التمرد عنوان مرحلة ابتدائية تهيء لمرحلة أخطر ، ان استمرت الحكومات ترحل المشكلات فأن تلك المرحلة الخطرة قادمه . شعوب انجزت اصلاحات واسعه ونحن نؤجل لاسباب لا يعلمها احد .

2) تعليق بواسطة :
23-11-2011 01:21 PM

الكاتب يقول ان دخل الطاريء الفاسد لا تعادل دخل محافظه من صفقة واحده . وانا اقول يا استاذ علي والله صفقة العبدلي او القيادة او الاسمنت او البوتاس وحدها فقط من السمسرة تكفي لاحياء الجنوب ، واذا نفضت كل الجنوب بكل محافظاته لا تعادل اموالها واموال رجالها المنقوله وغير المنقوله ما حصل عليه الرجل في صفقة واحده .. وال عوض على الله

3) تعليق بواسطة :
23-11-2011 01:33 PM

الرمثا ومعان والسلط . الجامعة الاردنية والبلقاء واليرموك والحسين والطفيله التقنية ، نقاط ساخنه على جدول أعمال الدرك , وغد من سيكون التالي ..الرئيس يقول ان حكومته للاصلاح وليس إنقاذ ولا يوجد شيء ينقذه !!!! كل اللي بصير في البلد والضعف وما في شيء تنقذه ، طيب قول النا شو سبب الاحتقان يا قاضينا ولكني اقول لك انااحجب الثقه

4) تعليق بواسطة :
23-11-2011 06:47 PM

:cry: :cry: حكيك فلسفة وبس لانك مش عارف شو بتحكي خليك بحالك

5) تعليق بواسطة :
24-11-2011 10:57 AM

سؤال - لماذا لا يقدم رئيس الوزراء استقالته من المحكمة الدولية على غرار رؤساء وزراء ادركوا ان بقائهم في اي منصب يتعارض مع الدستور ( لا يجوز الجمع بين وظيفتين ولا تعتبر الجازه مفبوله ). سمير الرفاعي قدم استقالته من كابيتال دبي حين كلف بالوزاره . أليس وجوده مخالفا للدستور !!! اين اصحاب التخصص لتفسير ظاهرة التمرد على الدستور والنظام !؟؟؟

6) تعليق بواسطة :
24-11-2011 11:44 AM

لا اعرف ... متى سننتهي من مصطلح ( حراك من اجل اجندات خاصة ) واللذي هو من المعروف انه مصطلح مخابراتي بحت... يا اخي ..... ااااااااااه اجندات خاصة على رأسها استعادة الوطن الأردني ممن سلبوه.... وبكفينا من افكار tackaway تبعتكو اللي حافظينها عن غيب ومو عارفين معناها

7) تعليق بواسطة :
24-11-2011 12:23 PM

ازمة الحراك في الاردن وازمة الشغب بين العشائر مردها الى ظروف اقتصادية واجتماعية صعبه تواجه الناس ولا أمل في حلها إلا باجراءات ضبط النفقات ووقف الاعتدالء على المال ومجانية التعليم او رسوم مخفضه وظائف وتشجيع قطاع خاص بين الشباب 0 مشاريع صغيره ) يا جماعه افهموا اللي بصير وبلاش مطمطه ولف ودوران / المشكله مشخصه والحل متوفر والاراده غائبه بس هاي باختصار

8) تعليق بواسطة :
24-11-2011 12:32 PM

لا يختلف اثنان على ان مظاهر الفساد الذي استشرى في البلد ظاهر للعيان وان الحراك الموجود في الشارع قد يكون حقق جزء بسيط من الاصلاحات المنشودة او على الاقل اصبح هناك تخوف من الفاسدين من متابعة نهبهم للبلاد والعباد ولكن اليس هذا الحراك تم امتطائة ممن فعلا يملكون اجندة خاصة بهم وباسيادهم ممن يمولوهم بملايين الدولارات وابناء البلد يساعدون على فقدان الدولة لهيبتها ولرجال الامن والاجهزة الامنية التي ان فقدت سنندم جميعآ , اليس الحراك جعل المواطن يتمرد حتى على الحق , اليس الحراك هو من ساعد على انتشار الجريمة بكل اشكالها , اليس الحراك والتقليل من هيبة رجل الامن هو من جعل المواطن القوي يتعدى على الضعيف دون ان بأبة للقانون لان اقاربة سوف يفزعون لة عند استدعائة للقضاء اذا كان الحراك قدحقق القليل من الفائدة للمواطن والوطن فأنة حقق الكثير لمن من مصلحتهم ان تعم الفوضى ولمصلحة اعداء هذا الوطن , نحن نقر بكل تأكيد بوجود الفساد بكل اشكالة وبأن هناك عائلات تملك ما لا تملكة محافظات وهذا نحن ضدة وسنبقى نحاربة حتى يعيدوا ما نهبوة ولكن لنقطع الطريق على من هم سعداء بما يجري بالبلاد وسيكونوا اكثر سعادة ان عمت الفوضى اكثر ووصلنا الى الانفلات الامني , وانت يا أخ علي لم نعد توجهك وبوصلتة الى اين موجهة ففي كل مرة يختلف توجهك وتناقض نفسك وافكارك المعلنة ففي باطنك يختلف كثيرآ عما تظهر

9) تعليق بواسطة :
24-11-2011 03:47 PM

مقالة رصينة وتعكس ادراك الكاتب لواقع مجتمعه ومعاناته كيف لا وهو ابن بيئة عرفت بنقائها وطهرها وحرصها وغيرتها على مصلحة الوطن وفشل جميع المحاولات لشراء ضمائر اهلها وشق صفوفهم .
ان الشعب الارني الاصيل ممثلا بعشائرها الضاربة جذورهم بعمق هذه الطبيعة هم اصحاب كرامة ونخوة، لا يقبلون الضيم والظلم ، ولا يجب ان ننسى انهم ينتمون للمنطقة الواقعة حول بيت المقدس التي بارك الله حولها ومن يرجع للتاريخ يجد ان تحرير الاقصى الشريف والاقصى انطلق من مملكة الكرك والطفيلة وهذه ميزة حبا الله بها ابناء الشعب الاردني، وهم بالتاكيد على موعد مع التاريخ عندما تحين ساعة الجهاد وفك اسر الاقصى الشريف.
اعتقد ان علماء الاجتماع السياسي يعتبرون ان ما يحدث في العالم العربي والمسمى بالربيع العربي ليس ثورة بالمعنى الاجتماعي والسياسي فالثورة تكون لها فكر محدد واضح ومتبلور ويكون لها قيادة والية عمل ومنهجية واضحة وتعمل وفق نسق يعكسها العقل الجمعي للجماهير ..... وكل ذلك لم نلحظه في الثورات العربية. ويمكن القول ان ما يحدث هو اشبه بتساقط انظمة استبدادية نخرها العفن والفساد كالتفاحة العفنة على الشجة مصيرها السقوط . ويمكن اعتبار ما يحدث هو مقدمات للثورة والنموذج المصري والتونسي يدلل على ذلك ؛ لان الثورة تعني التغيير الجذري للمفاهيم والنظم والتوجهات وافراز قيادات ونخب تعكس القوى الفاعلة. اشكرك على هذا المقال واتمنى عليك الاختصار لاننا نعيش بعصر يفضل القارىء فيه ان لايزيد عدد احرف المقالة السياسية على الفي حرف فقط ولك خالص التحية.

10) تعليق بواسطة :
24-11-2011 08:34 PM

من وين جايب المقال

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012