أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


يا بحر مهلك علينا

بقلم : لارا طماش
30-10-2018 05:39 AM

صوت المنادي من بعيد: لم يبق لدينا أي جثة مفقودة في فاجعة البحر الميت .
بهذه الكلمات خُتم المشهد و انطفأ القنديل
فاعتصر قلبي أنا..و خفت أكثر
نعم خفت أكثر !
لست أعرف اذا كانت جمله ذلك المنادي هي سيدة الموقف فعلا في حدث ربما كان الأكبر أثرا و صدمة علينا في الأردن حيث أسدل الستار -على الأقل- على عملية البحث عن المزيد من الإبتسامات و الدموع و بذلك سيتوقف الحديث عنها ليستمر الحديث عن التحقيق .. تحقيق المسوؤلية.
هل علمتم ماذا أخافني اذا؟
أن الفاجعه حقيقة و واقع حدث فعلا عكس أمنياتنا جميعا و كم خِلت خلال الساعات الثقيلة الهامدة فوق روحي و ذاك الكرسي الذي لم أفارقه أن يكون الخبر مجرد كابوسا و حلما سيئا أو لعلّه شائعة و كذبة كتلك التي تسري في زوايا البلاد بين وقت و آخر.
مؤلم جدا كل ما حصل مسّ انسانيتنا و انفطرت القلوب و انقلب بيت كل أردني إلى مكلوم.
إنه البحر الميت الذي أنعشته أخيرا ضحكاتهم البريئة و أرواحهم الطاهرة و غرتّه أجسادهم الغضّة فعاش مرة واحدة ليلهو معهم فابتلعهم ...و غابوا ... فعاد البحر ميت !
كم تساءلت مرارا و لازال السؤال هل سيبقى هناك حماس يشعل قلوبنا لنتجه إليه من جديد طلبا للراحة و الاستجمام ؟ و هل سَتُسمع صرخات الاستغاثة في هدوء الغروب على شواطئه الذي طالما وقفنا جميعا هناك لنلتقط صورا..
كم أنت مكلوم يا وطني، و إنه البحر الوحيد هنا و قد أصبح ميتا مرتين .
أيها الملائكة نعتذر منكم فلن تطفئ أحضان الأمهات بعودتكم ككل يوم و لن يعود صدى صوتكم ليثلج قلب أم كعادتها إن غاب عنها طفلها نادته : أنت وين ؟
ردّ : أنا هون ... فاطمأنت أن القلب بخير.
و برغم الفراق القسري لن تتوقف و لن تنتهي قصة العشق التي تبدأ منذ اللحظة الأولى التي تتيقن كل أنثى أنها بداخلها الآن بذرة حياة فترعاها لحظة بلحظة ثم تفرح و تستعجل أن يكبر أبناؤها فتحتفل بأول خطوة لهم ايذانا أنهم ولدوا للحياة و تنسى أن معنى ذلك حرفيا: أنهم يفارقون أحضاننا الآمنة ليواجهوا قسوة الطريق .
أطفال الفاجعة ..ملائكة الوطن بغيابكم اعلموا أن اليتم ليس للأبناء فقط بل أيضا للآباء و الأمهات و أن الحاجة إلى عناق طويل للشعور بالأمان ليس مطلب للأطفال فقط حين يعانقون أهاليهم بل هي حاجة الآباء و الأمهات إن ضموكم إلى صدورهم.
فسلام عليكم ..ناموا بهدوء و أمان
سلام عليكم أيها الراحلون إلى أعلى السماء
التاركين وراءكم شوقا لا تطفئه السنين
و ذكرى لن و لم تمحوها كل مشاغل الحياة...
الرحمة للقلوب الصغيرة و الصبر لك يا أردن . ' الدستور '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012