أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


الإعلام الإستخباري الإسرائيلي يسرح في فضاء العرب ! بقلم : شحاده أبو بقر العبادي

بقلم : شحادة ابو بقر
20-12-2018 07:16 AM

من تابع مخرجات العقل الإعلامي الإسرائيلي على مدى العام الذي يوشك على الأفول , يمكنه رصد إستراتيجية سياسية إعلامية جديدة غاية في الدهاء موجهة لشعوبنا العربية كلها بلا إستثناء , وهي إستراتيجية من الواضح تماما أنها نتاج دراسات وأبحاث وقراءات إستخبارية معمقة لواقعنا العربي , وليس مجرد ' فزعات ' لحظية كما هو حالنا نحن العرب ضحايا الإستعمار الإسرائيلي عندما نثبت كل يوم , أن إعلامنا العربي بعامة , مجرد طاقة صوتية لا أثر إيجابيا لها في الشارع الإسرائيلي , لا بل هو تأثير سلبي يخدم ' وبإخلاص ' أعمى لا ذكاء فيه , الإستراتيجية المشار إليها أعلاه .

يستند النهج الإعلامي الإسرائيلي المستجد والمتواصل , إلى قناعة بأن ما تم التوصل إليه من إتفاقيات سلام علني مع بعض العرب , هو مجرد سلام بارد مع حكومات لا مع شعوب , وأن الشعوب العربية جميعها, مسكونة بواقع عدائي نحو الإحتلال والوجود الإستعماري الإسرائيلي برمته , وأن الحكومات ليس بمقدورها التأثير في هذا الواقع لجهة ما كانت تأمل العقلية السياسية الإسرائيلية .

وعليه وفي ضوء القناعة تلك , إستثمرت العقلية الإعلامية السياسية الإسرائيلية ما يسمى بالربيع العربي وما رافقه من إنفتاح إعلامي عالمي وعربي هائل وبالذات وسائل التواصل الإجتماعي , بأقصى ما تملك من طاقات متاحة تمكنها طبيعيا من الوصول إلى كل بيت عربي ومحاورته بدهاء شديد موجه ولا شك في أنه يترك أثرا عند البعض !

يقوم هذا الحوار الإسرائيلي مع الشعوب العربية على حقيقتن : الأولى قناعة إسرائيلية بأن الترغيب والترهيب لا يحقق الغرض المطلوب . أما الثانية فهي الثقة بأن العداء الشعبي العربي للإستعمار الإسرائيلي , لا يمكن صده أو التخفيف من حدته تدريجيا وتباعا , إلا بإيجاد عداء مقابل له وأكثر منه وقعا بين تلك الشعوب وحكوماتها وحكامها , بحيث تظهر إسرائيل في نظر تلك الشعوب كما لو كانت أرحم من حكوماتها وحكامها وأكثر منهم ديمقراطية وعدالة ومقدرة على توفير حياة كريمة لسكانها يهودا وعربا ! .
هذا النهج الإسرائيلي الخبيث يبدو جليا في توظيف جهتين لمساجلة الشعوب العربية عبر وسائل التواصل المتاحة للجميع وبقوة وإنفتاح هائلين .

الجهة الأولى مؤسسة أمنية إسرائيلية توظف باحثا بات معروفا لكل العرب عبر الشاشات العربية وغير العربية إلى جانب وسائل التواصل , مهمته تأليب الشعوب العربية ضد حكوماتها وحكامها , مستغلا الظروف الإقتصادية والإجتماعية وحتى السياسية لتلك الشعوب , في تأجيج نقمتها على واقعها المعاش وتوجية تلك النقمة إلى حكوماتها عوضا عن الإستعمار الإسرائيلي وأعوانه .

أما الجهة الثانية فهي بعض ما يسمى بالمعارضة الخارجية وبالذات الأردنية منها وحتى غيرها , عندما توفر لها المؤسستان الأمنية والسياسية الإسرائيلية بيئة خصبة لممارسة ما تسميه معارضة , موهمة أفرادها بأن المستقبل الوشيك لهم لإعتلاء سدة الحكم , وعندما تتيح لهم فرصا رحبة في الدوائر التشريعية والسياسية الأميركية , وعلى نحو فقد معه أولئك الكثير من إتزانهم وباتوا يصدقون أن حلمهم البائس ممكن مع هذا الدعم ! .
يلفت النظر في مساجلات ذلك الباحث الصهيوني المشار إليه أعلاه , أن مهمته تنصب تحديدا على تشويه صور وسمعة ونهج الحكومات والحكام العرب في الأردن ودول الخليج العربي كافة والكويت بالذات, ودول المغرب العربي والجزائر بالذات , إلى جانب مصر والعراق وسورية ولبنان والسودان لا بل هو لا يوفر بلدا عربيا , كما تمتد نقمته السجالية إلى تركيا وإيران التي يجهد كثيرا في تصويرها هي العدو الأحد للعرب وليس إسرائيل , ولا ينسى وبإستمرار حث الإخوة الأكراد على الإستقلال عن دولهم متباكيا على أحوالهم وما يعانون !.

هذا الإعلام الإسرائيلي المستجد لا يقابله إعلام عربي يخاطب الشارع الإسرائيلي المكون من خليط واسع من الأعراق والمذاهب والديانات , فهو إعلام مشتت غائب حتى وهو من يملك الحقيقة والحق ! , بينما يسرح الطرف الآخر كيفما شاء حتى وهو يفتقر إلى أدنى حد من الحقيقة والحق !, لا بل ويؤثر, وبالذات عندما يصب جام نقمته على السلطة الفلسطينية وقادتها متهما إياهم بإمتلاك الأرصدة الكبيرة في بنوك إسرائيل على حساب معاناة الشعب , وحتى بالمساهمة في بناء جدار الفصل العنصري ! مطالبا الدول العربية بعدم دعمهم لأن أموالهم تذهب إلى غير مقصدها الصحيح . ونجد من يصدقه ويتأثر بما ينشر خاصة وأن الباحث المعني أعلاه يجيد وبلغة عربية سليمة ' فن ' التأثير في نمط التفكير والعادات لكل بلد عربي , مدعوما بالطبع بمعلومات من أجهزة إستخبارية تبدو كما لو كانت تخترق سائر فضاءات العرب من المحيط إلى الخليج , ولا حول ولا قوة إلا بالله , وهو سبحانه من وراء القصد .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012