أضف إلى المفضلة
السبت , 11 أيار/مايو 2024
السبت , 11 أيار/مايو 2024


(روس كبيرة... شو يعني ؟ )
17-12-2011 09:29 AM
كل الاردن -

alt
جمال الدويري


...الكل في وطني ينتظر أن تتدحرج رؤوس كبيرة, وأخرون ينتظرون رؤوسا من العيار الثقيل, ومجموعة ثالثة تتحدث عن مراكز قوى لا بد أن تشلع من جذورها, وقوى شد عكسي لا بد للإصلاح أن "يشدها" إلى الهاوية, وهناك من يقول "البيروقراط الفاسد" و "منظومة الفساد" إن أطيح بها فسوف تستوي الأمور وتصلح حال الوطن والمواطن. وبالتأكيد تطول قائمة المسميات والألقاب والألغاز والكودات الحركية لما يصب في مصطلح جامع وشامل لكل صفات هؤلاء وأساليبهم, إلا وهو "المافيا" ولا أريد هنا الشطط في الإتيان على كل المفردات التي تمنح هذه "الشلة" عضويتها وأسباب وجودها وعيشها..

وليس مهما بالضرورة أن نحيط بكل مسمياتهم وألقابهم, ولكن الأهم أن نعرف أن هناك بين كل هؤلاء قاسما مشتركا أعظم, يجعل منهم, تقريبا, صورا عدة لأصل يحمل جينات المافيا وتطلعات "الواويات" التي ترتع "بالتفطيس ولا تستهويها الغصايب" تهاجم دجاجات لا حول لها ولا قوة في عقر "قنها" أو "خمها" ولا تتجرأ على طيور جارحة قد تفتك بها وتجعلها هي الصيد الذي أينع رأسه.

وقبل المضي قدما في الكتابة, أريد التأكيد بأنني لست بصدد إصدار أحكام على أحد, فلست أنا الذي يستبق القضاء ويتدخل بالتحقيق, وأؤكد أيضا أن كل الأسماء التي يتداولها الإعلام, الطليق منهم أو الذي سبقهم إلى "خشة خالته" لا تعنيني بشئ وليس عندي لهم أضغانا شخصية, بل وأكاد لا أعرفهم إلا مبتسمين على أطراس الصحف وشاشات الفضائيات, ولكنني وللحق سأؤكد على قناعتي الشخصية بخصوص رؤوس الفساد.

الفاسدين أيها الأخوة ليسوا رؤوسا كبيرة, ولا هم من العيار الثقيل, ولا هم بأحجام الفيلة وأوزانها, وإن هم جلبوا إلى سوق الرجال فلن يباعوا, وإن هم, فلن يدفع بهم أحد إلا وزن خردلة غثا وليس سمينا, ولن يسومهم إلا مغشوشا بهم أو غير عارف بما يحملون في جماجمهم وتحت أضلعهم الموصدة على سود الأفئدة والوجدان.

من يسرق الوطن ليس كبيرا, ومن يبيع الوطن ليس كبيرا, ومن يأخذ من الوطن ما ليس له, ليس كبيرا, ومن يغش ويسمسر على ظهر الوطن, ليس كبيرا ولا من العيار الثقيل. ومن يقبض بدل صوته في الانتخابات أو يدفع لصوت يرجح كفته فيها, ليس كبيرا, ومن يقايض ثقته للحكومة بمصلحة شخصية أو منفعة أو امتياز ليس من حقه, ليس كبيرا ولا ثقيلا, ومن يتبجح من موقعه العام يأنه عين ثمانين نائبا في البرلمان, فإنه لأخف من "ضرطة عند أس بعير" أو أقل, وإن من يجمع 111 صوتا لحكومته ويطرد من ولي الأمر بعدها بقليل, ليس ثقيلا أكثر من ثقل كل تلك الأصوات التي وددنا لو أنها لحقت سميرها إلى حيث ألقت رحلها. ومن يزور الإنتخابات ويوصم بالكازينو ويتنصل من المسؤولية ليس كبيرا ولا ثقيلا الا بالوزر والخطيئة.

ومن يرتع في خير غيره ولا يوفر حلالا ولا حراما, عاما كان أو خاصا, ليس كبيرا ولا ثقيلا, ومن يستغل الوظيفة العامة "بقشرة بصلة" ليست من حقه, فهو ليس أرجح بمنها وزنا ولا قيمة, ومن يثقل كاهل الدولة والميزانية بمسشارين صوريين لا يستشارون ويوظف على عجل قبل أن يغادر منصبه العام من لا حاجة للدولة بهم ولا هم بأصحاب الحق بالوظائف إياها, ليس بكبير ولا بصاحب عيار ثقيل, بل هو ممن عناهم الحديث الشريف ( من غشنا فليس منا ) وإن لهم لفي الآخرة لخزي وعقاب عظيم.

إن من يجوع لغناه الفقراء, ومن يبرد لدفئه الغلابى والمساكين, ومن لا يجد المرضى والمحتاجين حبة الدواء ليتعالج هو بمستحقاتهم وحقوقهم من كدر أو "داون" نفسي في مشافي أوروبا وأمريكا, ومن يدفع من مال العامة رحلاته في الدرجة الأولى مع باقي الامتيازات والمياومات خلف حدود الوطن, ليسوا رؤوسا كبيرة ولا من العيار الثقيل, بل هم ممن خفت موازينهم بالحسنات والخير وثقلت بالمعاصي والآثام, وإن جهنم لهم بالمرصاد, وأن الله لشديد العقاب.

إن الموظف العام أيها السيدات والسادة, ليحمل أمانة ثقيلة رفضنها الجبال الرواسي, وإن من يخون هذه الأمانة بأي شكل من الأشكال وبأي وزن من الأوزان لا بد ملاق ربه يوما, وسيسأل عما أدى من الأمانة أو لم يفعل, فأين يومئذ المفر؟

الفساد والإفساد وما يتفرع عنهما من كبائر وموبقات وأذى للبلاد والعباد قد لقيت التجريم والتحريم والعقاب من كل الشرائع السماوية والوضعية والأخلاقية, واعتبرت خروجا فضا وممنوعا على كل المبادئ والأعراف ولوائح الشرف وسنن الأخلاق وحدودها, فأي كبير هذا الرأس الذي يخرج على كل هذا, وأي عيار ثقيل يحمل هذا الذي يجعل من رغيف الجياع وعوز اليتامى والأرامل وثروات الوطن وترابه الطاهر سلعة للتجارة بيعا وشراء وإهداء ومبادلة وتفويضا وتأجيرا ؟

وأي اسم "رنان طنان" حفظه الأطفال الذين ترتعد أجسامهم النحيلة من برد لا يقوون على الإستدفاء عليه وأهلهم ببعض لترات من الكاز, ويعلمون عن صاحبه استغلال الوظيفة والمنصب العام وخيانة الأمانة والثراء الغير مشروع على حساب بردهم, قد يكون بحرز وحصانة من ثورة هؤلاء وغضبهم, إن قصر القضاء وعجزت أجهزة الدولة عنهم؟ وأي وزن لهم أو حجم أو وجود قد يبقى لهم إن تعاضدت عليهم أنياب الجوع وقواطع الحرمان وقانون السؤال المشروع, من أين لك هذا؟

وللدولة الأردنية والحكومة والملك, كلمة حق لا أريد ابتلاعها ونسيانها في خضم الحديث عن البدأ بإجراءات استدعاء بعض المتهمين بالفساد والإفساد لردح من الزمن,

 لن نعلق لكم الأوسمة والنياشين, ولن نمنحكم شهادات التميز وجوائز الحكم الرشيد, ولن نمدحكم حتى ولو قليلا, ولن نقيم الأفراح والليالي الملاح غبطة وحبورا واحتفاء بكم, ولن نحمل لكم جميلا أو نشكركم على مكرمة, وذلك لا جحودا ولا نكرانا ولا "قلة خواص منا" ولكن للأسباب التالية:

أولا, أن الفساد قد شاب وبلغ من الكبر والحجم عتيا وعمر بين ظهرانينا وفتك بالبشر والحجر واستباح الوطن والدولة والكرامة الوطنية والسمعة والإسم في الداخل والخارج, قبل أن تطلقوا عليه "الرصاصة الأولى" أو حتى ترسلون أحد ممثليه خلف قضبان سجن سياحي ليوم واحد.

ثانيا, إن فرعون لم يتفرعن أيها السيدات والسادة, إلا بمساعدة من فرعنه وبحمايتهم وظهرهم, وجل اؤلئك الفراعنة الصغار قد أعلنوا مرارا وتكرارا أنهم "يتنفعون وينفعون" فهل نأمل ونستطيع انتظار قصم تلك الظهور التي استندت عليها تلك الطغمة الخاسئة ذات "البطون الجرباء" ؟ وتبجحت بأنها تخدم فلانا وتعمل لفلان بكل وقاحة وصلف.

ثالثا, إن قيامكم الآن وفي أي وقت كان, بمحاسبة البعض أو الكل المسؤول عن وضعنا المزري وفسادنا المستشري وجوعنا الذي عضنا بنابه, ليس إلا بعضا من واجباتكم البسيطة والثابتة والذي أكد عليها الدستور والقانون ونظام الإدارة والحكم الرشيد, بل وهي الأمانة الإلهية التي سيسألكم سبحانه وتعالى عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون. لقد حلفتم عليها ولها في باكورة استلامكم لمهام المنصب العام والوظيفة الرسمية, نعم لقد أقسمتم أن تخدموا الوطن وتحافظون على الدستور, وهل ترك سوس الفساد ينخر جسد الوطن ويأكل عظام "الصوماليين الأردنيين" كل هذه المدة هو خدمة وحفاظا على الدستور والوطن والأمة, وتأدية لمسؤولية الراعي المسؤول عن رعيته, وكلكم راع "لنا" .

رابعا, وعلى أية حال, لن نمدح الليل قبل النهار, ولن نستعجل الأمور أو إشاراتها, ومن قال لنا والثقة قد اهتزت وبات التصديق صعبا وإن "المقروص يخشى جرة الحبل" أن ما تثلج صدورنا بدايته اليوم, لن يبق إلا بداية ونهاية في نفس الآن, ولن يتعدى إجراءات محدودة ذات أهداف محدودة لا تسمن ولا تغن من جوع, وأن حربكم المعلنة هذه على الفساد وأهله, لن تكون الا حرب "تحريك لا تحرير" نندم قريبا على الفرحة والتصفيق لها؟ وكأن القدر قد حرمنا حتى مثل هذا الفرح, ومن قال لنا أن هذا العرس "الهاجم" على الفساد ورؤوسه لن يكون مثل كل "أعراسنا الديموقراطية" التي كانت الديموقراطية من أولى ضحاياها, والنزاهة والشفافية ثاني من سكن لحدها؟

خامسا, وسادسا وعاشرا, وأكثر, هي الأسباب التي تجعلنا نحجم عن الشكر ودبج المدائح وقصائد الجوخ والحرير والدمقس قبل أوانها, ودون أن أحبط أو أخيب آمال "طموح جموح رموح" يميل إلى الاكتفاء بالقليل ورش الرماد في العيون, فإنني سوف أنتظر انتظر بزوغ الفجر ويتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود منه. وعندها سوف أصوم ثلاثا لله وأطعم ثلاثا لوجهه, وأشكر كل من ساهم "بالحرب على إرهاب الفساد" لا بل وأعتذر له عن مقالتي هذه وغيرها من مثيلاتها.

أقسم بالله أننا نريد التصديق, وننزع للضرورة والحاجة الملحة للثقة بما تقولون وتفعلون, ويستهوينا أن نحلم أحلام يقظة زاهية تراودنا عن نفسنا بالقول: إلا ابشروا آل ياسر, فقد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا, التحرر والإنعتاق من عفن الرؤوس "الكبيرة وذات العيار الثقيل" وتلاعبها وعبثها بنا وبالوطن, قادم لا محالة والفرج على الأبواب, ولكن...            "يا خوفي من عجاجات زوبيا" ويا خوفي من صحوة من الحلم الوردي عن كابوس يطبق على الأضلاع والنفس, وبقية ما تبقى لنا من أمل وحق في هذا البلد العزيز.

عاش الأردن حرا عزيزا, ووفقنا جميعا لخدمته وصلاحه.

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-12-2011 12:22 PM

اقسم بالله انك رائع و كل كلمة ذكرتها تساوي كل من هو كبير فاسد ، حمى الله كل اردني غيور على انسان وطنه

2) تعليق بواسطة :
17-12-2011 01:21 PM

أبدعت وجزاك الله خيراً. لقد ذكّرتنا عند إختلال الموازين.

3) تعليق بواسطة :
17-12-2011 04:10 PM

رئيس مجلس اداره شركه شركو للاوراق الماليه تم اداته بنهب 8 ونصف مليون دينار من اموال المساهمين وتم حبسه ورفض الدفع وتم تكفيله بالواسطه ايضا ولغايه الان يرفض اعاده قروشنا بعد ما قعدنا على الحديده والقضيه امام القضاء ولا حياه لمن تنادي يا رب اليك نشكو فساد كل شيء حولنا والله المستعان

4) تعليق بواسطة :
17-12-2011 05:02 PM

لقد قلت فابدعت . ليس كبيرا من يسرق قوت الضعفاء وليس رجلا من يستزلم على الارامل والايتام . وليس كبيرا من يحنث بالقسم ويخون الامانة . ولا نريد ان نقيم الاعراس قبل ان نرى العريس والزفة . وعندما نرى جميع من ذكرت في "خشة خالته: عندها نتيقن ان الامر جد,اما قبل ذلك فقد سمعنا الكثير من مثل هذا.
سلمت وسلم قلمك

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012