أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


هل أخطأنا بطرد الاستعمار ؟؟! د.أحمد حيــــاصـــات

بقلم : د . احمد حياصات
01-04-2019 12:58 PM

تجول في النفس أفكار كثيرة عند الاستماع لنشرات الأخبار , فنسمع عن القتل والذبح في العراق وسوريا , والصومال واليمن , وعن المشاكل المتفجرة يوميا في السودان وليبيا وغيرها من الدول العربية , وإذا خرجنا إلى فضاء العالم الإسلامي لا نسمع إلا عن الانفجارات والصراعات الدموية , ثم تتنتقل بنا النشرة إلى أخبار أكثر راحة للبال عندما تتحدث عن الاختراعات والاكتشافات والإنجازات العلمية والثقافية والرياضية عند غيرنا مما يحدث غصة في القلب , وشعورا بالغيرة وليس الحسد .

لقد أصبجنا كعرب ومسلمين خبراء في التفجيرات واستخدام الأحزمة الناسفة والسيارات الملغومة , والطائرات المدنية كصواريخ موجهة , والذبح وجز الرقاب أمام شاشات التصوير مترافقة مع التهليل والتكبير , وأسمينا كل ذلك غزوات وجهادا , وأسبغنا عليه صبغة وطنية ومقدسة , فكل ذلك يحدث من أجل محاربة الكفار والمجوس والفاسقين الخارجين عن الملة .

واستخدمنا وسائل الإعلام والتواصل التي اخترعها غيرنا لنشر ثقافة البغض والحقد واحتقار الآخر , بل والحاجة لقتله وتصفيته بأبشع الأساليب , وفي بعض الحالات كنا أكثر تسامحا حين اكتفينا بوصف الآخر فقط بأنه رجعي وعميل أو كافر و فاسق و خارج عن المسار الذي نؤمن به , فأصبحت مجتمعاتنا مكونة من سنة وشيعة وعلويين وزيديين ومسيحيين وغيرهم , ننعتهم إن لم يكونوا منا بأبشع الصفات وندعو إلى قتالهم وتصفيتهم , وفي أفضل الحالات إلى مجرد عزلهم وعدم التعامل معهم .

كما طورنا صناعة الفتاوي التي تخرج علينا كل يوم حول الرضاعة وجهاد النكاح وحرمة جلوس المرأة على الكرسي وحاجة المرأة المنقبة إلى عين واحدة فقط لترى بها وغيرها من الفتاوى التي تحوم في معظمها حول المرأة وجسدها وكأن مشكلتنا الوحيدة في العالمين العربي والإسلامي هي جسد هذه المرأة , وتناسينا تخلفنا عن غيرنا والجوع والفقر والجهل والفساد والتشرذم والأمراض التي نعاني منها , واعتبرنا أن معالجة مشكلة جسد المرأة كفيل بإعادتنا إلى قمة سلم الأمم .

والمؤلم أننا إذا تفحصنا حقبة الاستعمار والأنظمة التي كانت سائدة حتى الخمسينات من القرن الماضي وما قبلها لوجدنا أننا كنا في حال أفضل بكثير , تذكروا معي القاهرة في الثلاثينات والأربعينات حيث كانت تقارن بباريس , وكانت بغداد ودمشق منارات للعلم والثقافة , وكان لبنان سويسرا الشرق, وافتتح السودان أول جامعة له نهاية القرن التاسع عشر , كانت مجتمعاتنا خلال حقبة ' الاستعمار البغيض ' و 'الأنظمة الرجعية العميلة ' أكثر تسامحا وديموقراطية وقبولا للآخر , وأنتجت محمد عبده وطه حسين , و عباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم ونزار قباني وأم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز والكثيرين من أعلام الفكر والثقافة والفن والشعر وغيرها .

لقد أصبح جليا أن معظم الأنظمة التي تحكمنا سواء كانت 'تقدمية ' أم 'إسلامية ' ليست قادرة على التقدم بشعوبها إلى الأمام وانقطع في ظل هذه الأنظمة الإبداع واختفت الأسماء الكبيرة وأخلت الساحة لتجار الفن الرخيص , والإعلام الهابط , والثقافة السطحية وتجار الفتاوى العجيبة .

أتساءل إن كنا فعلا قد أحسنا صنعا بطرد الاستعمار 'البغيض ' ؟؟ والتخلص من ' الأنظمة الملكية الرجعية ' , وهل آن الأوان لندرك أن الفكر الشمولي والايديولوجي ' ليس هو الحل ' , وأن ما نحتاجه لتدارك ما تبقى من عالمنا العربي والإسلامي هو حكم القانون الذي يسري على الجميع ويترك القناعات والمبادئ لكل شخص ليقرر بشأنها ما يشاء , ولا يعامل الشعوب كقطعان عليها انتظار سماع الحقيقة من المرشد الأعلى أو المفتي أو القائد الملهم والسير وفقها دون تفكير , حكم مدني يقبل بالجميع ولا يحتكر الحقيقة , ولا يحمل ' وكالات إلهية ' , حكم يحترم الجميع , ويؤمن بالتعددية والتنوع والاختلاف , بل ويعتبرها ثراء ومحركا للتقدم والازدهار .

دعونا نعمل معا لتطوير أوطاننا ورفع سويتها, دعونا نترك نظرية المؤامرة وإلقاء المسؤولية في فشلنا على المؤامرات والدسائس , دعونا نتحمل مسؤولياتنا أمام الأجيال القادمة ونورثها شيئا تعتز به , دعونا نسهم في الحضارة الإنسانية ونثريها بالمفيد بدل الأحزمة الناسفة والسيارات الملغومة والفتاوى المتخلفة , صدقوني أننا قادرون على ذلك إن أردنا .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-04-2019 01:59 PM

لكاتب المقال الاحترام و لكن.. نحن كعرب و مسلمين لم نصبح خبراء احزمة ناسفة و قتل و فتاوى شاذة فكل هذه الاعمال ارتبطت بعصابات ارهابية مشبوهة لا يعرف العرب و المسلمون كيف نشأت و من يقف وراءها و لا تشكل 1% من مجموع المسلمين، اما الاستعمار الذي نتباكى عليه فهو الذي مهد للحالة التي نعيشها اليوم و رسخها

2) تعليق بواسطة :
01-04-2019 02:49 PM

عطوفة د ابو راشد ؛ باعتقادي ان الاستعمار لم يطرد ؛ بل خرج من كثير من الاماكن برغبته بعد ان تأكد من حسن سير تابعيه في معظم الاقطار "المستقلة " بدل الثمن الباهظ للاستعمار المباشر. في بلد غير بعيد قانون التربية عرض على السفارة البريطانية للدراسة والتعديل قبل ارساله للبرلمان بعد الاستقلال ب18 سنة

3) تعليق بواسطة :
01-04-2019 04:04 PM

اشكر صاحبي التعليق رقم ١ و٢. وبتقديري ان الكاتب غير موفق بطرحه .

4) تعليق بواسطة :
01-04-2019 06:03 PM

على كل الوجود العسكري انتهى
ولم يعد مهم لهم ولاستعمارهم

لكننا لا ننتج لاخبزنا ولا غطانا
امه تستورد كل احتياجاتها

ولولاهم لما وجدت خبزا
ولا لباسا

ولا كهرباء

نحن نعيش في العصور
الوسطى 1500 ميلادي

ولولاهم لما حصلنا على اعلى
المراتب العلميه ولما تعلمنا اصلا

ولو كانوا عندنا ما حاربونا
انا وانت بلقمه

5) تعليق بواسطة :
01-04-2019 06:09 PM

الدول الاستعماريه
هي من صنفتنا علماء

وربعنا حاربونا بلقمه العيش

تعاملت مع خبراء الاتحاد السوفياتي
وفرنسا وبريطانيا وامريكا
وغيرهم وتفوقنا عليهم وقدروا

هنا
واجهنا مختلف صنوف
الظلم والاستبداد

حسبي الله ونعم الوكيل

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012