أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


لمن يهمه الأمر
03-01-2012 11:29 AM
كل الاردن -


alt

شحادة أبو بقر

التعصب للذات وما يتصل بها من موجودات مادية أو بشرية، هو إحدى سمات الإنسان، بهيئته المجردة، وهي سمة من أكثر السمات رداءة إن لم تكن أسوأها وأخطرها على الإطلاق، والفرد المجرد لا يمكن أن يكون مؤمناً بالله وبتعاليم شرائعه سبحانه، إلا إذا نقيت سريرته تماماً من تلك السمة النتنهْ، وقياس مدى قرب الفرد من خالقه جل في عُلاه، هو بمقدار تحلله من سمة "التعصب" التي تفرز كما هو معروف للعامة كلها، سلوكاً إقليمياً أو جهوياً عنوانه التحيز ظلماً لفئة دون أخرى، وبالقول والعمل معاً، وأخطر أنواع هذا السلوك وبامتياز، هو ذلك الذي يلبس لبوس الحكمة أو الدين أو القومية أو ما شابه من قيم، وهنا يتجلى النفاق المقيت بعينه، فأنت تُظهر غير ما تخفي، وهذا هو الكفر بعينه، فقد ساوت السماء وبوضوح بين الكفر والنفاق تماماً!.


الإسلام دين عظيم يشترط على المسلم الحق أن يكون قلبه خالياً تماماً من كل حقد أو حسد أو ضغينة أو نفاق، مصداقاً لقوله تعالى "إلا من أتى الله بقلب سليموهنا يسقط كل ادعاء بالإيمان والصلة الروحانية المباشرة مع الخالق سبحانه، إذا ما كان سلوك الفرد موارباً باطنه شذوذ وعنصرية وتخطيط خفي لأمر ينتصر لهدف خفي يخدم فئة على حساب فئة، أو هو قد يتنكر لفئة على حساب أخرى، فيظهر غير ما يبطن، ويستغل الظرف لبلوغ غاياته باسم التدين أو الوطنية أو القومية والعمل من أجل مصلحة الجميع ليجد وفق هذا أتباعاً ومؤيدين من عامة البسطاء الذين يوظفون البصر دون البصيرة، فينخدعون بما يسمعون، وينخرطون خطأ في العمل من أجل ذلك الهدف!.


في الأردن هناك زهاء ستة ملايين إنسان يُفترض فيهم العيش معاً باحترام يبذله كل فرد منهم نحو الآخر، خاصة وأنهم جميعاً مستهدفون بلا استثناء، إلا أن واقع الحال ولسوء حظهم جميعاً ربما، يشي بغير ذلك، خلافاً لشروط الدين والخلق القويم، فالنخب المسيسة أو من تدعي بأنها "نخب"، تأخذهم نحو المجهول المرعب باسم الإصلاح الذي لا يختلف اثنان على حتمية الأخذ به وبأسرع ما يمكنوالأدهى والأمر أن التعصب المقيت والمخاوف والهواجس ونذر وممارسات الإقليمية والجهوية تأخذ طريقها بين الأوساط بلا تردد، وهذا ناجم بالضرورة عن ضعف في الإيمان وجنوح نحو العنصرية البغيضة ومجافاة للدين ولشروطه وتعاليمه حتى عند كثرة من أولئك الذين يدعونه فتفضح أفعالهم أقوالهم ولا حول ولا قوة إلا بالله!.


لا وصف يصلح أبداً لأولئك الذين يستغلون ظروف العامة وحديث الإصلاح أملاً في بلوغ غايات خاصة بهم وحدهم، إلا أنهم "مساكين" يظنون أن الله جل في عُلاه غائب عما يضمرون لإخوانهم في الدين والحياة، ولو جلس أحدهم مع نفسه جلسة حساب في حجرة مغلقة وناجى الله في ما يفعل، لاكتشف إن كان في قلبه ذرة إيمان، أنه إنما يقترف ذنبا ًعظيماً وجريمة منكرة بحق بشر جلهم من البسطاء الذين لا ذنب لهم في هذه الحياة سوى أنهم بسطاء جبلوا على البساطة التي يجلها ويحبها الله جلّ جلاله.


الأردن وطن صغير وشعب قليل ومساحة محدودة، وإصلاح حاله أمرٌ يسير جداً إذا ما صفيت النيات ونقيت السرائر، وبمقدور رجل واحد صافي النية نقي السريرة ذي حكمة ومبادرة وشجاعة، أن يكتب له وصفة الشفاء من كل داء أصابه، خاصة إذا ما توقف الجدل والطمع والطموح غير المشروع وعاد الناس إلى ربهم بصدق وعرفوا كيف يطهرون قلوبهم من كل دنس فيه نفاق وادعاء وحقد وعصبية وتآمر خفي عن البسطاء ظاهر لمن يدعون الفطنة!، فقط ... لو نظرت النخب إلى السماء بتمعن وتفكرت في خلق هذا الكون العظيم، لاستحى بعضها من نفسه ومما يفعل في بلد هو مجرد نقطة متواضعة في محيط هادر من هذا الوجود الأعظم الذي يفوق مستوى تفكير البشر كافة!.


ولو تذكر الناس الذين يجوبون الشوارع والساحات يطرحون الشعارات تلو الشعارات التي تتصارع وتخلق أحقاداً وخلافات واجتهادات إن الرسالة قد وصلت، وأنهم إلى زوال حتماً في لحظات لا يعلمها غير خالقهم سبحانه، ربما لغيروا من نهجهم هذا وبحثوا عن أساليب أكرم وأفضل تجمع ولا تفرق، وقبل هذا وذاك تحصنهم ضد العذاب يوم لا ينفع مال ولا بنون، مثلما تحقق المراد العلني في محاسبة المخطئ والفاسد وتعيد الأمر إلى نصابه وهذا حق لا جدال فيه، فالمنطقة من حولنا تحترق، ومن واجبنا دينياً وأخلاقياً ووطنياً إن كنا نعقل أن نعض على بلدنا بالنواجذ وأن نحميه من كل شر قد يصيبه، وبأيدينا أن نفعل، ولا أدري ما الذي يحول دون أن نتواصل ونتشاور ونتحاور كما تفعل كل أسرة، إن كنا نؤمن بأننا فعلاً مجرد أُسرة، وإن كنا نتقي الله حق تقاته!، أما إن كان الأمر غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله، وهو وحده من وراء القصد.



 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-01-2012 07:43 PM

مقال جميل للأستاذ شحادة أبوبقر فالاسلام هو دين المحبة والبساطة وهو الدين الذي احتوى كل الأديان ببساطته وشموليته...ان للأردن ميزة نكاد نتفرد بها عن جميع الدول العربية وعن العالم أجمع فعندما تحضر اية مناسبة وتتعرف على الموجودين سوف تلاحظ أن هناك قاسما مشتركا ..ما أود قوله هو أننا عائلةكبيرة...ونحن نرى مايحدث حولنا من ويلات وفوضى وقتل ودمار للممتلكات وعليه فأنني أدعو الجميع الى التحلي بأخلاق الدين الأسلامي الحنيف وضبط الأعصاب والتحلي بمكارم الأخلاق والتمسك بكل ما هو ايجابي من أجل المحافظة على مقدراتنا ولنفوت كل الفرص على كل من تسول له نفسه العبث بوحدتنا الداخلية..حفظ الله الأردن وجنبنا كل سوء انه سميع مجيب.

2) تعليق بواسطة :
04-01-2012 06:58 AM

أنت تتكلم عن البشر وتريدهم أن يكونوا ملائكة,والله جل وعلا لو أرادهم ملائكة لخلقهم كذلك.
لا أدري عن أي اسلام تتحدث؟فلو كان كلامك صحيحا لما ذبح الصحابة بعضهم بعضا في
معركة الجمل ومعركة صفين ومعركة النهاوند ونحن هنا نتكلم عن:علي ابن ابي طالب
وعائشة بنت ابي بكر والزبير ابن العوام وطلحة ومعاوية وعمرو ابن العاص وسعيد
ابن ابي وقاص وغيرهم الكثيرين(رضي الله عنهم جميعا)وانقسم من بعدها الاسلام الى شيع
ومذاهب لا زلنا نعاني منه حتى اليوم.
أخي الكريم لم تعد الشعوب تصدق الكلام المدبج غير الصحيح,فالكل صار واعيا بالتاريخ والجغرافيا فكن صادقا مع الناس يصدقوك,والا فكل ما تقوله يطير في
الهواء.

3) تعليق بواسطة :
04-01-2012 08:57 AM

اؤيد ما جاء بتعليق(2)سقراط,واضيف بأن تلك المذابح والحروب كانت من أجل الكرسي.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012