أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


شباب في الثمانين وكهول في الثلاثين !

بقلم : رشاد ابو داود
28-06-2019 07:20 AM

تحت ظل شجرة، على ضفة نهر أو شاطىء بحر، يحلو لنا تمضية الربع الاخير من العمر. طبعاً، الأعمار بيد الله، لكن ثمة واقعا لا فرار منه، فلا احد من البشر استطاع أن ينجو من النهاية، فالذين حاولوا تحضير اكسير الحياة ليعيشوا الى الأبد فشلوا، والذين حاولوا ازالة التجاعيد عن وجوههم واجسادهم أيضا فشلوا، وما عمليات التجميل الا تأجيل للشيخوخة فقط.
تحضرني هنا طرفة لها مغزى، قال لصديقه : صديقنا لم يكن يدخن، لم يكن يسهر، لم يكن يأكل اللحوم الحمراء، لم يكن يكثر من القهوة، لقد...مات بصحة جيدة !
الموت حق لكن الحياة فن، وكما تقول الحكمة « اعمل لدنياك كانك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كانك تموت غداً «. و» إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك «.
لكن ما هي السن التي يمكن عندها أن تعتبر نفسك قد أصبحت كبيرا في السن، وأصبحت مملا؟ تنسى كثيراً، تكرر روايات قلتها مراراً، تثور لأسباب بسيطة.
تشير بعض استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا ، حسب تقرير لـ « بي بي سي» إلى أنه سن منتصف الثلاثينيات. فوفقا لدراسة أجرتها جامعة كِنت البريطانية، فإن عمر 35 سنة ليس فقط هو العمر الذي يُنظر فيه إلينا على أننا لم نعد «شبابا»، وإنما هو العمر الذي يصل عنده الرجال إلى «قمة الشعور بالوحدة»، والنساء إلى «قمة الشعور بالملل». بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا العمر هو الذي نبدأ عنده في أن نكره وظائفنا، وذلك وفقا لاستطلاع أجرته شركة «روبرت هاف» للموارد البشرية في بريطانيا، وشمل أكثر من ألفي موظف.
وحسب ديليب جيست، مدير مركز الشيخوخة الصحية بجامعة كاليفورنيا سان دييجو، إن هناك فهما خاطئا مفاده أن مرحلتي العشرينيات والثلاثينيات من أعمارنا ستكون أفضل سنوات حياتنا، وأن التراجع في مختلف أوجه الحياة يبدأ في مراحل لاحقة لذلك، لكن في الواقع، تمتلئ هذه السنوات بالضغوط والمخاوف المختلفة المتعلقة باتخاذ القرارات المصيرية في حياتنا.
يقول جيست: «في الماضي، كان الناس يتخذون قرارات مصيرية طويلة الأمد في بداية سن العشرينيات، لكن أبناء جيل الألفية الجديدة اليوم يواصلون تأجيل مثل تلك القرارات». ويضيف: «فهم يؤخرون الزواج، ويؤجلون الإنجاب، وبالتالي فإن العديد من الضغوط التي كانت تقع في مرحلة مبكرة من الحياة أصبحت تقع الأن في سن الثلاثينيات». لكن الخبر السار هو أن بقية حياتك ستكون أسعد. نعم، ليس كبر السن شيئا مبهجا، لكن قدراتك العقلية قد تتحسن بمرور عقود من عمرك.
«فنحن نعرف أنفسنا أفضل، ونتخذ قرارات عاقلة، ونميل إلى أن نكون أقل أنانية. هذه هي الحكمة التي تأتي مع الخبرة، والتي تتحصل عليها فقط عندما تكبر في السن».
صديق على مشارف الستين كان يخشى هذا الرقم من العمر، وينظر الى مرحلة التقاعد من الوظيفة على أنها «مت قاعداً « غير أن هذا مفهوم خاطىء للعمر، فكثير ممن يتقاعدون يقولون « لقد قمت بعملي وواجبي تجاه ابنائي والآن..سأعيش حياتي «.
في الدنمارك يفضل كثير من كبار السن التمسك بوظائفهم ويرفضون التقاعد، حتى أن بعض من وصل عمرهم إلى التسعين ما زالت لديهم الرغبة في مواصلة العمل، حسب ما خلص إليه بحث أجراه مختصون في يوميات كبار السن.
ووفقا لأرقام «الإحصاء الدنماركي» الرسمي، فإن هناك زيادة ملحوظة في أعداد المسنين المستمرين في سوق العمل، بينهم 6195 ممن تجاوزوا الثمانين سنة، فيما كان الرقم قبل 10 سنوات نحو 4800، وهذه الفئة تمثل 2.5 في المائة من كبار السن الدنماركيين.
ووفق الإحصاء الدنماركي، فإن 50 شخصا فوق الـ 95 عاما لا يزالون يرفضون مغادرة سوق العمل، فيما تجذب سياسات سوق العمل آلافا من كبار السن للبقاء، وبذات الوقت يستمتعون بحياتهم دون توتر أو ضغوط أو مخاوف من المستقبل، بعكس أقرانهم في الدول الأخرى الذين ينتهي بهم الأمر في دور رعاية كبار السن.
وأكدت المستشارة في مؤسسة «قضايا كبار السن»، آنا ديبل، لصحيفة «كريستلي داوبلاديت» أن زيادة بنسبة 35 في المائة من قوة العمل شهدتها السنوات الست الماضية من هؤلاء الذين تجاوزا الـ65 سنة.
وترفض المعالجة الفيزيائية، بيرتا كارستنسن (92 سنة)، ترك مهنتها، وتصر على أنه «لا يزال هناك الكثير لتعلمه»، وهي تشارك في مؤتمرات حول العالم تتعلق بالعلاج الطبيعي، إلى جانب معالجتها للمرضى في بلدها، كما أن نشاطها لا يتوقف على العمل، بل لا تزال تستمتع بالموسيقى والرقص وتزور المتاحف ومعارض الفنون. وتقول «النشاط وملء الفراغ من الأمور المحفزة ليكون للحياة معنى، ولكي يحافظ الإنسان على القوة والمهارة».
كثر منا من لا يفهم الفرق بين أن يحيا وأن يعيش. الحياة حياة الروح ان ذبلت روحك ذبل كل ما فيك، وكم نرى شباباً في الثمانين وكهولاً في الثلاثين !
الدستور /بالتزامن مع»البيان».

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-06-2019 10:31 AM

هذا كلام صحيح 100% خاصة في الوطن العربي .الدين يطالب بالعمل و يساويه بالعبادة.
الشكر الجزيل للأستاذ رشاد صاحب الاسم العزيز على قلبي.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012