أضف إلى المفضلة
الأحد , 05 أيار/مايو 2024
الأحد , 05 أيار/مايو 2024


في غياب التشخيص تتوه المعالجة
08-02-2012 08:50 AM
كل الاردن -

alt 
د. محمد حباشنة

 
 لم استطع ان اعلم في هذ الفترة كيف تصنع القرارات السياسية في الأردن؟ وإن كان رئيس الوزراء الحالي قد أكد على التمسك بقاعدة الولاية الدستورية للحكومة فأنني ما زلت أتساءل من يصنع القرارات السياسية في الأردن؟ هل هي قرارات تلقائية على القطعة أم قرارات تنبع من أصل استراتيجي؟ هل وصلنا إلى درجة حرفية الدولة ومؤسساتها أم نكصنا إلى مستوى الهواية ولعب الحارات؟
 
 هيبة الدولة تهمشت وتقزمت وتشوهت وهي على المحك, أقر بذلك تماماً. فإذا أعترفنا بأن ذلك هو العارض المرضي فإن الف باء العلم يؤكد على اهمية تشخيص الأسباب وراء ذلك, ومن ثم البحث عن الحلول. معادلة عقلية يصل إليها طفل في عقده الأول فما بالك في دولة تراوح على ابواب قرنها الأول!
 
 هيبة الدولة (تبهدلت) في السنوات الأخيرة للاسباب التالية:
 • الضعف المهني والشخصي لكثير ممن تكلفوا المسؤولية, ولم تأت مسطرة الاختيار على مستوى (على قدر اهل العزم تأتي العزائم), فتشكيل الوزارات الأردنية تأتي بقوائم مضحكة على شكل الكوميديا السوداء. ومن الصعب من الناحية النفسية السلوكية للانسان ان يترافق الاحترام والجدية مع الفكاهة أو مع النكت, خاصة إذا كانت نكت من النوع (البايخ).
 • شبهات الفساد والعبث في المال والممتلكات العامة هز أركان الثقة في الدولة, فعلى مستوى العلائقية العائلية, كيف يتأتى للأب أن يثبت صفة الاحترام لدى أبناءه والشكوك تدور حول اخلاقه وسلوكياته العامة والخاصة, كثيراً ما رأيت في مماراساتي العيادية ابناء يشتمون ويبصقون على أبيهم السارق او المتحرش او المدمن على الكحول والقمار ويعلنون العصيان والتمرد.
 • ارجاع هيبة الدولة يحتاج إلى إجراء صارم وصادم باتجاه مقترفي الفساد. ما رأيناه من محاولات لمكافحة الفساد جاء حتى اللحظة على استحياء, وأخذ شكلاً رمزياً لا أكثر...... وتم التحفظ على اشخاص لم يكونوا بأجندة الرأي العام الكبير, وما يرد على أذهان المجتمع فكرة تلقائية أن اكباش الفداء المطروحة لا تمتلك بواكي لها (او بكيات اردنيا), وأن الدولة لا تحتمل مكافحة فاسدين من العيار الثقيل. اي ان عضلاتها ما زالت ضامره..... والعضلات إن لم تكن قادره على كسر فساد قوي ومتجذر ومدعوم فكيف لها أن تحترم على الأصعدة الأخرى.
 • هيبة الدولة تأثرت عندما ظهرت أركانها وأجهزتها مفككة, وغابت المعيارية والثبات في التوجهات والقرارات والرؤى. كيف يتأتى للمواطن ان يأخذ بعين الجد قراراً تأخذه الحكومة وتعارضه الأجهزه الأمنية, أو إجراءً أمنياً لا تعلم عنه الحكومة إلا بالأثر الرجعي. هي حالة من التيه والغموض والفوضى والتناقض في توجهات الدولة أنتقلت بالعدوى أو التمثل إلى عقول الناس, وعندما تغيب المرجعية الثابته تغيب الهيبة ويغيب الاحترام الجمعي. من يستمع إلى اوكسترا نشاز دون وجود مايسترو؟!
 
 بعض محاولات إعادة الهيبة غير الموفقة عن طريق الاعتقال لشخص (قد يخالف رأيه كثيرون ويتفق معه البعض) لم ولن تساهم في إعادة الهيبة المفترضة للدولة. ومثل هكذا قرار إنفعالي, لم يأت على معالجة الأصول التي صادرت واغتالت الدولة, بل على العكس ضربت ما بشرت به مرحلة الإصلاح في ضمان لحرية الرأي, وأعطت الإنطباع أن كسر قاعدة حرية الرأي سوف تودي بكثيرين إلى المعتقل وتصبح سبراً يخطف الاخضر واليابس.
 من شاهد مسيرة السويمة يوم الجمعة الماضي يدرك كيف إنكسرت هيبة الدولة عندما أنتقل الشعار إلى معنى الإسقاط بدل الإصلاح........... هل الدولة تريد إسقاط النظام؟ ام أن أصحاب القرار تبنوا مبدأً عبثياً باتجاه الوطن مفاده "إلى حيث اودت"؟ احجية لا اعرف جوابها ولا نياتها.
 
 drhabashneh@hotmail.com

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012