12-02-2012 08:40 AM
كل الاردن -
أدهم غرايبه
تتوالى أيام اضراب المعلمين و تتوالى معها بلادة الحكومه في معالجة القصة من اساسها . الحكومة و عبر فزاعاتها الاعلامية و الدينية تجتهد في تصوير اضراب المعلمين على انه ابتزاز للدولة ! مع العلم ان الدولة لم و لا تتورع عن مواصلة ابتزاز مواطنيها يوميا !
من حيث المبدأ من حق المعلم – و أي مواطن اخر – ان يعيش بكرامة . و الحياة الكريمة لا تنحسر في جانبها المادي فقط بل لها جانب معنوي ايضا .
المعلم الاردني اصيب بسهام عدم التقدير و طعن برماح التهميش بسبب تدخل جهات غير دستوريه في مسيرة التعليم في بلدنا , جهات ابتدعت طرقا سمجه هزت كرامة المعلم و عصفت بقيمته في المجتمع .
في الجوهر , اجزم ان الدفاع عن كل حقوق المعلم هي دفاع عن مصالح ابناءنا الطلبه . اذا لم يكن المعلم شامخا كالسنديانة في صفه فسينشأ طلبته بقامة الشوك لا اكثر و بعمق جذور الاعشاب الضارة التي يسهل اقتلاعها . و اذا لم يفح عطر أخلاقه في ساحات المدرسه فسيعتاد الطلبة على نتانة الفساد و أذا لم يلقنهم دروسا في علم حب البلد فلن ينفعهم اي علم اخر .
اذا ادركنا كل ذلك سنكتشف بسهولة انه ليس صحيحا ان المستهدف هو المعلم وحده و انما مئات الالاف من الطلاب الذين يقف امامهم و يتعامل معهم اكثر ما يتعامل معهم ذويهم .
المسأله ليست كما يحلو للحكومة و غربانها الناعقة من الاعلام المأجور - الذي يسيئ للنظام من حيث لا يعلم - الى فتاوى مسبقة الدفع بوجه المعلمين في ان تصورهم كجشعين لا يفكرون الا بمصالحهم المادية فقط في ظل ظرف اقتصادي مهترئ تمر به البلد و في ظل " محدودية الامكانيات " !
فلا يوجد مواطن " عادي " واحد مسؤول عن تدهور البلد اقتصاديا و الذين نهبوا الميزانيات و المساعدات و مقدرات الدولة بضع عشرات تتهاون الحكومة و الحكم معا معهم فلا يتم تقديمهم لمحاكمات عاجلة و لا يستعاد منهم مئات الملايين المسروقة لصالح الميزانية العامة . المعلم ليس أنانيا و وطني بأمتياز و اجزم انه مستعد للتضحية و مستعد ان يرش ملح الصبر على جراح احتياجاته الغائرة لو ان الطاقم الرسمي من كل السياسيين الاردنيين يقدمون نموذجا في العفة و التفاني لاجل البلد لكن من غير المعقول ان يقدم للاردنيين نماذج طاعنة في الفساد و مشبعه بالسخف و خالية من الغيرة على الاردن و تحظى برعاية كريمة في حين يطلب من المعلم ان يفك اضرابه و ان يحمد ربه على الحال التي هو فيها . و من غير المنصف ان تشح الميزانيات و تنضب الموارد حينما يتعلق الامر برفع مستوى معيشة المواطنيين و رفاههم في حين يتوفر المال لطبقة معينة و للاحتفالات و السفرات ! بالمناسبة اين ستذهب ملايين علاج الاشقاء الليبين في مستشفياتنا و على حساب مواطنينا ؟!
لماذا هذا التنكيد على حياة المعلم ؟ فكل حقوقه الاساسية تعطى له بالقطاره و بالمناكده و تخضع لمزاجية الحكومات لا لقوانيين و اسس واضحة .
من دواع الاستهزاء بحكومة القاضي الدولي انها تبتكر مزيدا من التعقيدات بدلا من الحلول فتارة تبتدع فكرة اللجوء للتعليم الاضافي و تارة الى المعلمين المتقاعدين و تارة تتوعدهم بجهنم من خلال فتاوي " هيئة الامر بالمنكر و النهي عن المعروف الاردنية " ! ... بلى هي هيئة النهي عن المعروف و الامر عن المنكر حين تحرم الاضراب بغرض نيل الحقوق في حين لا تحرم بيع مقدرات الوطن !
كل ذلك يحدث بدلا من أن تحزم الحكومة أمرها و تترك سيرة طيبة قبل رحيلها و تحل المشكلة من جذورها و تنهي الى الابد كل التهابات التعليم في الاردن فأنصاف هذا القطاع ليس خسارة على لااطلاق بل أستثمار ناجح بالانسان الاردني و بالتعليم الذي لطالما تغنينا به و ميزنا بعمقه عن محيطنا العربي .
لا يقلقني , شخصيا , ان تتأخر الدراسة لأيام قادمة فهذا خيرا من تتأخر البلد برمتها لعشرات السنوات !
adhamarab2003@yahoo.com