13-02-2012 08:42 AM
كل الاردن -
إياد حماد
المتابع لما يحصل على الساحة الأردنية مؤخراً من إضراب للمعلمين يكشف مدى التخبط الذي وصلت إليه الحكومة الأردنية في مواجهة التحديات التي يمر بها الأردن حيث كان هذا التخبط بارزاً من خلال التصريحات الحكومية حول وجود بدائل للمعلمين المضربين
فهذا الطرح من الحكومة يكشف بأنها لا تمتلك رؤية سياسية سليمة لحل هذه الأزمة حيث أن هذه البدائل من منظور حكومي تتمثل في الاعتماد على قوات الجيش والأمن والمتقاعدين العسكريين بالإضافة إلى التعليم الإضافي لمواجهة هذا الإضراب
فالخطورة في هذا الطرح تكمن في أن الحكومة أخذت تلوح بورقة الجيش وقوات الأمن لمنع الإضرابات وهذا ما حصل سابقاً في إضراب الموظفين التابعين للضمان الاجتماعي فالخطرهنا يتجلى بأن الحكومة تجرد الجيش من حياديته وكونه مؤسسة عسكرية لحماية حدود الوطن بحيث أنه يجب أن لا تنخرط بأي شكل من الأشكال في النزاعات السياسية الداخلية بين أبناء الشعب لتحوله إلى مؤسسة تحمي الحكومة وتقف ضد شريحة من الشعب تطالب بحق لها
كما أن هذا الطرح الحكومي يولد نزاعات بين شرائح الشعب الواحد حيث أنه ليس من العقل أن ترسل الحكومة معلمين بدائل عن أولئك المضربين دون أن تتوقع حصول مصادمات ونزاعات عند إقدام الحكومة على مثل هذه خطوة لذا قد يكون لهذا الخطوة مخاطر حقيقة أكثر من الإضراب نفسه فنرجو عدم إقدام الحكومة على تطبيق مثل هكذا طروحات كما نرجو بقاء المؤسسة العسكرية حامية للوطن والمواطن بعيداً عن الانخراط في الصراعات حول زيادة هنا أو هناك أوحول اعتصام هنا أو هناك
إن من المؤكد بأن حق الطالب في الحصول على المعرفة حق مقدس لكن لماذا هذا الهجوم غير المبرر على المعلم وكأنه أصبح عدواً للوطن ؟ أهذا لكونه يطالب بحق في الحصول على علاوة ملكية ؟ إن الغريب في الأمر بأن من كان بالأمس يعتصم ويضرب ويقف أمام رئاسة الوزراء ويكاد يقتحمها ليطالب بحقه هو نفسه اليوم من يهاجم المعلم ويجرده من الوطنية لكونه يعتصم ويضرب لكي يحصل على حقه
إن المعلم يواجه هجمة شرسة وغير أخلاقية تقوم بها بعض القنوات الفضائية المحلية التي تحرض شرائح المجتمع الأردني ضد المعلم وقد كان المرء يتمنى من هذه القنوات مناقشة السياسات التربوية لوزارة التربية والتعليم عبر العقدين السابقين ومدى تأثير تلك السياسات على تدني التحصيل العلمي للطلاب في المدارس
كما أن المرء يريد أن يعلم كيف ساهمت تلك السياسات غير التربوية إلى تحويل الجامعات الأردنية إلى مدارس فلا يمر شهر إلا وتحصل في جامعة ما مشاجرة أو أكثر ؟ كما أن المواطن يريد أن يعلم كيف ساهمت تلك القوانين التي تجرد المعلم من سلطته في تدني سوية التعليم في الأردن حتى أصبح الطالب الجامعي في كثير من الحالات يشترى رسالة الماجستير أو الدكتوراة عبر الإنترنت ؟
إن التعليم من أشرف المهن وأنبلها وهي مهنة الأنبياء وبها ترتقي الأمم ولست أدري كيف ترتقي أمة يهان فيها المعلم ؟ فالمعلم قبل أن يكون بحاجة إلى دراهم لهو بأمس الحاجة إلى التقدير المجتمعي الذي فقد نتيجة سياسات التجهيل ونتيجة تربع بعض الشخصيات غير التربوية مقاليد وزارة التربية حيث كان كل همها إضعاف هيبة المعلم وحوسبة المناهج وإخراج كتب مدرسية ذات مواصفات ومقاييس عالمية دون النظر إلى الواقع التعليمي على أرض الميدان ودون مشاهدة نتائج هذه السياسات على أرض الواقع ...
iyad197700@yahoo.com