أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


في الإقتصاد قوة

بقلم : المهندس علي ابوصعيليك
22-05-2020 11:50 PM


يكاد الوضع الإقتصادي المتردي الذي تمر به العديد من دول العالم يستحوذ على أعلى إهتمام بعد الإهتمام بتطورات مرض Covid 19 من نواحي صحية ،ولأن الإقتصاد عصب الحياة والمال لاعب أساسي في حلول المشاكل بل هو أيضا سبب أساسي للعديد من الصراعات، ولأن العديد من الدول العربية تعاني أصلا الأمرين من الترهل الإقتصادي منذ عقود ولم تستغل العديد من الفرص السابقة في إحداث إنطلاقة إقتصادية تؤدي إلى نمو مجتمعي قد يتبعه تطورات أخرى فلماذا لا تكون هذه المرحلة الصعبة هي بداية إنطلاقة إقتصادية جديدة قد لا تتعارض حتى مع القوى الغربية بل وقد تكون داعمة لها ولنا هنا في عمالقة إقتصاد مثل كوريا الجنوبية مثال حي.
إستثمار الأزمات في الإنتقال من عهد إلى أخر ليست بالحدث الجديد عالميا، وتاريخيا كانت اليابان وكوريا الجنوبية في أدنى مستوياتها الإقتصادية والفكرية والثقافية والإجتماعية بل والأخلاقية أيضا في النصف الأول من القرن الماضي بعد أن خسرت اليابان أمام الحلفاء الحرب العالمية الثانية وأيضا تحررت كوريا الجنوبية من الإستعمار الياباني لها، وإستثمرت اليابان في مواطنيها بشكل مميز وتخلصت من النظام الطبقي وتغيرت العديد من النصوص القانونية التي كانت تشكل عوائق أمام نمو البلاد وأيضا رسخت علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية المنتصرة في ذلك الوقت وجلبت ايضا أفضل الخبرات العالمية على سبيل المثال الأمريكي وليام ديمينغ والذي بنى نظرياته في علوم الجودة والإدارة على الأهمية العالية للموظفين في تحسين ظروف الإنتاج ولاحقا كان له الكثير من الفضل في تطور اليابان ولم ينسوا قيمته وفضلة وعلى اسمه توجد في اليابان أفضل جائزة تنافسية بين الشركات اليابانية.
وعلى الجانب الأخر تدين كثيرا كوريا الجنوبية للحاكم 'بارك تشونغ' في تطورها والذي بدأ بخطوات مهمة في تطوير الأنظمة التعليمية والتدريبية والتي مرت بالعديد من المراحل الحيوية ولكن أهمها ما يذكر عن دور الدولة في حماية الشركات المتوسطة وتمويلها ومساهمة تلك الشركات في التخطيط لإقتصاد الدولة وتوجيه الإقتصاد نحو قطاعات التصدير بعد أن أصبحت العديد من القطاعات الصناعية قوية جدا وكانت هنالك العديد من التحديات والمتغيرات وإنتهجت الدولة إقتصاد السوق لمواجهة أبرز التحديات وأصبحت دولة رائدة في مجالات الصناعات التقنية وتكنولوجيا المعلومات.
مما لا شك فيه أن اليابان وكوريا الجنوبية هما دولتان ناجحتان وتعيش شعوبهما حالة متطورة من الرخاء الإقتصادي وهما من أقوى إقتصادات العالم حاليا وفي قراءة أسباب ذلك فإن التنمية البشرية كانت أساس النجاح وترافق ذلك مع نشأة وتطور وحماية الشركات الكبرى ومساهمتها في بناء الدولتين .
وأيضا إنتصر الصراع بين التطور والبيروقراطية لصالح التطور وتعدلت العديد من القوانين ويسجل للدولتين أيضا حسن إختيار الحليف المناسب في ذلك الوقت وبقياس ما تم ذكره على الوضع العربي حاليا فإن العديد من العوامل التي تساعد على النجاح متوفرة ولكن الإرادة السياسية غائبة كثيرا بل لا يشعر العديد من مواطني دول عربية إن بلادهم قد تحررت من الإستعمار إلا ظاهريا لأن العديد من الإمكانيات غير مستغلة وهناك حالة تعليمية شكلية في العديد من الدول وأيضا فإن التركيز والدعم يتجه كثيرا نحو أمور لا جدوى منها بينما من يفترض أن يكون لهم دور كبير في تنمية البلاد مغيبون تماما وهناك أيضا ظواهر لا تساعد على التطور ومنها الطبقية المجتمعية والتمييز والعنصرية والبيروقراطية الحاضرة في العديد من المعاملات ..والغالبية من المواطنين غارقون في شؤون حياتية لا تساعدهم كثيرا في تشغيل العقل الذي هو أساس التطور والبناء بل وأيضا تزايدت الكراهية نتيجة العديد من الصراعات التي لازالت مستمرة .
إن الإنسان بشكل عام عندما تتوفر له مقومات الحياة فإنه يساهم في تنمية البشرية جمعاء والعكس تماما فإن غياب العدالة الإجتماعية عواقبه وخيمة ومن مصلحة الجميع إستغلال الوضع الحالي لبناء فكر جديد مفيد للجميع وليس لشريحة معينة وينقل الجميع ليكونوا عناصر فاعلة في الحياة ..
البيروقراطية وإحتكار القرار وغياب العلم تخلق ظروف صراع والإنسان العربي عاش القرن الماضي في صراعات وأن الأوان أن يقول المواطن العربي تحديدا كلمته ويعود لعقلة وفكره النير ويستفيد من مقدراته والحقوق لا يمكن أن تمنح عبر البيروقراطية والتطور يحتاج للاصرار ولفترة زمنية والتفكير في الأجيال القادمة يجب أن يكون نقطة إتفاق عند الجميع.
aliabusaleek@gmail.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012