15-03-2012 08:30 AM
كل الاردن -
جمال الدويري
أذكر جيدا بعيد جلسة الكازينو النيابية الأولى, خرج بعض النواب بإعلان استقالاتهم من المجلس احتجاجا على تبرئة ساحة "الكازينومان" وتأكيدا على أنهم غيرا عن زملائهم وأكثر حرصا منهم على مصلحة الوطن وأكثر زهدا بالنيابة وال "الكرسي" إذا ما تعلق الأمر بمصلحة الأردن والشعب.
أعتقد أن عددهم كان آنذاك ستة لا سابع لهم, وقد لاقى هذا الإيثار الظاهري استحسانا عند شريحة عريضة من المواطنين, وقد كنت شخصيا واحدا ممن فرحوا بأن لدينا نوابا يقولون "يلعن أبو الكرسي اللي بده يخليني أبيع صوتي"
وذهبت مع بعض الإخوة من الناشطين والحركات الوطنية مساء يوم إلى مضارب سعادة النائب الشايش الخريشا لشكره وتقدير موقفه الرافض للفساد والتصالح معه, وكان وقتها واحدا من النواب المستقيلين.
تكلم سعادة النائب باستفاضة, وأكد على أن مصلحة الوطن عنده هي الأولى وإن التاريخ سيسجل المواقف وأن العمل العام يقتضي النزاهة وتأخير المصالح الشخصية و....و....و.....
وقد فهمت من حديثة, وكان بالعربية الواضحة, أن قرار استقالته نهائي ولا رجعة فيه, فالوطن أهم من النيابة.
وأذكر أن تأكيده المتكرر دفعني إلى مداخلة قلت فيها, يا سعادة النائب, سوف تأتيك غدا الجاهات والوجاهات, ومشان فلان وبحب علان, فماذا أنت فاعل؟ قال الشايش الخريشا, بعد أن حلف وأغلظ في الحلف, لن أعود ما دام هؤلاء ..... في المجلس والحكومة.
وباقي القصة تعرفونها أعزائي القراء, أبناء وطني وشركائي بالهم والمصيبة. عاد الشايش الخريشا وزملاءه الخمسة إلى مواقعهم, والمجلس هو المجلس والحكومة هي الحكومة, ولم يتغير شيئا ولم تنفذ مطالبا.
اليوم يتكرر السيناريو وتتسع دائرة المستقيلين إلى العشرات, وبسرعة البرق وقبل أن تقبل استقالاتهم ويتورطون بضياع "الكرسي" عادوا والعود "أقرد"
سخنت الفارات والتهبت لوحة الأحرف وأصابني الإحباط والقنوط, ومعي الكثر من الأردنيين, ونحن نكتب عن "لا شرعية" مجلس أل "111" وعن عدم تمثيل مجلس "المخلوطة" لشعب محترم وجدير بالإحترام, وعن أن الكيل قد طفح, والقرف والاشمئزاز والغثيان قد أصبحت القواسم التي يتشارك بها الأردنيون عند الحديث عن العبدلي وما يخبئه من ممثلين للإمتيازات واللاهثين وراء مصالحهم الشخصية والمستعدين لسماع كلمة الأم الرؤوم "الحكومة" دون كلمة الشعب والمواطن المنهك الذين يدعون تمثيله والدفاع عن مصلحته.
عاد نواب "الفوسفات" عن استقالاتهم قبل أن يسمع البعض حتى بها, وقبل أن تعود الفوسفات إلى أصحابها الشرعيين وقبل أن يحاسب "فراش" واحد كان له إصبعا بالتفريط والسرقة الكبرى.
وقد التأم اجتماع السيدات والسادة النواب الذي طوى ملف الإستقالات الجماعية, على حد قول أحدهم, في مضارب سعادة النائب الشايش الخريشا. وأعتقد أن المناسف كانت سيدة الموقف.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, وإنا لله وإنا إليه راجعون, وعظم الله أجركم أيها الأرادنة الأعزاء.
مسرح عرائس؟ مسرح أطفال؟ مسرح هزلي؟ كوميديا سوداء؟ استعباط واستغفال؟ تخبط وعشوائية؟ مجبر أخاك لا بطل؟ أم ماذا؟
هل يعتقدون "سعادات" النواب أننا "ثور الله في برسيمه" ويستطيعون بيعنا كل هذا العبط والغث في ديباجة "نية الاستقالة" واسطوانة "لم أعد قادرا على التحمل" وإجراءات إعداد المسرح لهزلية الإنتخابات القادمة وتسجيل المواقف الوطنية الوهمية؟ هل يظنون أن الأردني يصدقهم وتحترق "فيوزات" وجدانه وأحاسيسه عندما يوهمونه بأنهم "غيرا عن الغير" ؟ وبأنهم لن يكونوا كومبارسا على خشبة المسرح "اللاهي" بمصائرنا ومستقبل أجيالنا؟ وبأنهم يتنازلون عن امتيازاتهم الشخصية من أجل "خاطر عيون الأردن والأردنيين" ؟
المجلس النيابي السادس عشر غير شرعي ولا يمثل إلا نفسه وبعضا ممن يدور في فلكه وآخرين ممن لهم مصالح شخصية في بقائه واستمرار مسرحيته المقززة.
لم يصدر عن هذا المجلس منذ حبا وخطا خطواته الأولى غلا كثيرا من الغث وقليلا من السمين, لم يصادق إلا على الكثير مما لا يراعي مصالح الأردني ويسترعي احترامه ويحقق طموحاته, وما مرور المادة 23 من قانون مكافحة الفساد, التي تكمم أفواه النقد والإعلام, سيئة الذكر من العبدلي إلا مثلا واحدا بسيطا على السوء الكثير الذي جسده نواب السادس عشر.
وما القادم إلا أكثر سوءا وأكثر مرارة وسوادا, ولهذا أطيل في عمر المجلس. فمن منكم أيها السيدات والسادة غير قادر على الإستقالة الفعلية والهرب إلى الأمام, فليصدقنا المقال وليخاطبنا ولو مرة واحدة بلسان حذق طلق بلا خوف ولا جزع عن الصحيح. أما من لا يريد الاستقالة رغم كل دواعيها ومبرراتها لا بل وضروراتها فهو ممثل الحكومة لا ممثل الشعب, وممثل الفساد لا عين الشعب عليه, وهو ممثل بعضا من الأردنيين وليس كلهم. وإن الأردنيين ليعرفون كيف يتعاملون مع هكذا نائب وهكذا مجلس.
لعبة الإستقالة أيها السيدات والسادة, كما تمارسونها في السادس عشر, واضحة وجلية ولا أحد يصدقها, وتفتقر لبعض الدهاء السياسي والتمويه على العقلين الأردنيين "الوعي واللاوعي" فهل لي أن أصدقكم المقال وما يتناقله الأردنيون بخصوصكم,
"الله لا يعطيهم العافية" "قرفونا الله يقرفهم" "فاسدين أكثر من الفساد نفسه" "لا تصدقوهم ما رح يستقيلوا" "أمرهم مش بيدهم" "تراهن أنه رح يسحب استقالته" "من قلاية بندورة لقلاية بندورة إذا ما برجعوا" وغيرها كثير.
وأنا أقول, اتقوا الله بالأردن. وحبذا لو كنتم قلاع اللعبة لا بيادقها.
ordunnannews@hotmail.com