أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


فلنرحل إذا...!!!
02-04-2012 07:42 AM
كل الاردن -

alt 

د. نافذ أبوطربوش


 

 قبل أربعين عاما من الآن, عرضت فيروز مسرحية ناطورة المفاتيح على خشبات المسرح... لن أطيل الكلام والنقد الأدبي والإسقاط السياسي للمسرحية, وسأتحدث باختصار...!!!
 في المسرحية شعب طفران ويقوم بدفع الضرائب التي لا تنتهي, وبين عشية وضحاها, قامت الدولة بفرض ضريبة إضافية, فحواها أن كل شئ يملكه أي فرد من الشعب, يؤول نصفه للملك, فعندما قدموا لفيروز كي يطبقوا القانون الجديد عليها بصفتها فرد من الشعب, كان عندها "عنزة" و "خمس دجاجات", فقالت "يكرم الملك" بطريقة سخرية, وأتبعت "عندي عنزة وخمس دجاجات, ياخد الملك نص العنزة ودجاجتين ونص", ولكنهم أوضحوا القانون لها, فالضريبة هي مالية, وليست عينية, فهم يقوموا بتقدير الممتلكات, ومن ثم يفرضوا نصف ثمنها على من يملكها!!! وإن لم يملك المال في حينها, يعمل بالسخرة إلى أن يتم دفع الثمن... إجحاف ما بعده إجحاف, وظلم ما بعده ظلم... الشاهد في المسرحية, أن الظلم الفاحش صنع فكرة خلاقة لدى الشعب "اللي ما هو عارف منين يلقاها وخصوصا كرامته المهانة", فتجمع الناس حول الفكرة الخلاقة, وقاموا بتنفيذها... الفكرة هي الرحيل!!! وصلت كرامة الشعب حدا من الإجحاف إلى أن اتخذوا قرارا بالرحيل عن بلادهم وتركها للملك كي يفعل ما شاء بها, وهذا أجرأ قرار سياسي سمعته في تاريخ حياتي, فتركوا بلدتهم, ولم يعد في البلدة أحد غير فيروز, وبقيت حتى يجري حوار المسرحية... هذه الفكرة, جعلت الملك يضرب أخماسا في أسداس, إلى أن وصل به المطاف باستجداء فيروز كي تقنع الناس بالعودة لبيوتهم وبانتهاء كل مظاهر الظلم الذي كان يمارسه لأن الدولة انهارت بعدما رحل الشعب, أول وأهم أركان الدولة وخطها الأحمر الأول...
 ما ذكرني بالمسرحية, هو الظلم الواقع على أحرار الطفيلة الموقوفين منذ فترة, وما تبعها من اعتقال الخيمة المقامة من أجلهم, ثم ما جرى البارحة من اعتقالات على دوار المعلمين "الدوار الرابع" لبعض من شارك باعتصام يطالب بإطلاق سراح الأحرار... يلازم هذا الأمر سلسلة لامتناهية من التأزيم, فلا محاكمات لفاسدين, ولا أموال منهوبة عادت للخزينة, وأراضي الدولة لم تعد للخزينة أيضا, ومهزلة الفوسفات, وآخرها النقاش حول رواتب التقاعد للنواب وجوازات السفر الحمر... كل مشهد يجري في الأردن, فحواه التأزيم, خلق أزمة من لا شئ, وكأن احدا يدفع البلاد نحو الصدام... من الذي يريد تأزيم الموقف؟! ولمصلحة من؟! أتريدونا صما بكما عميا؟! أتريدونا كالحمير نحمل أسفارا؟!
 إن كنتم تريدون تأزيم الموقف, فوالله ليس هناك من يريد تأزيمه من الشباب الأحرار, ليس لشئ إلا لأنهم يعشقون أرض الأردن وتسري في عروقهم كالدم, ولكنهم لا ولن يسكتوا على الظيم الواقع عليهم وعلى الأردن وأرضه وشعبه ومائه وترابه, وهذه هي عجلة التاريخ, والتغيير لا محالة عنه, ولأن الأحرار يخافون على بلادهم "أكثر بمليون مرة" من أهل الفساد ومن يرعاهم, لا أظن أن هناك خيار غير الرحيل!!! قد ينطبق واقع المسرحية على الأردنيين إن أرادوا الرحيل للصحراء الأردنية مثلا تبعا للمقولة "هاي البلد, إشبعوا منها, تانشوف مين بدكم تحكموا"...
 هل سنرى الأردنيين يشدوا رحالهم قائلين "فلنرحل, فلنرحل, فلنرحل, فلنرحل"... أسوأ أمرين في هذه الحياة, وأتقل أمرين على كاهل أي إنسان, هما "غلبة الدين وقهر الرجال",وكلاهما متوفر بكثرة عند الأردنيين, فهم مدينون ديونا طوال عمرهم لا بل يورثوها لأولادهم من بعدهم, وهم مقهورين قهرا ما بعده قهر, قهر بلقمة العيش المسبوغة بالذل وامتهان الكرامة... أواه يا أردن...

 nafeztarboush@yahoo.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012