علماء الفضائيات

الجمعة , 17 أيار/مايو 2024

علماء الفضائيات

بقلم : إياد حماد
21-04-2012 10:33 AM

في السابق كان يتم الفرز بين العلماء على أساس أن بعضهم يعد من علماء السلاطين وأن البقية تعتبر من العلماء الربانيين الأتقياء الذين يحملون راية الدين ولا تأخذهم في الله لومة لائم لكن في زماننا حيث عمت الفتن والتي أصبحت تأتي من كل حدب وصوب رأينا بأن علماء الدين تنوعت أصنافهم وتعددت اتجاهاتهم حتى أصبح يختلط على المسلم العامي من هو العالم ممن هو مدعٍ للعلم ومن هو مهتدٍ ممن هو ضال من بين هؤلاء

واللافت للنظر أن في العقد الأخير برز صنف من علماء الدين والذين يمكن تسميتهم بعلماء الفضائيات أو بمعنى أدق العلماء الذين يفتون حسب ما يهواه الجمهور ويتميز هؤلاء بالتساهل في الدين ومحاولة تمييع أحكامه بذريعة كسب قلوب الجماهير وعدم تنفيرهم من الدين ومن هذا الباب نجد أن بعض من يدخل تحت هذا الصنف لا يجد حرجاً في أن يقدم محاضرة دينية أمام حشد من الشباب والشابات تكون فيه غالبية الشابات من الكاسيات العاريات وبل قد لا يجد بأساً في مصافحة النساء باليد

هذا الصنف من علماء الفضائيات انتشر بشكل سريع حتى أصبح بعض من ينسب لنفسه العلم الشرعي يسارع إلى افتتاح فضائية خاصة به حتى يزداد من خلالها نجومية وشعبية ومن المؤسف بأن بعض الفضائيات فتحت الباب لبعض من لا يملك المؤهلات العلمية للفتوى في مسألة متعلقة بالوضوء لكي يظهر على شاشاتها ويتكلم للناس عن السياسة الشرعية والجهاد ويفتي في مسائل الكفر والتكفير

ولقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم : ' بأن العلم لا ينزع انتزاعاً من صدور الرجال لكن يقبض بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ' فهنا الرسول عليه السلام يحذر من أدعياء العلم والذين يتصدرون للفتوى بغير علم ولا تأصيل شرعي

بالطبع أنا لا أتهم كل من يخرج على الفضائيات للإفتاء بأنه من أدعياء العلم الذين حذر منهم رسول الله عليه السلام بل منهم من العلماء الربانيين الذين يقفون أمام حدود الله تعالى ويلتزمون بالدليل الشرعي وينطقون بالحق حتى وإن لم يعجب أهواء الكثير لكن هذا الصنف من العلماء الربانيين يكاد يكون من الندرة بمكان في زماننا حتى كادوا أن يكونوا كالياقوت الأحمر في ندرته
لكن المشكلة بأن الفضائيات قدمت الفرص الذهبية لهذا الصنف لكي يخرج على الناس فيقدم الفتاوى التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان والتي بعضها يبيح قتل المسلمين بغير حق والتي بعضها يثير السخرية كونها لا تصدر عن دليل شرعي وكونها قد تخرج أحياناً عن حدود العقل ومن المؤسف بأن بعض نجوم الفضائيات من هؤلاء أصبح يعد عند بعض العامة من مصاف العلماء الأجلاء والذين لا يحق لأحد التعليق عليهم فلحومهم مسمومة حسب زعمهم

والحقيقة أن غالبية علماء الفضائيات ليست لحومهم مسمومة بقدر ما يحملون في عقولهم من أفكار مسمومة تبث في أذهان العامة فيتلقاها الشخص على أنها الحق المبين الذي ليس بعده إلا الضلال والواجب على هؤلاء أن يتقوا الله في الأمة وأن لا يتصدروا للفتوى إلا بالدليل وأن لا يكون الدين عندهم مجرد تجارة وأن يحذروا من أن يكونوا من الرؤساء الجهال الذين حذر منهم رسول الله عليه الصلاة والسلام ...