أضف إلى المفضلة
الخميس , 05 كانون الأول/ديسمبر 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 05 كانون الأول/ديسمبر 2024


الحروب الجديدة

بقلم : اسماعيل الشريف
19-12-2021 06:06 AM

«لا يمكننا خوض حروب جديدة بأسلحة قديمة»، فينوبا بهافي، ناشط سياسي هندي.

يختلف علماء السياسة والاجتماع حول موعدي بداية ونهاية انهيار الإمبراطورية الأمريكية، ولكنهم يُجمعون أنها تتآكل ببطء، وتحاول منع أو تأجيل هذا الانهيار، وقد صدر تقرير خطير للغاية عام 2019 يحذر من التغير المناخي الذي يهدد الجيش الأمريكي ويعجل بسقوطه.

تعي الولايات المتحدة هذه الحقائق، بل وتستفيد منها في بناء استراتيجية الحروب الجديدة، فكان من نتائجها حربي سوريا وليبيا واعتبارهما نموذجين يمكن تعميمهما على دول أخرى.

فليبيا تحولت من دولة يتمتع شعبها بالرفاهية إلى دولة فاشلة تنتشر فيها تجارة العبيد، وقُتل في سوريا نحو نصف مليون شخص ونزح أكثر من ثلاثة عشر مليونًا، هاتان الحربان كان قوامهما دعم الجماعات الإرهابية بالمال والعتاد والطيران والمعلومات الاستخباراتية؛ لكي تخوض معارك بالوكالة وتزعزع الاستقرار مما أدى إلى استنزاف الدولتين وتمزيقهما.

كما استغلت الولايات المتحدة ومن ورائها الفصائل المسلحة أزمة الجفاف التي تعاني منها سوريا، واعتبرتها تجربة يمكن تطبيقها في دول أخرى تعاني من أزمات مناخ كمبرر للسيطرة عليها وإخضاعها.

وتم استخدام النموذج الليبي لزعزعة أمن دول إفريقية أخرى، بافتعال فوضى مصطنعة ثم دعم فصائل إرهابية في الدول غير الموالية واستخدامها كذرائع للتدخل، أما الدول الموالية فتبنى القدرات الأمنية فيها من خلال حليفتها فرنسا.

صدر تقرير للأمم المتحدة جاء فيه: العديد من المتعاقدين الخاصين والجهاديين المسلحين بشكل جيد يعملون في البلاد، ويستوفون معايير المرتزقة، وإذا ما جرت انتخابات كما هو محدد في 24/12/2021 فيجب إبعاد كل المرتزقة كشرط أساسي لنجاح الانتخابات، ولغاية هذه اللحظة لم يتم ذلك، وها هي ليبيا تتخبط قبيل أسبوع من هذه الانتخابات.

اعترف أوباما مرة بأن أكبر أخطاء إدارته كان فشلها في تحقيق الاستقرار في ليبيا، ولكن في حقيقة الأمر لم يكن الاستقرار مطلبًا في جميع دول الربيع العربي، كما في العراق سابقًا، فاستراتيجية الولايات المتحدة تقتضي في حال فشلها بإحكام قبضتها على أي دولة واستمرار الرفض الشعبي والمقاومة، أن تغرق تلك الدولة في فوضى.

هذا النهج ظهر جليًّا في أفغانستان، التي ما زالت تتخبط في حروب داخلية، وتنتشر فيها قوات المرتزقة وعملاء المخابرات، وتدعم فيها الولايات المتحدة المنظمات الانفصالية كالآغور التي قريبًا سنسمع بشنها عمليات داخل الصين.

إبقاء الدول في حالة فوضى، يحقق فوائد مباشرة للولايات المتحدة؛ منها السيطرة على موارد هذه الدول كما يحصل في العراق، أو إضعافها بحيث لا تشكل أية قوة من شأنها تهديد الكيان الصهيوني كما حصل في الدول العربية الكبرى، أو منع الصين من الاستثمار في البنية التحية وبناء تحالفات اقتصادية كما يجري في القرن الإفريقي، والصومال مثالًا؛ فقد أرسل بايدن طائرة مسيرة قامت بعملية إرهابية عندما حاولت الصين الدخول إلى الصومال، كما أغلق الطريق أمام مشروع الصين العملاق «مبادرة الحزام» التي كانت ستمر في أفغانستان.

إذن، الحروب التقليدية انتهت، ووصفات الحروب الجديدة هي مزيج من أنظمة حكم موالية -وإذا ما ثارت الشعوب ضدها فستستبدل بها دمىً جديدة؛ كما حدث في كولومبيا في الأشهر الماضية- ومرتزقة وإرهابيين وفوضى مصطنعة، وتغير مناخي...

قرأت مرة أن من أسباب انهيار الإمبراطورية الرومانية أنها في آخر أيامها تركت المرتزقة يحاربون نيابة عنها!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012