أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
الملك: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بمجزرة جديدة وتوسيع دائرة الصراع بالإقليم الفراية: المراكز الحدودية بحاجة لتحديث أجهزتها منعا لتهريب المخدرات التربية تتيح أرقام الجلوس لطلبة توجيهي الدورة الصيفية - رابط حماس تقدم المزيد من تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار لقاء مرتقب بين الملك وبايدن فرح ورصاص بالهواء في غزة ابتهاجا بموافقة حماس على الهدنة تل أبيب: المقترح الذي وافقت عليه حماس "مصري" وغير مقبول إسرائيليا خليها تقاقي .. حملة لمقاطعة الدواجن في الاردن "حماس" تبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النار في غزة تزايد إقبال المرضى والمراجعين على المستشفى الميداني الأردني جنوب غزة الصفدي: الفشل في منع مذبحة رفح سيكون وصمة عار الحنيفات: تسهيلات للاستثمار في المدينة الزراعية السياحية التراثية بجرش وزير الصحة: خطة لتحويل المراكز الصحية الفرعية إلى أولية حماس: الهجوم على رفح لن يكون نزهة لجنود الاحتلال الفريق الوزاري يلتقي تنفيذيي عجلون
بحث
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024


الأزمة الأوكرانية وإعلان ولادة عالم متعدد القطبي

بقلم : الدكتور فايز الجبور
24-02-2022 11:53 PM

يبدو أن ملامح نظام دولي متعدد الأقطاب آخذة بالتشكل مدفوعا بالطموحات والأحلام الروسية التي تستند إلى الإرث الامبراطوري السوفييتي السابق من جهة، وانكفاء الولايات المتحدة الأميركية في عدة نقاط مختلفة على مستوى العالم من جهة أخرى.
ومما لا شك فيه أن الأزمة الأوكرانية رسمت ملامح النظام الدولي متعدد الأقطاب بصورة واضحة تماما، إذ وقفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون موقف المتفرج إزاء الخطوات الروسية تجاه أوكرانيا دون أن يعبأ الروس كثيرا بتهديدات الغرب عموما، والتلويح بالعقوبات الاقتصادية إذا ما اجتاحوا أوكرانيا.
وإذا كان الاتحاد السوفييتي السابق قد أفل نجمه، فربما لا زالت الشمس في أوج الظهيرة بالنسبة إلى القطب الروسي الجديد، فيما المقاعد شاغرة للأوروبي والصيني، أما القطب الأميركي فليس ببعيد.
والمتأمل بقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصارم والحازم فيما يتعلق بالأمن القومي لبلاده، والضمانات بألا يتوسع حلف الناتو شرقاً على الحدود الروسية، لأن هذا الأمر غير قابل للنقاش أو التفاوض بشأنه مطلقا، يفصح عن عملاق يملي شروطه، وعلى الجميع أن يصغي جيدا عندما يتحدث الروسي بلهجة الواثق بنفسه.
ولكن الاستجابة الأميركية-الأوروبية لم تكن بالوتيرة المتسارعة للأحداث نفسها، بل يمكن القول أن الأوروبيين اختبأوا تحت الطاولة، وتركوا المجال للولايات المتحدة بأن تقرر نيابة عنهم، ما دفع بالرئيس الروسي التصريح بأنه سيتفاوض فقط مع أميركا لأن القرار بيدها فيما يتعلق بالرد على الخطوات الروسية.
بيد أن الأوروبيين يحاولون جاهدا النأي بأنفسهم عن الحليف الأميركي، وأن يتداركوا الموقف باستقلال في قرارهم، وهذا ما نلمحه في الموقف الألماني الفرنسي إزاء الأزمة الأوكرانية.
وأما الولايات المتحدة فاستبقت ذلك بإعلانها أنها لن تخوض حربا مع روسيا، وستكتفي بـ'العواقب الوخيمة' التي سرعان ما تبين بأنها تعني العقوبات الاقتصادية، وستشدد هذه العقوبات إذا ما اجتاح الروس أوكرانيا، وستكون أي العقوبات أشد إيلاما، لكن ذلك لم يفت في عضد الروس الذين يبدو أنهم حسموا أمرهم مسبقا، وأعدوا عدتهم لذلك، إلى الدرجة التي صرح فيها الرئيس الروسي بأن العقوبات ستفرض على روسيا في جميع الأحوال، ومن الواضح أن مسألة العقوبات الاقتصادية لم تشغل بال الروس كثيراً، وكانت متوقعة بالنسبة إليهم.
لقد اثبتت الأزمة الأوكرانية أن الرهان على الغرب بمثابة الرهان على الحصان الخاسر، ففي كل مرة يطلق الغرب ساقه للريح عند كل أزمة يفتعلها الدب الروسي، ويكتفي بالعقوبات الاقتصادية غير المجدية على دولة بحجم روسيا التي لديها الكثير من الأوراق التي يمكن أن تلعبها عند الحاجة، وإحداها الاتجاه إلى التنين الصيني الذي لديه خلافات جوهرية مع الولايات المتحدة، وعلى رأسها مسألة تايوان.
إن مقامرة أوكرانيا برهانها على الغرب خطوة متهورة لا تقل سذاجة عن الخطوة الجورجية، ومن المؤكد أنها لم تستفد من الدرس جورجيا، وكان عليها أن تبقي على الخيط الرفيع الذي يربطها مع الجارة الروسية، على بارقة أمل المحافظة على كيانها كدولة بدل الارتهان إلى حسابات غير محمودة العواقب في ظل تهديد العملاق الروسي الذي يلوح بعصاه الغليظة أمام كل من تسول له نفسه العبث بأمنه القومي.
إن مسألة التصدي لتوسع حلف الناتو شرقا بالنسبة للروس لا جدال فيها، ولن يكون اللعب بالنار إلا الألم الذي سيحرق أيدي الأوكرانيين، لاسيما في عالم لا يعرف إلا مبدأ القوة التي تفرض على الضعيف التكيف مع ظروفها القاسية، وإلا فإن الخيار البديل كارثي ينبئ بمستقبل قاتم.
هل غاب عن الساسة الأوكرانيين أن العلاقات الدولية علاقات قوة، ولا تعترف الدول بمبادئ أخلاقية في إدارة سياساتها الخارجية، وهذا هو بالضبط ما قاله الساسة الأميركيون بوضوح تام بأنهم لن يتورطوا بحرب من أجل سواد عيون الأوكرانيين قد تكون كارثية أمام عملاق يتسلح برتسانة نووية قادرة على تدمير العالم بأجمعه، ولأكثر من مرة.
إن مقولة التاريخ يعيد نفسه، تبدو منطقية أكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، وكان من الأجدى استقراء التاريخ مرة أخرى في العلاقات بين دول تدير سياساتها الخارجية بواقعية وفقا لمصالحها وخارج الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية الطوباوية الساذجة.
ولا بد من التذكير أن جنوح بعض القادة لاتخاذ حسابات خاطئة قد يودي بهم إلى التهلكة، وربما يكون اندفاعهم يستند إلى نقص الخبرة لحداثة عهدهم بالسياسة، فمن الواجب تذكيرهم بأن على القائد المحنك أن يضع مصلحة بلاده فوق كل اعتبار وألا يضع بيضه في سلة واحدة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012