أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


البريد الأردني

بقلم : علي زعتري
20-10-2022 02:48 PM

مؤسسات البريد في العالم كله تقع تحت ضغوط هائلة لضمان استمرار عملها بقدرٍ من الربحية و التواجد في سوقٍ تنافسيٍّ لا يعرف الرحمة. و عندما يذكر المواطن البريد في أيامنا هذه فإن الذكرى تقود للشركات الخاصة التي توصلُ له و لها البريد و البضائع و الوثائق المهمة التي يخشى ضياعها. كما يذكر المكاتب و الفروع الأنيقة و سلاسة التعامل و سهولته.

في الولايات المتحدة وأغلب دول العالم المتقدمة يتسم مكتب البريد الحكومي بهذه المواصفات. سرعة و أداء و استقبال و تقنية. و ثقة و متابعة و فوقها جميعاً رمزية السيادة. بل أن للبريد الحكومي من ثبات الأداء و الوصول حتى للأماكن البعيدة الصعبة هالةٌ وطنيةٌ تضاهي هالةَ العلم الوطني. ثم أن هناك نظاماً واضحاً لإيصال البريد يعتمد علي تنظيمٍ مُحكمٍ للعناوين يستطيع البريد إيصال المراسلات لها. بالطبع هناك عملياتٌ إضافية هامة للبريد الوطني مثل التوفير و إصدار الطوابع و تنويع الخدمات بما فيها المعتمدة علي وسائل الاتصال. عندهم تتسابق قاطرات الشركات الخاصة مع البريد الرسمي الذي لا يتأخر عن التطوير ليبقى في السوق و ليبقى رمزاً وطنياً.

عندنا ارتفع المنحنى في أداء البريد الأردني و كسبَ عودة الثقة به ثم انكفأَ أمام تحديات الحاضر التي لم يستطع مجاراتها بعنفوان القطاع الخاص. و بدلاً من أن يتجه المتعاملون لل ٣٥٦ مكتب بريد يتوجهون للشركات الخاصة التي تؤدي دورها المربحي لخدماتٍ مريحة. و صار المفهوم الشائع لدور البريد الأردني هو صناديق بريدٍ قديمة و رسائل تصل متأخرة أو لا تصل و موظفين دواميين لا تُحركهم نهمةُ الإنجاز بقدرِ ما تحركهم الحاجة للانتهاء من الدوام. حتى شعارَ البريد الأردني اختفى. و في دول غيرنا الشعارُ البريدي رمزٌ و الموظف هناك له زِيٌّ مميز و سياراتٌ مميزة و أن تراهم يقطعون الشوارع ليوصلوا البريد باعثٌ للثقة أن بريدك بيدٍ أمينة. بالطبع، بين فترةٍ و فترة اتفاقٌ لتوصيل الدواء أو البطاقات الرسمية و الوثائق لكن هذا لا يسد الحاجة لإعادة جودة الخدمات البريدية و رونقها.

كان يمكن أن أكتب عن البريد الأردني منذ فترة لكن المحفز اليوم هو التغيير في الإدارة. و أنا واثقٌ أن تغيير المدير لا يأتي بنتيجةٍ من دون عوامل الإنجاز المحيطة من وجود خطة عمل و ميزانية مناسبة و قانون و موظفين مدربين و إعلانٍ يتكلم عن حقائق عمل مؤداة و تنافسيةٍ متواصلة و قدرةٍ علي التباين و المرونة مع متطلبات السوق.

أتمنى أن يصلني بريدي لبيتي عبر 'بريد الأردن' و بواسطة ساعي بريدٍ متميز مثلما تصلني فواتير الماء و الكهرباء عبر سُعاةٍ نشيطين. و ليست هذه دعوةٌ لمزيدٍ من الخصخصة فالبريد الأردني هو قانوناً شركة، و لكنها دعوةٌ للتطوير الجاد لرمزٍ وطني هام يعلو علي الخصخصة تماماً.

علي الزعتري

ali.alzatari@gmail.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012