أتي الربيع العربي بمجموعة من الأطراف الفاعلة الجديدة على الساحة السياسية في الأردن، ودفع ذلك السلفيين إلى الصدارة، حيث تطالب بعض عناصر المجموعة الأكثر راديكالية الآن بشن 'الحرب المقدسة' في سوريا المجاورة.

ويكن النظام الأردني قلقا متناميا إزاء الآثار الجانبية المحتملة لعمليات العنف الجارية في سوريا، وخصوصاً بعد أن أصدر الشيخ السلفي الأردني، أبو محمد الطحاوي، فتوى مؤخراً تدعو الى الجهاد في سوريا.

فقد قال الشيخ لوكالة إنتر بريس سيرفس، أنه دعا كل الرجال القادرون أن يذهبوا للجهاد في سوريا، 'فمسؤولية كل مسلم ملتزم أن يعمل على وقف إراقة الدماء التي يقوم بها النظام النصيري'، وذلك في اشارة الى النظام العلوي الحاكم في سوريا، والذي هو فرع من المذهب الشيعي.

وشدد الطحاوي بقوله أن تحالف العلويين والشيعة في الوقت الراهن هو' أكبر تهديد لأهل السنة، يفوق تهديد الإسرائيليين'.

ويبدو أن السلفيين الأردنيين الجهاديين قد استجابوا لدعوة الشيخ الطحاوي. فوفقاً للصحفي تامر الصمادي المتخصص في الحركات الراديكالية بالمملكة الأردنية الهاشمية، حاولت مجموعة يزيد عددها على 30 من الجهاديين أن تدخل سوريا منذ بضعة أسابيع. وقد قامت المخابرات الأردنية بإلقاء القبض على الجميع باستثناء سبعة، بما في ذلك أبو أنس صحابي، وهو متخصص في المتفجرات.

هذا وقد اتسع تطرف الجهاديين مما زاد الهوة بين السلفيين المتطرفين والمعتدلين. ووصل الأمر بالجناح الإصلاحي للإجتماع مع سفارة الولايات المتحدة، مما يعتبر خطوة غير عادية للسلفيين.

ويقول الصمادي 'لقد أدى الربيع العربي إلى انقسام الحركة السلفية في الأردن'.

والسلفية -وهي الحركة التي تدعو الى تفسير أنقى وأكثر تشدداً للإسلام، وذلك بإتباع تعاليم 'السلف الصالح'- ظهرت في الأردن منذ الستينييات، عندما أحضرها إلي البلاد طلاب الجامعة العائدون من مصر وسوريا.

كما لعب الشيخ محمد نصر الدين الألباني، وهو زعيم ديني ألباني سوري، دوراً مؤثراً في الثمانينيات بتزعمه الفصيل السلفي 'التبليغ والدعوة' في مدينة الزرقاء.

وتستند السلفية على ثلاث ركائز هي: الإيمان بإله واحد، والدعوة' أو المهمة التبشيرية، و 'الجهاد'.

وبحسب الشيخ عمر بكري، وهو رجل الدين المتشدد الذي طرد من بريطانيا في عام 2005 بسبب صلاته المزعومة مع تنظيم القاعدة، فإن معظم السلفيين يطبقون أول مبدئين في الإسلام دون استيفاء الثالث، وهو الجهاد.

ودخل الجناح المتشدد للحركة السلفية المجال العام في عام 2005، عندما قامت الجهادية السلفية بقيادة أبو مصعب الزرقاوي بتنظيم سلسلة من التفجيرات الإنتحارية في عدة فنادق بمختلف أنحاء العاصمة عمان، مما أسفر عن مقتل 60 شخصا وإصابة العشرات. وتم ربط الزرقاوي في وقت لاحق بتنظيم القاعدة في العراق.

وأدت الحملة على الجماعة السلفية لإجبار الجهاديين منهم على الإختباء، حتى بدأت الحركات القومية العربية المؤيدة للديمقراطية في أواخر عام 2010، فبدأ السلفيون بالمشاركة في تنظيم المظاهرات في الأردن.

وقد بدأ الجهاديون السلفيون، وهم فصيل فضفاض يبلغ عددهم حوالي 1500 شخص فقط في الأردن، في تنظيم عدة مظاهرات الآونة الأخيرة، كان أكبرها تظاهرة 15 أبريل من هذا العام في مدينة الزرقاء التي اجتذبت نحو 350 متظاهراً.

وأدت المظاهرة إلي إشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة، تاركة عشرات من رجال الشرطة الجرحى والعديد من الخسائر بين المدنيين.

ورداً على ذلك، شن النظام الأردني حملة قاسية على الجماعة، وقام بمداهمة عدة منازل للجهاديين في مدينة الزرقاء والمدن القريبة واتهم 146 منهم بالقيام بأنشطة إرهابية.

وفي الأردن، يعتبر الغالبية العظمى من السلفيين من التقليديين الذين يركزون على الفقه الإسلامي أو المعرفة الدينية.

لكن لاعبون جدد ظهروا علي مسرح الأحداث منذ أكثر من سنة، وهم الإصلاحيون الذين يؤيدون نهجاً أكثر اعتدالاً من السلفية. وفي أوائل ابريل 2011، عقد النظام الحاكم وقادة السلفية اجتماعاً للتفاوض حول مطالبهم.

ويشار إلي أن هذا النوع من الإصلاح لم يسبق له مثيل في صلب هذه الحركة الدينية، التي خلافا لجماعة الإخوان المسلمين، لا تؤمن بتنظيم نفسها سياسياً.(آي بي إس / 2012)