أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


إلى السيدة اورسُولا فُن دُر لين : الحقيقة لا تموت

بقلم : السفير علي محسن حميد
29-04-2023 10:01 PM

السفير علي محسن حميد
ليست السيدة فُن دُر لين رئيسة الاتحاد الاوربي الحالية هي الأولى ولن تكون هي الأخيرة التي تتطاول على تاريخ فلسطين وتتجاهل حقوق شعبها غير القابلة للتصرف أو الإنكار طبقا لأكثر من قرار للأمم المتحدة. ما قالته بإعجاب عن إسرائيل الابارتهايدية في الذكرى ال٧٥ لاغتصابها لفلسطين بدعم وتمويل وتسليح غربي لا ينضب، جزء من ثقافة وسياسة غربية منحرفة ومنحازة للمحتل ومعادية للعرب الذين فشلوا إعلاميا ودبلوماسيا في التأثير فيها رغم اجتماعين سنويين رفيعي المستوى للإعلاميين العرب في الجامعة العربية لا ينتج عنهما ما يفيد وقمم عربية وخلافها. ومن تجربتي الدبلوماسية أزعم بإن أغلبية غربية صامتة تؤيد الفلسطينيين وتكره ،وأكرر تكره، إسرائيل لعدوانيتها ووحشيتها ولكنها لا تجرؤ على الإفصاح خوفا من اتهامها بمعاداة السامية. إن استمرار العداء الرسمي الغربي لفلسطين شعبا وقضية لصيق باستمرار الضعف العربي المُحَبّذ إسرائيليا وغربيا.
ولذلك عندما نؤيد كعرب تعدد الأقطاب لقيادة العالم فلإننا نعاني من ظلم تاريخي غربي جارَ واستفحل ويرفض تصحيح سياساته المنحازة للعدو. السيدة فُن دُر لين تتاجر سياسيا بقضية فلسطين ربما لطموح رئاسي قريب ولذلك لاترى سوى إسرائيل. ومثلها السناتور دي سانتوس القائل مؤخرا في فلسطين المحتلة أنه لا يجب ممارسة ضغط على نظام نتنياهو بخصوص التعديلات القضائية رغم علمه بتظاهر مئات الآلاف من الإسرائيليين أسبوعيا ضدها.

دي سانتوس يعي أنه كمرشح رئاسي عام ٢٠٢٤ يجب أن توافق على ترشيحه للرئاسة إسرائيل قبل الشعب الامريكي. فعل مثله قبله كثيرون منهم توني بلير أحد أعمدة الصهيونية في بريطانيا الذي لم يخف تأييده المطلق لإسرائيل بعد زيارتها عام ١٩٩٧ لكي يصل إلى السلطة في نفس العام ولكي يصبح واحدا من أثرياء بريطانيا ولم يكن لديه خيار سوى الانحياز لإسرائيل التي تحكم امريكا وفقا لما قاله مجرم الحرب أريل شارون. بعد زيارته لها كتب بلير في الأسبوعية اللندنية اليهودية ” الوقائع اليهودية Jewish Chronicle” مقالا ذكّرني ببعض ما تقيأت به رئيسة الاتحاد الاوربي أشرت إليه في مقال لي بجريدة الحياة اللندنية في 18 اكتوبر ٢٠٠١ ومنه، “أن إنشاء إسرائيل يعتبر حدث العصر ومعجزته”، وهو شبيه بما قالته فن در لين بأن “إسرائيل جعلت الصحراء تزهر “. لقد تعمدت هذه السيدة تجاهل تشريد إسرائيل ل750 ألف فلسطيني في عام النكبة نص على عودتهم إلى وطنهم قرار الأمم المتحدة رقم ١٩٤ وقرارات عديدة مماثلة. إن قضية فلسطين تبرهن مرة أخرى أن الديمقراطي الغربي ديمقراطي عنصري يتغاضى عن سياسات وممارسات إسرائيل العنصرية التي لا تتحدث عنها إلا القليل من صحف العالم الغربي. فن در لين تحدثت تحت تأثير ثقافي وسياسي صهيوني عن حق لليهود في فلسطين ” بعد مأساتهم الإنسانية الكبرى لبناء وطن في الأرض الموعودة”. وتجاهلت عمدا، وهي ربما لا تؤمن بالإنجيل، أن معاناتهم الأعظم كانت في وطنها المانيا وأنه فيها وحدها كان يجب بناء دولة لليهود وأن يدفع الألمان وحدهم ثمن جرائمهم وليس الفلسطينيون.
فلسطين ليست كلها صحراء النقب ولم تكن جرداء بل كانت مجتمعا متحضرا ومزدهرا اقتصاديا وخدميا وثقافيا وتعليميا، بعملة وطنية وعلم ومطار وشركة طيران وطنية وسكة حديد وطابع بريد وجواز سفر فلسطيني كانت تسافر به جولدا مائير وبن جوريون ومناحم بيجين كفلسطينيين وكانت لها تعاملات تجارية مع العالم أهلتها قبل غيرها لأن تصبح دولة مستقلة لولا غدر وخيانة بريطانيا لتطلعات الفلسطينيين ورغبة صهاينتها ومنهم ونستون تشرشل في التخلص من يهود بلاده لأنهم في رأيه كانوا مصدرا لعدم استقرارها لمشاركتهم في المطالبة بالقضاء على النظام الرأسمالي وقيادتهم للنقابات العمالية وتأثيرهم في الإعلام الخ…. فٌن دُر لين لم تر في فلسطين سوى صحراء النقب ولم يكن ثناءها البليد لاستعمار إسرائيل لها إلا دعما لعنصرية إسرائيل التي لاتتعامل مع فلسطينيي النقب كبشر لهم حقوق سياسية اقتصادية واجتماعية متساوية مع الصهاينة ولكن هيهات أن تجرؤ أو غيرها على نقدها لأنها ستعرض مستقبلها السياسي للخطر. لماذاتكرهوننا؟ إن انحيازكم للاحتلال والقتل اليومي الإسرائيلي للفلسطينيين وصمتكم عن ضم القدس المحتلة والجولان المحتل وعدم مطالبتكم بالإنهاء الفوري للاحتلال الصهيوني ووقف الاستيطان الاستعماري ووقف الهجرة اليهودية حتى تحل قضية فلسطين لا تفسير له إلا أنكم تكرهوننا و أنكم عنصريون لا تختلفون عن إسرائيل العنصرية التي تنكر حقوق الفلسطينيين التي لم يَبْد منكم ما يدلل على أنها تستحق قدرا من شجاعتكم. في الذكرى ال٧٥ لإنشائها تعددت المقالات التي تساءلت عن مستقبلها بعد ٧٥ عاما في الإعلام الإسرائيلي والبريطاني والامريكي وحتى الالماني ولعلك إما لا تقرأين أو تفضلين الطريق السهل وهو الانحياز لنتنياهو ورفيقيه العنصريين ايتمار بن- غفير وبيستلل سموترتش الذين قلت أن قيما مشتركة تجمعك بنظامهم !!!.لعلك تدرين ما يفعله هؤلاء العنصريون بالفلسطينيين يوميا وبتهديدهم لأصحاب الأرض بالطرد الجماعي من وطنهم وأنهم يسعون للتعديلات القضائية ليتمكنوا من طرد الفلسطينيين من وطنهم ؟. لقد زعمتم في الغرب بأن الديمقراطية لا تحتل ولا تعتدي وأن إسرائيل ” الديمقراطية” لن تستخدم سلاحها النووي التي تصمتون بِذُلٍ عن ذكره وتقيمون الدنيا منذ عشرين عاما على مشروع افتراضي نووي إيراني؟. متى تؤمنون بأن الحقيقة لا تموت وأن موازين القوى غير ساكنة وأن حق الشعب الفلسطيني في الحياة الحرة لا يقل عن حقكم وأن المشترك الحقيقي هو بينكم وبين الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال وليس دعمه والتغاضي عن جرائمه وانتهاكاته اليومية لحقوق الإنسان، إنجيلكم ، الذي به تضللون وتمارسون سياساتكم المزدوجة ؟.
سفير الجامعة العربية في بريطانيا سابقا ' راي اليوم '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012