أضف إلى المفضلة
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
في القمة الاسلامية:تونس مع دولة فلسطينية على كامل فلسطين وعاصمتها القدس وتتحفظ على حدود 4 حزيران جيش الاحتلال يعلن مصرع 3 من جنوده في قصف طال قاعدة عسكرية قرب كرم أبو سالم مديرية الأمن العام تحذر من الحالة الجوية المتوقعة طقس العرب: المنخفض سيبدأ فجر الإثنين محافظة: إعداد منهاج يمزج التربية المهنية ومهارات الحياة لـ3 صفوف بلدية برقش تنفذ حملة بيئية في مناطقها السياحية الفنان محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان تقديم آذان المغرب 4 دقائق بالمساجد .. و"الافتاء" للصائمين: اقضوا الخميس الملكة: استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة اكبر تهديد للنظام العالمي انتهاء مباحثات الهدنة في القاهرة .. ووفد حماس إلى الدوحة الزميل الرواشدة يؤكد ضرورة التركيز على الإعلام الجديد ومواقع التواصل لمتابعتها من قبل مئات الملايين يجب ان تكون منتسبا للحزب حتى تاريخ 9 اذار الماضي وما قبله ،حتى يحق لك الترشح على القائمة الحزبية أورنج الأردن تعلن عن فتح باب التسجيل للمشاركة في هاكاثون تطبيقات الموبايل للفتيات تصنيف المناطق في الدوائر الانتخابية المحلية وعدد مقاعدها القوات المسلحة الأردنية تنفذ 5 إنزالات جوية لمساعدات على شمال غزة - صور
بحث
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024


كرة الشراب الأردنية والفشل الكلوي

بقلم : جمال الدويري
10-06-2012 09:45 AM


علاقتي بكرة القدم قديمة وعمرها عقود زمنية عدة مرتبطة بالصفوف الابتدائية الأولى في مدرسة كتم للبنين, حيث قيل لي لأول مرة إقرأ ثم استكتبوني دون رغبتي الألف والباء العربية على لوح كبيييييير جدا بالنسبة لأيدينا الصغيرة وفكرنا المتواضع جدا 'آنذاك' .

ومع تقدم العمر, كنت وزملائي من أبناء 'صفي وقريتي وعشيرتي' نجتمع بعد الدوام المدرسي على 'بيادر' القرية, وهي المساحة التي يستخدمها القرويون صيفا لجمع محاصيلهم الزراعية من قمح وشعير وقطانة, والقطانة هي العدس والكرسنة, والكرسنة سأشرحها في مقال قادم بإذن الله, لتُدرس وتُذرى ويُفصل الحب عن التبن والحصى يوم 'الجورعة' , أما شتاءً فكانت تُستخدم هذه الساحة الواسعة في صحن القرية للنزال 'والهوش' لأن فلانا قد 'استقنا' لبئره قبل فلان, أي حفر قناة له لملئه بماء المطر قبل جاره وابن جلدته وخاصة إن كان جاره من عشيرة أخرى غير عشيرته. وكم كانت تختلط الدماء بماء المطر النقي الهابط من لدن رب كريم.

قلت كنا نجتمع نحن الأطفال صيفا على تلك البيادر, وقد حضّرنا في اجتماع سابق جوربا قديما لأحدنا, حشوناه بجوارب قديمة أخرى أو بأي قطع قماشية بالية, سبقنا الفئران عليها, وشكلنا من هذه 'الصنعة' شيئا كرويا نستخدمه بدلا عن كرة القدم المعروفة لشبابنا وأطفالنا واتحاد كرتنا الأردني اليوم.
'كرة الشرايط' هذه لم نكن نصنعها ونستخدمها ترفا أو زهدا بتلك المصنوعة من الجلد, ولكنها الحاجة وهي أم الإختراع, ولأن رغبتنا الفطرية آنذاك بلعب الكرة قد سبقت تصورنا لاختراع كروي آخر وإمكاناتنا المادية المتاحة, وحتى وإن وجد بيننا من سمع عن كرة جلدية باستدارة حقيقية متقنة وبجسدين منفصلين يحتوي أحدهما الآخر, تسمى في علم الكرة القديمة 'بالبرّانية والجوّانية' حيث تُملؤ الجوانية بالهواء المضغوط بدل قطع القماش البالية, ويغلق فم البرانية عليها بإحكام وحرص شديدين, بخيط جلدي متين لحمايتها من الإنبعاج بفعل حجارة وأشواك الملعب المتبقية من آثار القش والتبن.

ولأزيدنكم من الشعر بيتا, فقد كنا أحيانا سرعان ما نتحول باجتماعنا الذي يسبق مباراتنا هذه إلى فكرة لعب أخرى هي 'الكُورة' بدل 'الكُرة' بسبب شح الإمكانات وتوفر المواد لصناعة كرة الجورب أو كرة 'الشراب' على رأي إخوة لنا على ضفاف النيل, وحيث أن مواد صنع الكُورة كانت أكثر وفرة في عالمنا القروي, وحتى لا أطيل عليكم, فسوف أشرح لكم مواد وقوانين هذه اللعبة في قادم الأيام, وأكتفي بالقول على عجالة, بأن 'الكُورة' التي كنا نتضاربها بمحاجين خشبية من جذوع شجرية يابسة حينها, هي بالأصل مِفصل حيوان نافق أو ما يُسمى 'بالزِر' .

بالمختصر, كنا نحافظ على البيئة فطريا عندما نختار حاجاتنا للعب, فإما بقايا جورب أصبح يظهر عورة القدم للعب الكُرة, وإما بقايا لكبش أو تيس أو نعجة استفدنا من لبنها ولحمها وسقطها وصوفها أو وبرها حيةً ثم من عظمها وأزرارها ميتةً, للعب ألكُورة.

وعودا على بدء, وحتى أكتب عن عنوان مقالتي هذه, ولأن الكاتب مرآة مجتمعه وميزان حرارته الذي لا ينطق عن الهوى, بل مدفوعا بالحس والشعور والفرح والغضب والنجاح 'والفشل الكلوي' الذي أصاب كرتنا الوطنية في اليابان وقبلها في إيران وعمان وغيرها من المكان والزمان, ولأنني واحد من أبناء هذا الوطن الذي تلعب بكرامته حكومات فاسدة بالمطلق والفطرة ومجموعة من الشبان وأنصاف الشبان الذين يمثلوننا باسم اتحاد الكرة الأردني في اليابان وغيرها, لا تجانس بينهم ولا تواصل وطني لا بد منه لتكوين فريق يلعب بروح الفريق ويحقق طموح ونتائج الفريق كرويا.

قلت في البداية أنني لست خبيرا كرويا ولا رياضيا من أي نوع, ولكنني أردنيا مخلصا لهذا الوطن وأعمل له وليس ضده, واستشعر ما يُؤلم ويُفرح وأكتب من هذا الوحي والاندفاع, فإنني ارتأيت أن 'أفش غُلي' بمن كان السبب, كما أرى, بفشلنا الكلوي الكروي المؤلم والمدوي, ليس في اليابان فحسب بل في أمكنة كثيرة أخرى.

معلم رياضة في مدرستي 'آنذاك' ومن عشيرة شقيقة في القرية, غير عشيرتي, كان يرى أن يركز في فريق كرة الطائرة المدرسي أكبر عدد من أقاربه 'اللُزمة' أي في حدود الجد الخامس وشركاء 'جلوة الدم' على حساب أبناء العشائر الأخرى, مما أغضبنا, سامحه الله, منه وأثار حفيظتنا ودفعنا لشن حرب ضروس طاحنة عليه وعلى لُزمته الذين حاولوا الذود عنه في منطقة 'السيح' بجوار المدرسة 'آنذاك' كادت أو تُودي بالقرية إلى داحس وغبراء جديدة. له ولهم جميعا منا جميعا, ألف تحية حب ومودة.

شريط الذكريات هذا ينبش نفسه عنوة وعند تشابه الحيثيات والظروف. فهناك كانت العشائر المتصارعة على كرة الشراب والقليلة الحيلة المادية وسوء الإدارة وعصبية النزعة, وهنا الوحدات والفيصلي والرمثا والبقعة وغيرها, واتحاد كرة فيه من الفساد والمحسوبيات والقرف ما ينيف عن فساد حكوماتنا وقرفها, وصبية الكهف النُوّّم الذين ينسون في كثير من المباريات أنهم يلعبون بكرامة الوطن وسمعته وشرفه, الكروي, على أقلها.

كرة القدم أيها السيدات والسادة المسؤولين أصبحت علما قائما بذاته يُدرّسُ وتُعطى به الشهادات العليا والأنواط والنياشين, وترفرف له الأعلام الوطنية وتُعزف على حدود ملاعبه السلامات الوطنية للدول, ولم يعد ترفا صبيانيا لملئ الفراغ بكرة الشراب أو كورة العظم.

وزارات للشباب والرياضة تخدم الرياضة والكرة والشباب تُستحدث في دول الكون الكبير, وموازنات تُنفق عليها وعلى شبابها وفرقهم الرياضية من كل نوع وكرة, ومدارس مختصة ترعى المواهب وتصقلها وتأخذ بالأسباب حتى 'تلعبها صح' وتحقق النتائج المرجوة وتحمي الكرة من الفشل الكلوي وغسيل الكلى المضني والقاتل. أينها في وطني؟ وأين موازناتها واتحاداتها؟
الفزعة وشحذ الهمم الشبابية والتأليب الجهوي وحدها لم تعد كافية لتمثيل الأردن الوطن في المحافل الاقليمية والدولية ولا حتى المحلية ولم تعد مقبولة لأحد البتة.

دعاني ابن أخ لي وإخوته, يموتون ألف ميتة وميتة في كل لعبة كروية وطنية يشاهدونها على شاشة التلفاز حينا, وفي استاداتنا الرياضية أو ما شابهها, حينا آخر إن سمحت الضروريات الأمنية الأميرية , كما حصل في مباراة سابقة قبل فترة وجيزة, حيث مُنعوا من الدخول إلى صفوف الدرجة الأولى التي تواجد على منصاتها الأمير ولي العهد شخصيا والأمير رئيس اتحاد الكرة شخصيا, بحجة أنهم لا يحملون 'باجات' أو بطاقات أل 'في آي بي' , وكأن هناك في الكون من هو أكثر أهمية من الشعب؟

أبناء أخي هؤلاء لن يتوانون عن السفر إلى اليابان أو كزاخستان أو'قرقيزستان' حتى لتشجيع منتخبنا الوطني, لو كان لديهم أكثر مما كان لدينا أيام كرة الجورب وكورة زر الكبش. دعوني إليهم لحضور لعبتنا مع أحفاد القيصر فرفضت بقوة. هل لضعف في شعوري الوطني وأردنيتي لا سمح الله؟ لا وأيم الحق, بل لحدسي المسبق وتجارب سابقة كادت تودي بحياتي وبقية من نفس عندي عندما تقدمنا بأربعة وخسرنا 'بالثلاث' مثلا, مما أوقع طلاقا بائنا بينونة كبرى بيني وبين الكرة الأردنية إلى يوم الدين. وقد وفرت علي بذلك كثيرا من أسباب الجلطة والذبحة وارتفاع كل شئ, ولو إلى حين, حيث أن معرفتي اللاحقة بالنتيجة قد أدمت القلب وأجهدت الرئة وقطعت النفس.
أخاك أخاك إنّ من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
لله درك يا مسكين الدارمي, كانت النصيحة بجمل. إنهم لم يقرأوا ما قلت وكتبت, وإن قرأوا لم يفهموا, وإن هم فهموا لم يتعظوا. لقد أرسلوهم ليسوا إخوةً إلى اليابان ومن غير سلاح ِ أيضا, فكان 'الفشل كلوي الكروي' .
شكرا حكومة, شكرا اتحاد الكرة, شكرا لاعبينا.
كفانا بالله عليكم فضائح ومصائب رياضية.

والأردنيون يريدون: إسقاط الفساد الكروي, والإبقاء على لعب كرة الجورب فقط وبين الأردنيين أنفسهم فقط وداخل حدود الوطن السياسية والجغرافية, رحمة بأعصابنا وكرامتنا الوطنية الكروية. وبعد أن أصبحت الرياضة رياضيات واللعب منطقا فإنه لم يعد من المنطق أن يُرسل 'لامحترفين' متفرغين, ولا أمان لهم مستقبلا غير الله, وبضع مكرمات دريهمات لا تسمن ولا تغن من جوع, تماما مثل فنانينا الذين يُقطّعون أنياط القلب, إلى اليابان لمقارعة أبناء الرياح المقدسة 'الكاميكازي' .

وأعانك الله يا عدنان حمد, فأنت الآخر أرسلوك إلى الهيجا بغير سلاح ِ .
وبالمناسبة, لا يفوتني هنا أن أشكر القائمين على كرة القدم العُمانية بضم العين وكل لاعب في المنتخب الشقيق الذين أثبتوا جدارتهم بقوة أمام استراليا وقطفوا التعادل وكاد أن يكون لهم قصب السبق وثلاث نقاط اللقاء الكروي ذو الأداء العُماني الرجولي الرائع.


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012