أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


الأنظمة العربية والحركات الإسلامية: عسكر وحرامية

19-06-2012 10:41 AM
كل الاردن -

د. لبيب قمحاوي : إن سرقة ثورة الشعب في مصر، وسرقة مسيرة الإصلاح في الأردن، ومحاولة الاستيلاء على انجازاتهما والتفرد بقيادتهما حصراً قد أعاد عقارب الساعة إلى الوراء وأدى إلى تسليم مصر إلى بقايا النظام السابق، وأضعف عملية الإصلاح السياسي في الأردن مما فتح الباب على مصراعيه أمام الردة الرسمية على مسيرة الإصلاح. وهذا جعل المواطن العربي يشعر بالغضب على الحركات الإسلامية التي قد تؤدي أنانيتها المفرطة واستغلالها للعواطف الدينية وغرورها والتفافها على ثورات الشعوب واستهتارها بمخاوف وشكوك الآخرين إلى تدمير منجزات الثورة في مصر ومسيرة الإصلاح في الأردن.
و لم تكتف الحركات الإسلامية بذلك، بل ما زالت تعمل على العبث بمنجزات ثورات الربيع العربي في أقطار عربية أخرى وإعادة تشكيلها أو اختزالها لتناسب رؤيتها ومصالحها في تلك الأقطار. وما يجري حالياً في مصر وإلى حد ما في الأردن يعطي مؤشراً على النتائج السلبية وفي بعض الأحيان الكارثية لهذا المسار.
ثورات التغيير والإصلاح قامت في الأصل ضد الأنظمة العربية واستبدادها وفسادها. والحركات الإسلامية، التي لم يكن لها أي دور في انبعاث تلك الثورات، بقيت في الكواليس تنتظر مصير تلك الثورات إلى أن تبين لها أنها في طريقها إلى النجاح. عندها شاركت تلك الحركات بهدف الاستيلاء على قيادة الثورة أو الحراك وتجيير كل مطالبها ومكاسبها الوطنية إلى مكاسب للحركات الإسلامية ومن يمثلها. وقد ساعدها في ذلك افتقار باقي قوى المعارضة إلى تنظيمات فاعلة وإمكانات مادية ضرورية لتمويل نشاطاتها السياسية.
لقد ارتكب الإخوان المسلمون والحركات الإسلامية الرديفة جريمة بحق ثورات التغيير العربية من خلال محاولة فرض أنفسهم كخيار وحيد للمنطقة بعد إزالة الأنظمة المستبدة. وهذا دفع العديد من الأفراد وقوى المجتمع المدني وغير المسلمين إلى التخوف من المضي في عملية التغيير حتى النهاية خوفاً من المجهول الذي تمثله الحركات الإسلامية باعتبارها الوريث الوحيد لتلك الأنظمة. وعوضاً عن طرح شعار المشاركة الديمقراطية الحقيقية، غالت الحركات الإسلامية في مواقفها إلى الحد الذي طالبت فيه باستلام كافة السلطات التشريعية والتنفيذية واعتبار ذلك حقاً لها بعد أن قامت بسرقة ثمار الثورات ومسيرات الإصلاح، ولم تحاول الاقتداء بالمثال التونسي. وفي كل الأحوال، فشلت الحركات الإسلامية في بعث الطمأنينة في قلوب الأغلبية المطالبة بالدولة المدنية سواء في مصر أو الأردن أو باقي الأقطار التي تعيش حقبة التغيير، أو ما يقارب.
إن فشل الحركات الإسلامية في استيعاب الحقيقة البسيطة والعظيمة القائلة بأن 'الدين لله والوطن للجميع' قد أدى إلى قلب الطاولة على رؤوس الجميع، وأثبت أن الحركات الإسلامية وحركة الإخوان المسلمين وما تمخض عنها إنما هم أحزاب عادية دنيوية في طموحاتها ولها نفس المشاكل ونفس الأساليب التي تصبغ الأحزاب الأخرى غير الإسلامية. الفارق الوحيد هو الاستعمال غير المحق للدين من قبل الحركات الإسلامية واستغلالها الغطاء الديني لأهداف وأطماع سياسية دنيوية، ناهيك عن افتقارها لأي برامج سياسية واقتصادية تؤهلها لتولي الحكم باستثناء برنامجها الاجتماعي الذي لا يؤهلها أصلاً للحكم كونه برنامج إقصائي متزمت له بُعد أصولي وليس وطنيا. إن أسلوب الحركات الإسلامية في التعامل مع مخاوف وشكوك القوى الاجتماعية والدينية في المجتمع بمفهوم الاسترضاء من خلال الإيحاء بتعيين شخص هنا وشخص هناك لا يحل المشكلة بل يزيدها تفاقماً. فالوعد، في مصر مثلاً، بتعيين قبطي في مركز ما أو امرأة في مركز آخر يلغي مفهوم المواطنة ويعزز مفهوم المساومة الذي يؤكد سيادة مفهوم الأقليات على المواطنة. هذا هو منظور الحركات الإسلامية للمساواة والمشاركة الحقيقية كما ورد على لسان العديد من رموزها وهذا بالضبط ما ترفضه الدولة المدنية التي تعتمد المواطنة أساساً للمساواة والمشاركة.
إن خطورة ما يجري الآن في مصر يتمثل في آثاره المدمرة على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية وأثر ذلك على قوة ومنعة الدولة المصرية وهي القائدة والقدوة في منظومة الدول العربية. مصر المريضة تعني عالماً عربياً مريضاً ومصر القوية تعني عالماً عربياً قوياً. ومن هنا فإن ما يجري في مصر ولمصر يتجاوز حدود الدولة المصرية ليؤثر على باقي دول العالم العربي. وهذا بدأت ملامحه بالظهور في بلدان عربية أخرى مثل الأردن. فالحركات الإسلامية في الأردن تمثلها جماعة الإخوان المسلمين الذين يرتبطون تاريخياً بعلاقة خاصة مع النظام، عاشوا في كنفه وتحت حمايته طوال ما يزيد عن نصف قرن.
يلتصق تاريخ حركة الإخوان المسلمين في الأردن بالنظام وعلاقتها به تاريخياً لها إطار معروف وسقف محدد لم تتجاوزه أبداً. وانطلاقا ً من ذلك، هنالك اتصالات مستمرة بين الطرفين كما أن شعرة معاوية بينهما لم تنقطع أبداً. فالتنسيق الخفي والمعلن والمشاورات الجانبية بين الإخوان المسلمين والمسؤولين الأردنيين مستمرة في كل الأحوال وتحت كافة الظروف. وتلعب حركة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن أدواراً في غاية الأهمية بالنسبة للنظام وعلى رأسها قيادة كل قوى المعارضة للعمل ضمن السقف المتفاهم عليه بين النظام الأردني والحركة الإسلامية. وفي المقابل يصر النظام دائماً على التعامل مع قوى المعارضة باعتبار الحركة الإسلامية هي القائدة وهي الأهم مما يؤدي بالتالي إلى اختزال مواقف كافة قوى المعارضة بموقف الحركة الإسلامية وبالتالي كسر جناح باقي قوى المعارضة ومنعها من التحليق. معادلة مثيرة للاهتمام وذكية، وإن كانت شيطانية، يكسب فيها الطرفان مع هامش مناورة تسمح بالاختلاف بل و'الزعل' ولكن دائماً ضمن السقف المتفق عليه والمسموح به للحركة الإسلامية.
إن ما يجري الآن في مصر والأردن، والآثار المترتبة عنه على مستقبل الربيع العربي، هو في جزء منه نتيجة سياسات حركة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية والتي تميزت بالأنانية والانغلاق الفكري والاستعلاء السياسي والاستهتار بمخاوف الآخرين. فالحركات الإسلامية انقضت على الثورة في مصر والحراك الشعبي في الأردن بهدف الاستيلاء عليهما بشكل كامل عن طريق الاستحواذ وليس المشاركة. إن هذا التيار يريد الاستئثار بكل شيء، ويتجاهل أن مكونات المجتمع تعكس بالضرورة تعددية دينية وعرقية وسياسية أساسها المواطنة مما يستوجب توفر مظلة الدولة المدنية التي تقبل بالجميع وتعمل من أجل الجميع.
هذا التجاهل لمفهوم الدولة المدنية والتعددية يعكس الذهنية الحقيقية للحركات الإسلامية التي تعتبر أن الأمر ينحصر أولاً بالعمل على استلام الحكم وبأي وسيلة كانت دون وجود برنامج عمل حقيقي لإدارة شؤون الدولة والمجــــتمع باستثناء ما يسمونه تطبيقاً للشريعة الإسلامية في تعد صارخ على حريات المواطنين وفي مخالفة صريحة للإسلام الذي يؤكد بأن 'لا إكراه في الدين'.
الإسلام السياسي لا يملك حق احتكار الدين أو الحقيقة. وعلاقة الإسلام السياسي بالإسلام هي بالاسم فقط وهي محاولة واضحة من قبل البعض لاستغلال الدين في السياسة. الحقيقة أنه لا يوجد إسلام سياسي بل يوجد دين إسلامي. الإسلام هو دين من يؤمن به. هذه هي الحقيقة البسيطة في بدايتها وفي نهايتها بغض النظر عن أي أهداف سياسية يسعى إليها البعض بإسم الدين.

' استاذ جامعي وكاتب اردني


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-06-2012 11:14 AM

استخدام الدين في السياسة هو اساءة للدين وهذا لا يتناقض مع المبدا 0 لانهم يكسبون العامة من هذا الشعب الذي بطبيعته غير واع للاسف لكن بلش يصحى شوي

2) تعليق بواسطة :
19-06-2012 11:57 AM

بالفعل انها لعبة حقيقيه ولكن اود
تصحيح العنوان واستبدال كلمة (عسكر)
بكلمة (امن) لان العسكر بالمفهوم الشعبي
هم (الجنود) افراد الجيش الذين ارتبطوا
باذهاننا انهم حماة الوطن وحدوده وانهم
مع الجميع وللجميع وعلى مسافة واحده
من الجميع .
على اية حال فالذين يسعون (لسرقة)
انجازات الشعوب ودمائها وضحاياها
وتضحياتها ممن يقدمون انفسهم (بديلا)
تمت تجربته في مرحلة الحرب البارده وحليفا استراتيجيا اعتقد انه وبفعل
الدعم اللامحدود وطيلة تلك الفتره،انه
استطاع وأد فكرة الديموقراطيه.
نعم هم يقدمون انفسهم بديلا (فالوجه الذي تعرفه احسن من الذي لاتعرفه) ،بطلا عنوان المقال دفناه (سوا). واذا كان هناك حراميه فهذا
يعني ان هناك (سرقه) وقبل تطبيق
عقوبة السرقه ينبغي فتح محضر تحقيق
في السرقه وهذه مهمة البطل الاول
فهل بالامكان فتح الملفات .

3) تعليق بواسطة :
19-06-2012 04:24 PM

دكتور لبيب بقدر افهم من كلامك ان اخوان الشيطان قدروا يلعبوا على احمد عبيدات. وكلامك صح الاخوان على استعداد لمخاواة الشيطان وكذلك نظامنا ابو ندهتين.

4) تعليق بواسطة :
20-06-2012 09:56 AM

المشكلة بان الاحزاب القومية ومنها الناصرية واليسارية وغيرها عندما استلمت الحكم استبدت فهي لم تؤمن الا لفظيا بالحرية والعدالة والمساواة والتداول السلطة الى اخره من منظومة الحكم الرشيد

5) تعليق بواسطة :
21-06-2012 02:30 AM

يا دكتور , هي اللعبة واللاعب , من يشك بما تقول عليه ان يقرأ التاريخ مرة وان يكون لديه قدرة معقولة على التحليل والربط بين الاحداث والوقائع او بين الدمى والخيوط والاصابع ,الصوت والاصابع والخيوط والدمى , يقبلهم اطفال ينفعلون مثل شعاع عبر منشور زجاجي ثم يقفل مسرح الدمى ويعود المهرج الى عمله كل يوم !!

6) تعليق بواسطة :
24-06-2012 12:42 PM

يقول ليث شبيلات : " لو هناك من يخشى الاخوان لانضممت اليهم"

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012