أضف إلى المفضلة
الجمعة , 17 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الجمعة , 17 أيار/مايو 2024


كولومبيا...

بقلم : سائد كراجة
02-05-2024 05:01 AM

لعلها روح إدوارد سعيد تطوف في المكان، تناضل كما فعلت لسنوات في أروقة جامعة كولومبيا ضد الاستشراق والاستعمار والهيمنة الثقافية، وتواصل عملها على تعرية المشروع الصهيوني الأنجلو أميركي، لعلها ألحان السلام ورفض الظلم التي تعزفها أوركسترا الديوان التي أسسها سعيد مع صديقه الموسيقار اليهودي، وهي إعلان رمزي عن براءة الفلسطيني تاريخيا من تهمة معادة السامية! أو لعله تاريخ هذه الجامعة الذي اقترب عمرها من ثلاثمائة عام! فقد وقفت ضد حرب أميركا في فيتنام وضد سياسة الفصل العنصري في حركة الحقوق المدنية التي نتج عنها وقف العبودية في أميركا التي سادت حتى الستينيات من القرن التاسع عشر.

جامعة كولومبيا، وإن كان لها فضل في البدء بحركة الطلاب الاحتجاجية، فإنها لم تعد الجامعة الوحيدة، فإن اعتصامات واحتجاجات الطلاب نصرة لشعب غزة تنتشر بسرعةٍ أرعبت نتنياهو وبايدن، وانتقلت من جامعات أميركا إلى جامعات أوروبا كحركة مقاومة عنيدة منظمة لم تفلح تدخلات الشرطة في وقفها، بل انها تنتشر وتتسع رقعتها يوما بعد يوم!

لا يوجد لدي وهم بأن الحركة الطلابية في العالم- على أهميتها-، ستوقف الحرب أو تعيد للفلسطيني حقوقه المسلوبة، ولا أعتقد أن هذه الاحتجاجات ستغير- في المستقبل المنظور على الأقل- من تدفق الإمداد الأنجلو أميركي لإسرائيل بسلاح لتدمير غزة، لكنها انتفاضة شعبية لها دلالتها التي تتجاوز احتجاجا شبابيا أو مشاركة نشاط طلابي، بل هي انقلاب على فكرة إسرائيل المظلومة المحاصرة، كما أنها استدعاء لمفهوم إسرائيل المحتلة ورفض إنساني ثقافي حقوقي لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة، ويبدو أن فكرة إسرائيل بأنها هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط لم تشفع لها هذه المرة!
الحركة الطلابية اليوم تعلن أن العالم الحر رفض اضطهاد أوروبا لليهود، كما أنه يدينه ويمقته بشدة، كما ويرفض استغلاله لاضطهاد شعب آخر، يؤمن بحق كل دولة بالدفاع عن نفسها، ولكن ليس عندما تكون تلك الدولة معتدية ومحتلة من الأصل، كما يؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها وبالدول متعددة الأجناس والأعراق والأديان تحت مظلة الديمقراطية وسيادة القانون، يؤمن بضرورة محاكمة كل من يرتكب جرائم إبادة جماعية مهما كانت ذريعته، يرفض أن تكون المقولات الدينية مبررا لاحتلال أرض الغير بالقوة وتطهير شعبه عرقيا. الحركة الطلابية ترفض إمداد المعتدي المحتل بالسلاح والدعم الاقتصادي، وتجرأت لأول مرة بهذا الزخم على التفريق بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية.
المجد للطلاب، المجد للطلاب من كل الأعراق والأجناس والأديان، المجد للصوت اليهودي العالمي الذي بدأ يتصاعد رفضا لجريمة إسرائيل في غزة، وللفكر الصهيوني اليميني المتطرف، المجد للطلاب وهم يدعمون الحق الفلسطيني في مواجهة إسرائيل المحتلة، ويرفضون بإصرار وعناد مشاركة حكومات أميركا وأوروبا في جريمة إبادة غزة الجماعية.
نعم، غزة أسقطت القناع عن أميركا وأوروبا، وعن كثير من مؤسسات النظام الدولي، كما أظهرت للعيان زيف شعاراتها بالتشدق بحقوق الإنسان وعن معاييرها المزدوجة في دفاعها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنها وعلى صعيد آخر أظهرت صوت العالم الحر في أميركا اللاتينية وجنوب أفريقيا، كما أظهرت صوت الشعوب الأوروبية الحرة التي نظمت أكبر مظاهرات في العالم، وأكدت في نهاية الأمر أن الديمقراطية وسيادة القانون هي ما يصنع الشعوب الحرة، والجامعات الحرة، خلاصة القول أن من يطلب العدالة والسلام لفلسطين ولشعوب العالم يجب أن يكون حرا ديمقراطيا مدنيا مؤمنا بحقوق الإنسان، غير هيك لا جدوى من تحرير الأوطان دون تحرير الإنسان جنابك.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012