أضف إلى المفضلة
الأحد , 12 أيار/مايو 2024
الأحد , 12 أيار/مايو 2024


ما أبشع العنتريات حين تصدر من أحمق

بقلم :
07-07-2012 01:47 PM

احسان الفقيه : لو لم أكن كركيّة جدا لوددتُّ أن أكون من أهل 'المفرق' وأُقاسم البدو رغيف القمر وصباحات جمع اللبن من مخازن الله..

ولو لم أنتمي لإربد ولقُرى الشمال بكُلّ تفاصيلي لسعيتُ للصلاة في مسجد الطفيلة الكبير كُلّ جمعة واتجهت جنوبا لزيارة معان في صبيحة اليوم التالي..

تتعدد الجهات والقهر الأردني واحد..

فلكم المجد ولنا الذاكرة وزيتونة الوقت العصيب ..

زيت الحضور الحر ومأوى من يبدأون رحلتهم من القلب ويعودون اليه .. أولئك الذين تمتدّ حكاياتهم من زمن الخيل والليل ومغامرات العاشق البطل والباحثين –مثلي- عن كبارٍ يتصدّرون حكايات الزمن القادم..

عذرا سيدتي المرحلة.. فالإنقباض كائن لا يليق بمدينة كالسلط .. والفوضى لا تمتلك إزميلا قادرا على تفكيك قوم صدقوا ما عاهدوا الله عليه كأهلها..



عندما يتحدث الأدعياء عن الحُب .. يُفقدونه طعمه ..لونه ..رائحته ولذّة حضوره ..

فإذا أردتّ التحدُّث عن تضاريس قرية او الطريق التي تربط بين مدينتين فليكن قلبُك طاهرا..

فطاهر القلب هو وحده الذي يستطيع التحدث عن الحُب وبريق ذلك في عينيه..

نعم للطين منافع كُبرى ولكنّ الجبال قاسية أثوابها.. وعرة مسالكها ..

أما قممها فليست بمتناول الوصول دائما..

في ظلّ ما حدث قبل أيام في مدينة السلط حيث ضيق الأفق والإرتجالية الغبية والإنفعالات المزيفة بخفاياها البشعة ومقاصدها السوداء..

أجدُني أُردّد بكامل نزقي وأُردنيّتي وإنسانيّتي ويقيني بأني من أبناء هذه الأرض..: 'ياحيف على أنصاف الرجال'...

ما أبشع العنتريات حين تصدر من أحمق .. هي تعبير حقيقي عن إفلاس في الفكر وضمور في المنطق وكارثة في نتائج لن تقود عنتر الى عبلة ولن تُضيف الى المُعلّقات قصيدة واحدة من نوع :

'وجهنّمٌ بالعزّ أطيب منزل' ..



أليست هيبة القائد في مسلكه الفاضل أكبر من عنترياته في نصب قامات مُنحنية منذ الميلاد .. مُشوّهة التفاصيل .. مُثيرة للسخرية.. عديمة الجدوى..؟؟؟

العنترة في علم الحيوان هي الذُباب وبتعبير أدقّ الذُباب الأزرق... ولطالما تغنّينا بالطواقي الحمُر وبجيش الوطن ووسامة أفراد الدرك وأكذوبة الأمان..

فهاهو يتقلّد كذبته التي تُشبه أيقونة تحويل مُخلّل الزيتون إلى قطعة شهيّة من لحم بلديّ خاص بمن لايتذوّقون اللحم الا بعيد الأضحى وما تيسّر من مواسم لاتستقرّ مواعيدها أبدا..

أتساءل يادولة الرئيس..

حين تُغافلك أعضاؤك بسؤالك عن عدد الوعود التي أطلقتها وكمية العهود التي أبرمتها وعظام صدرك تشتهي مقصلة تليق بكل من يدُقّ على صدره مُبيّتا نوايا التخلُّص من مطالب من لايشبعون ولا يقنعون من أبناء شعب ناكرٍ للجميل ... لتُردّد بينك وبين سوادك : ' شو بدهم أكثر هذول'.. 'يكفيهم أنهم لازالوا يتنفسون'..



هي مرحلة لم أتوقع أن نصل اليها ... ولطالما ردّدنا وضحكنا على أنفسنا..' نظامنا ليس نظاما دمويا أبدا ولن يكون'.. وأن ابناء عمنا لن يأكلوا لحمنا وأن ابن سموع ولو كان عقيدا في دائرة المخابرات فلن يدوس على رقبة طالب مُتحمّس يقطع المسافة بين الطفيلة ومؤتة كل يوم ليتلقّى دروسه في مصادر الالتزام ودستورية التشريع وما يجب ان يكون عليه الفرد الحُر ليليق بوطنه وعالمه..

لطالما قُلنا أننا مُختلفون .. فهل نحن حقّا في الأردن كأردنيين لو طالبنا بإسقاط النظام بعد فشلنا في محاولات إصلاحه .. مثلا - هل سنُعامل باختلاف حقّا..؟؟

أجدُني كمن يُراوغ في دمه او كمن يحمل فوانيس العربات لزائرات قبور الأثرياء ..

كان الأردني البسيط ولا زال .. يُفكّر في أن البقاء على قيد الحياة لن يكون صعبا .. وأن حياته .. كرامته ..إنسانيّته ليست هشّة الى هذه الدرجة التي هي عليها الآن..

واليوم تقف الحقيقة حزينة صاغرة جافّة موغلة بالأسى ..

حيث دموع الياسمين في بيوت أهل السلط مُكدّسة في ناقلات بريد مُعطّلة..

فلا الناقل جديٌّ بإصلاح مركبته وعرضها على محترف لنقل رسائل المُستنجدين .. ولا المنقول إليه يُجيد قراءة تلك الأبجدية الخاصة بأبناء الأرض وليس لديه وقت حتى للضحك على بعض الفوضى التي ستفتك قريبا به وبكلّ الخلاّقين الجدد من وارثي الغباء والبغاء ممن يظنون أن الأردنّ إطار لوحة اشتراها السماسرة الأوائل برصاصتهم الأولى وشُرفتهم المُتهالكة وخيولهم المُرهقة وتواطُئهم السافر وذبحهم العلنيّ للجغرافيا بسكين ماقُدّم عنوة على مائدة التاريخ..

هناك حكايات رجالاتنا الأوائل من أصحاب المواقف الكبرى ممن صانوا الأرض والعرض وكُحلة العينين وتنازلوا عن تتويج مدينتهم عاصمة لمسوخ لايدري عن حقيقة أصلهم أحد..

هناك في السلط حين اتفق سائقوا سيارات الأجرة على أن لا يأخذوا من ضيوف المدينة بدلا للتوصيل..

هناك حدث قبل أيام ما حدث وهناك ما لن نسمح له أن يتكرر وهناك ما لن يمرّ مرور 'دائمي العفو' عن عثرات أقزام النظام ..

في حلقة جديدة من مسلسل تعذيب المعتقلين اتهم حدث يدعى ايهاب محمود النسور ويبلغ من العمر 14 عاما قوات الدرك بضربه وتعريته واهانته .
وقال الفتى : 'انه تعرض للتعذيب الجسدي بعد اعتقاله في السلط بعد عودته الى المنزل وتابع:'قاموا باعتقالي بعنف واخذوا مني هاتفي النقال واغلقوه وانهالوا علي بالضرب داخل مركز الفحيص' .
...واشار الى ان افراد الدرك مزقوا ملابسه التي كان يرتديها بالكامل وربطوا يديه وقدميه.
ولفت النسور الى ان احد افراد الدرك انهال عليه بالضرب على وجهه ورقبته وقام بضربه على الأعضاء الحساسة وأطفأ أعقاب السجائر على ظهره وكتفه.
وأوضح أنه مكث محتجزا لمدة 3 ايام دون طعام او شراب، مشيراً الى ان محتجزيه أبقوه عارياً ومنعوا نقله الى المستشفى بالرغم من اصابته ورفضوا جلب الماء له وتابع:'بعد تكرار الطلب احضروا لي ماء ساخنا في ظل اجواء حارة'.
لك ماء هذا القلب ياصغيري ... 'وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون'..



*سياسة التهميش والاقصاء التي مورست على السلطيين بكلّ دوافعها أسرارها وسائلها حبائل المتآمرين عليها لم تعُد تخفى على أحد ..

من أكل من طبق الآخر ومن أطفأ النار ومن سرق الحطب ومن جفّف النبع ... كُلّ ذلك في حقيبة التاريخ الذي ستُعلنه الحقيقة قريبا وقريبا جدا..

ما يهمّني الآن كرامة أخي وابن عمي الأردنيّ أيّا كان وأينما كان ..

ولا أملك الا شوقي الكبير لتقبيل كل رأس طالتها أداة تعذيب 'الأخ لأخيه' في زمن يتطاول فيه ابن العم على ابن عمه بمُبرر أن الرفض خيانة والإعتصام محاولة انقلاب على 'هُبَل' ...

سنبقى معا ولن تنجحوا بتفتيتنا ..

سنبقى معا ولن تنجوا بمكركم وفعلكم ولا يحيق المكر السيء الا بأهله والمُحرّضين عليه..

وياشباب إربد كُلّنا معكم..

ولن نتوقف عن الضجيج ..

فما عدنا كما كنا سابقا ولن نعود..

العربة إنطلقت ولن يوقفها أحد.. وجسد ولي عهدكم المُقدّس ليس بأغلى من جسد 'ايهاب االنسور' والبادي أظلم أيها المسؤول عن رعيتك وسلامة أبناء قومك وتمهيد الطرقات لهم ولبهائمهم يا أمير المؤمنين..



*تعثّرنا كثيرا .. وسنتعثر كل يومٍ وسنقف ولن يفرقنا أحد بعد الآن..

الطريق الذي قادنا الى شيخوختنا الأردنية المُبكرة والى عجزنا الذي أضفى على قصورهم بهجة لن تطول .. هو ذات الطريق الذي قاد زنديقا من نوع الكردي ومرتزقة من نوع مجدي الياسين الى سعير غير مبارك فيه.. وسيقبضنا الله اليه أُردنيون حقيقيون غير مفتونين بما يريده السفهاء منهم لنا .. وإنا هاهنا نراقب انفراط دوائرهم على مهل.. وكلّ على شفا سقوط..

من له مصلحة بتهميش مدينة السلط ولماذا يستهدفونها بالذات..؟؟

من له مصلحة بزرع الفتنة بين أهل السلط أنفسهم وبينهم وبين رجال الأمن..؟؟

لماذا يراقب الدرك على طالب الثانوية العامة في السلط ..؟ أوليس في ذلك استفزاز للطالب وولي الأمر ..؟؟

من يفعل ذلك .. ومن يسعى لتحقيق ذلك يعلم أن السلط إذا تحركت ستتحرك الأردن كلّها ..

هل هناك مخابرات في الظلّ تخشى على النظام من علماء السلط .. مثقفيها .. عباقرتها .. وقربها من العاصمة وسكن رموزها بين قصور أكبر اللصوص..؟

لماذا لا يذهب الملك الى السلط الا بطائرة مروحية ياترى ولماذا يرتدي واقٍ للرصاص حين يزور السلط ..؟

من الذي يوصل للملك أن أهل السلط خطر عليه او يريدون الغدر به..؟؟

لماذا لا يوجد سلطي واحد برتبة 'باشا' ولماذا يتم ترميجهم قبل ذلك مع الاشارة الى ان هناك قليل منهم وصلوا الى تلك الرتبة بدائرة السير او الدفاع المدني ..؟؟

أين أيام ... زهير ذوقان العوامله و غازي باشا عربيات و احمد ابو جلمه

والعشرات ممن لا يتكررون ولا يُقلّدون ولن يعودوا ..؟ ؟

لماذا السلط بالذات ياقوم..؟





انها المدينة التي أنتجت الرجال فأنتجتها الرجال ..

عشقناها وعشقتنا ..

إنها الكلّ في أجزائنا ومهما تفرّقت هذه الاجزاء فإن العودة الى رحمها يجعلنا نولد من جديد ونعيش من جديد ونُبعث كأردنيين من جديد..



في المقالة القادمة أتساءل:

في زمن غدا فيه موكب رئيس الوزراء ومنسف أحد أنصاف الكائنات التي لا تنتمي لنا أشدّ أهمية من سلامة أبنائنا حيث تعرّض أحدهم لملاحقة كادت تودي بحياته.. عندها اعذروني يامخاتير إربد .. كفاكم تقديسا مقيتا وتبجيلا طويلا..

يابني قومي لن تعتدل القمة حتى تستقيم القاعدة ولكننا لن نشطف البناء من أسفل الدرج.. لن نفعل..

ehssanfakih@gmail.com


التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012