بقلم : العميد المتقاعد بسام روبين
12-07-2012 09:45 AM
قد يستغرب السادة القراء من العنوان ,ولكن ومع الأسف هذا هو واقع حال وزارة الداخلية بمستشارها القانوني في ادارتهم لشؤون الاحزاب ,ولا اريد ان اطيل هنا واتحدث بعموميات, ولكنني سأعرض نموذجا حزبيا حديث الولادة يعيش هذه التجربة وهو حزب العدالة والاصلاح ,ففي وقت سابق من العام الماضي, كان قد تنادى مجموعة من المتقاعدين العسكريين لتأسيس حزب وطني له ثوابت وطنية صادقه ويساهم في تعزيز التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقافية في نفس الوقت ,وسرعان ما ظهرت اول عقبة في وجه العسكر بعد حصولهم على الموافقة المبدئية للتأسيس من وزارة الداخلية, وقد تمثلت هذه العقبة في كيفية توفير الموارد المالية التي تمكن العسكر من تنفيذ طموحاتهم ومخططاتهم ,حيث بدأت رحلة البحت عن ممول للحزب ,عندها جرى لقاء مع احد الاشخاص والذي تكفل امام المؤسسين للحزب بتمويل اجمالي لجميع مصاريف الحزب ومتطلباته من حر ماله ,وبناءا عليه وكنوع من رد الجميل لذلك الشخص الممول ,قام العسكر ولطيبة قلوبهم بمبايعة ذلك الشخص امينا عاما للحزب ,وكان هذا اليوم هو اليوم الاول في انحراف بوصلة الحزب عن مسارها الوطني الصحيح ,على الرغم من ان العسكر بخبراتهم وقدراتهم جعلتهم يعتقدون بأنهم قادرون على اعادة الامور الى نصابها الصحيح في اي مرحلة من مراحل العمل, وما لبث العسكر ان بدأت اعداد كبيرة بالتدفق على الحزب ,وعدد من اولئك تم استدارجهم وتوقيعهم على نماذج الانتساب على اساس التنمية الاجتماعية وطرود الخير ,و وعود بتشغيل البعض منهم وتقديم الدعم المالي والقروض للبعض الاخر, وفعلا تم اطباق واحكام السيطرة على معظم مداخل الحزب ومنافذه , علما بأن عدد لا بأس به من الذين انتسبوا للحزب جذبهم الى ذلك وجود العسكر في هذا الحزب , لأن أسلوب تسويق الحزب في المحافظات كان يقوم على التنويه للمؤسسين العسكروتاريخهم الوطني المشرف , وقد بدأ العسكر بعد فقدان السيطرة في وضع سيء وموقف ضعيف حيال ما يجري ,مما اضطرهم الى المسايرة والقبول بواقع الحال والاستسلام امام اي نهج غير ديمقراطي مثل تعيينات المجلس الاستشاري لبعض المحاقظات ,وتفسير وتعديل النظام الداخلي ,وما الى ذلك من دكتاتورية الديمقراطية وحزب الشخص الواحد ,وقد نتج عن سوء النهج والاحوال اول انشقاق كبير للعسكر عن الحزب ,رافق اعلان نتائج المجلس الاستشاري والمكتب التنفيذي, وهذا ما اضعف ما تبقى من العسكر الباقون في المكتب التنفيذي والمجلس الاستشاري حيال العديد من القضايا الهامة ,وبدأ المكتب التنفيذي يسير في العراء دون رقيب او عتيد في ظل وجود وحضور ضعيف للعسكر وبعض اصدقائهم ,وقد رافق ذلك المفاجأة الكبرى والتي تمثلت في اعلان الأمين العام عدم التزامه بتمويل الحزب ومطالبته بجمع التبرعات من الاعضاء واغلاق الفروع , وقد بدأت هنا بعض الشخصيات الوطنية بالظهور والانشقاق عن الامين العام والركوب قي القطار الوطني الذي يركب به العسكر ,بعدما طفح الكيل وشارفت السفينة على الارتطام بالصخور وبالتالي حتمية الغرق, وفعلا بدأ العسكر واصدقائهم يستعيدون السيطرة تدريجيا من جديد , واعادة الحزب الى الاتجاه الوطني السليم , وهنا بدأت الكواليس المختلفة و الوعود بالمناصب والتعيينات بشتى الأساليب, حيت جرى انقلاب على العسكر وأصدقائهم مخالف لقانون الاحزاب و للنظام الاساسي للحزب من خلال اتخاذ الامين العام وأعوانه قرار مخالف للقانون والنظام بحل المكتب التنفيذي لكي يقوم بعدها باجراء تعيينات على شكل ديمقراطي غير صحيح لاشخاص سوف يوافقونه قي جميع الظروف والمناسبات, وقد تم ابلاغ وزارة الداخلية بذلك و ان الامين العام قد ارتكب مخالفات قانونية متعددة لقانون الاحزاب أوللنظام الداخلي للحزب يمكن لوزارة الداخلية وبالقانون ايقاقه عند حده وعدم السماح له بالتعدي على النظام الداخلي للحزب وقانون الاحزاب , الا انه ومع الاسف لم يكن هنالك اي حضور لوزارة الداخلية بل على العكس , كانت الوزارة تركز اهتمامها على وجود مناخ مواجهات بين صفوف الحزب من خلال صمت المسؤولين فيها حيال ما يجري في الحزب , فقد تم استبدال نواب الامين العام والناطق الاعلامي للحزب ومساعد الامين العام للشؤون المالية والذي ارتكب الامين العام مخالفة قانونية بحقه عندما لم يقم بإبلاغ وزارة الداخلية بانتخابه و تعيينه مساعدا للأمين العام للشؤون المالية وجرى استبداله بعضو آخر من الحزب بطريقة مخالفة للقانون , في حين كان بإمكان وزارة الداخلية أن تضع حدا لذلك التغول على النظام والقانون وترفض السير قدما في صرف الاستحقاقات المالية للحزب , لأنهم أي وزارة الداخلية تعاملت مع قيادات للحزب وصلت بطريقة مخالفة لقانون الاحزاب وللنظام الاساسي , حيث لم تقم الوزارة بالتعامل الصحيح مع الحزب وتدقيق المخالفات الصادرة عن الحزب واعطائها الصبغة القانونية بما لا يتعارض مع احكام القانون وبنود النظام , وما أن تمركز المكتب التنفيذي الجديد والغير قانوني حتى بدأ يظهر بوجهه الحقيقي , فأصدر بيانه الأول مطالبا باعادة جمعية المركز الاسلامي , ولا أعتقد ان حزب جبهة العمل الاسلامي ذلك الحزب القوي والذي أكن له كل الاحترام والتقدير أنه بحاجة الى ذلك البيان لولا أن هنالك روابط غير معلنة بدأت تطفو على السطح , ولم يقف المكتب التنفيذي عند ذلك الحد بل دعا الى اعتصام امام رئاسة الوزراء في وقت اجتماع مجلس الوزراء , وأخذ يهدد ويتوعد في بيانه خارجا بذلك عن الاهداف والثوابت الوطنية للحزب والتي اتفق عليها اعضاء الهيئة العامة , وانني هنا اقول للأمين العام ولمن يناصره من القلة القليلة أن هذه المواقف التي تتخذونها لا تمثل رأي الاغلبية في الحزب ولا ينبغي عليكم القيام بأي تصرف من شأنه الاساءة لأعضاء الحزب , وأننا في حزب العدالة والاصلاح لم نكن يوما ولن نكون معارضين للنظام , ولكننا قد نعارض الحكومة أو نتفق معها وحسب ما تتطلبه مصلحة الوطن والشعب , وأطالب هنا معالي وزير الداخلية أن يتفضل ويشكل لجنة تحقيق لما حصل من تجاوزات ومخالفات من قبل وزارة الداخلية أدت الى تحويل بوصلة الحزب من الاتجاه الوطني بامتياز الى الاتجاه المعارض , سائلا العلي القدير ان يهدي أعضاء الهيئة العامة لحزب العدالة والاصلاح الى طريق العدالة والاصلاح , ويحمي الاردن ويحمي شعبه انه نعم المولى ونعم النصير.