أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


معضلة الاستقرار السياسي في الأردن

بقلم : الدكتور رضوان محمود المجالي
17-07-2012 09:45 AM

يعاني الأردن في الوقت الحاضر أزمة حقيقة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من حاله من عدم الاستقرار، وهي ظاهره طبيعيه باتت معظم دول العالم تعاني منها، كنتاج طبيعي للتأثيرات الكبيرة التي أفرزتها ظاهره العولمة واعتماد سياسات نظام القطب الواحد، فلا حياديه للدول في ظل هذا النظام في ظل غياب تيار آخر مضاد لها، فبدأت نتاج السياسات الاقتصادية الرأسمالية والليبرالية تفسد أجواء ومناخ دول العالم، فزادت حدت الصراع وحاله عدم الاستقرار، وزادت السلوكيات والثقافات المصطنعة في خلق واقع جديد أدى على تغييب سيادة الدولة وزيادة أزمات الشرعية والهوية والفجوة بين الدولة والمجتمع، وابتعدت الدولة عن واقعها الاجتماعي، ففصلت عن إطارها الاجتماعي في تركيزاتها على الخيار الاقتصادي، فتفاقمت أزمة المجتمع، وبرزت عيوبه، وباتت معادله الاستقرار والديمقراطية خياراً لا يمكن تحقيقه في ظل وجود اختلال في التنمية والإصلاح، حتى الأخير منها لم يكن في وقت من الأوقات خياراً شعبياً أكثر منه مطلب دولي، إلا بعد بروز ظاهره الربيع العربي والتي بدأت تؤثر في الكثير من جوانبها على دول المنطقة العربية، واتي كشفت مدى الهشاشة الواضحة في الأنظمة العربية ومقدراتها على التعاطي مع مطالب المجتمع، والغياب الواضح للإطار المؤسساتي القانوني في تحقيق ثمرات التنمية والتطوير، فوجدت الشعوب العربية بعد إقصائها للأنظمة القائمة وحيده في إعادة بناء النموذج الدولة القومية الحديثة، مما وضعها في موقف صعب في تحقيق خيارات التنمية والديمقراطية، في ظل البحث عن حاله الاستقرار، فأصبح الأمر إعجازي في غياب حاله الوحدة واللحمة الوطنية في تكثيف الصفوف لإعادة الهيكلية لمؤسسات الدولة.

فأصبح الاستقرار هو من العوامل المهمة في بناء الدولة وتطورها، فلا يمكن أن يتحقق هذا الجانب في غياب حاله الإدراك والإيمان والاعتراف بالآخر وضرورة القبول بتبادل الأدوار. فالتخبط وعدم التنظيم، وبروز ظاهره المصلحة الشخصية، والتسلق للوصول إلى نقطه أبعد مما وجدت عليه تلك التيارات السياسية في بداية علاقتها مع الأنظمة السياسية القائمة، هو البداية للصراع على المناصب وللزج في البلاد إلى مصير هو من الغموض ما يثير الريبة بأن المستقبل نحو مزيد من عدم الاستقرار، في الوقت الذي تبدأ فيه السكاكين لتغرس في خاسره الوطن، ولتزيد منه فتناً ودائرة من العنف اللامتناهي..
فالمجتمع الأردني يتمتع بخصوصية تختلف عنها ما هو موجود في الدول العربية، ربما هنالك الكثير من الثغرات والتي أوجدتها الظروف وأخطاء الآخرين، ورغم التعاطي مع قضيه الإصلاح بشيء من الضعف وتشتيت الأفكار، فالتباطؤ والتسارع فيه سمه تبرز مع بروز أزماتنا، ولكن يبقى الحذر يزداد مع بروز ظاهره عدم الاستقرار، وانخفاض مستويات الإدراك الأمني. فالحاجة للأمن والاستقرار أصبحت حاجه لا تتفق مع الحاجة للديمقراطية والحرية، في ظل غياب واقع اقتصادي قوي. فكيف لنا أن نبني نموذج الدولة الحديثة الديمقراطية بدون مقومات التنمية والرفاه الاقتصادي والاجتماعي؟. فوجود الديمقراطية بدون تحقق شرط التنمية وتحسين مستوى المعيشي للمواطن يخلق مزيد من عدم الاستقرار، فمجتمعات دول أوروبا الشرقية استطاعت الانتقال للديمقراطية بعد تحقق شرط التنمية والتطور، فكانت مجتمعات صناعية متطورة ساعدتها على الانتقال للديمقراطية والاستقرار السياسي والاجتماعي.

فأصبحت المشكلات الاجتماعية نتاج طبيعي لفشل السياسات الاقتصادية، وزيادة الفجوة القائمة بين المواطن والدولة، وزيادة الانقسامات الأفقية والرأسية في المجتمع ببروز سلوكيات غير مألوفة في المجتمع، الأمر الذي دفع الحركات الاحتجاجية في الأردن للانطلاق بتأثير واضح مع موجه التغيير في المنطقة العربية، للدعوة إلى ضرورة وجود وضع جديد تتركز فيه المعادلة بالدرجة الأولى على خيار الإصلاح السياسي والتطور الديمقراطي، لكن ما يعيب هذه التوجهات عدم وجود آلية واضحة للتركيز على مطالب متدرجة ذات أسقف زمنيه يمكن أن تتحقق في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها النظام الاقتصادي من حاله انحدار كنتيجة لبرامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، يضاف اليها غياب التنسيق، وضعف التنظيم والشك والريبة الأمنية، وغياب دور حقيقي لمؤسسات المجتمع المدني في تلك الحركات، إلا ما ظهر من أدوار أكثر ديناميكيه للجماعة الإسلامية في الأردن في معظم تلك الحركات على مختلف مسمياتها وتصنيفاتها.

وما يضعف دور تلك الحركات ما يدور من حاله عدم استقرار واضح على المستوى الإقليمي والمحلي، بدأت تأثيرات حاله العنف المجتمعي من ازدياد واضح في تفاقم معدلات الجريمة، وتفشي ظاهره المخدرات، وازدياد حالات الانتحار والطلاق، وبروز أصوات مختلفة تدعو للاحتجاج والاعتصام مع المطالب الإقليمية والعمالية، بل أصبحت ذات جوانب فرديه وقبليه، أضعفت الهدف العام للحراك الشعبي في المطالبة في إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية، بل أن الدعوات بدأت تخرج من إطارها المحلي للإقليمي. ففقدت تلك الدعوات الإصلاحية قوتها مع بروز حاله عدم الاستقرار المحلي والإقليمي، فتشتت الرؤية الواضحة في الهدف العام للحراك الشعبي في الأردن بين فتره وأخرى.

إن مقدار تعاطي النظام السياسي مع حركه المطالب الشعبية كانت متفاوتة في مراحلها المختلفه، نحو الإمكانية والتحقيق، وضمان حدود الدنيا للتعامل مع قوى الدفع والشد العكسي، فأصبحت مرحله تصدير الأزمات وترحيلها من أدوات الأنظمة في التعامل مع قياس الأوضاع القائمة، ومرحله ترقب ما يحدث من الطرف الآخر، في التجاوب أو الرفض... لكن ما يثير امتعاضنا هو خيارنا الأمني وحاله عدم الاستقرار، والتي أظهرت في مراحل مختلفة، ضعف هيبة الدولة وتهاونها في تطبيق القانون- خاصة في التعامل مع حالة العنف المجتمعي. هذا الأمر تبادر للبعض بأن تطبيق معادلة الاستقرار والأمن تضاهي خيارات ومطالب الحركات الاحتجاجية، ففرض الأولى هو أداه ضعفت وأضعفت حدود الاستقرار السياسي والاجتماعي في الأردن.


Redawone_maj@yahoo.com


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-07-2012 09:59 PM

مساءالخير دكتور كلام جميل وتشخيص واقعي للحالة التي تعاني منها معظم دول العالم وخاصة ما تعانية من اقتصاد منهار في ظل تراجع في النمو وزيادة الفقر والبطالة وهذا على مستوى العالم باسره وتحكم القطب الواحد في السياسات العالمية والنقدية والنقدية

2) تعليق بواسطة :
17-07-2012 10:16 PM

كلام رائع و يفسر بدبلوماسيتك المعهودة ما يدور في المنطقه يا دكتور

3) تعليق بواسطة :
17-07-2012 11:00 PM

مساء الخير عليك يا دكتور واتمنى على الحكومة الموقرة الاستفادة من هذه المقالات المفيدة بدل المستشارين الذين لا يستشارون فقط لاخذ الرواتب العالية

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012