بقلم : يونس نهار بني يونس
22-07-2012 10:36 AM
بسم الله الرحمّن الرحيم
هناك حكمة بليغة تقول: الذي يسير بلا هدف.. كل الطرق أمامه متشابهة ..
ليحاول كل واحد منا تطبيق هذه الحكمة، ويخرج من منزله في صباح يوم ما وليس أمامه أي هدف، وسيجد بالتأكيد أن أي طريق
يسلكها لن تشكل له أية مشكلة، لأنه لم يرسم لنفسه طريقا واضح المعالم للوصول إلى هدف محدد.
أكيد أن الأغلبية الساحقه من الاردنين يخرجون كل صباح من بيوتهم ولهم أهداف واضحة، أي أنهم يتوجهون نحو أعمالهم ومشاغلهم، وهذه مآرب يومية تتكرر وتصبح روتينا قاتلا؛ لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو: هل لنا طريق واضح يفترض أن نسير فيه، وأهداف محددة يجب أن نصل إليها كشعب ومجتمع؟
منذ السنوات العشره الماضيه، أدركنا أن لا هدف لنا على الإطلاق، فقد تم تصدير المليارات نحو الخارج وهكذا، عوض أن نستغل مواردنا لبناء بلادنا ، فإننا صدّرنا أموالنا بأيدي قذره نحو الخارج لبناء بلدان أخرى. والغريب أن الاردنين قاتلوا في مختلف الحروب ، وساهموا بقوة في بناء الدولة الاردنيه؛ وعندما انتهت الحروب، خاض الاردنيون حروبا من نوع آخر ، وهي معارك البناء والتشييد في أكثر الظروف قساوة واستعبادا. وهكذا عوض أن نصبح بلادا حقيقية، تحولنا إلى مكتب شحادين نطرق الابواب.
منذ السنوات الأولى للالفية الثالثه، لم يكن لنا أي هدف كشعب ومجتمع، لأن مناطق واسعة من الاردن غضب عليها النظام وتحولت إلى مناطق ملعونة يشتمها الحاكمون في أروقة القصور. وفي الريف والباديه، خرج أبناء المنطقة من زمن الحماية والرضا ليدخلوا مباشرة تحت نيران إخوتهم في الاجهزه الامنيه (التي أصبحت لا تحمل ذاك الطابع الاردني التي تعودنا عليه صغارا وكبرنا ونحن على يقين ان هؤلاء هم اهلنا ولن يسفطونا ونكون يوما تحت اسواطهم) ، لأنهم طالبوا باردن عادل ومتساوي الحقوق، فعوملوا بطريقة أسوأ من تلك التي عامل بها الاحتلال الصهيوني اهلنا في فلسطين. وفي الجنوب ومناطق الأرياف وكثير من المناطق الأخرى، كان على الناس أن يتدبروا أمرهم لوحدهم لأن الدولة الاردنيه خلقت منطقة في محور عمان واعتبرتها هي الاردن، والباقي مجرد هوامش تشبه الحدائق الخلفية المهملة.
الاردنيون الذين بنوا هذه الدولة بالسواعد وبذلوا أرواحهم وكل ما يملكونه في سبيل ذلك، وجد أغلبهم نفسه في قلب الفقر والضياع، وهناك أردنيون ظلوا يتضورون جوعا ويحترف أبناؤهم التسول، بينما قفز كثير من الخونة وبائعي الوطن نحو الصفوف الأمامية من أجل قيادة البلاد في عهد الحرية والنيوليبراليه، لذلك من الطبيعي أننا بقينا ندور في الصفر، بل انحدرنا إلى ما تحت الصفر.
هكذا بدا واضحا منذ البداية أن البلاد لا هدف لها ترسمه بوضوح، فسواء في السياسة أو في الاقتصاد أو في الهوية أو في الثقافة أو في أي مشروع مجتمعي. كان هناك هدف واحد لا شريك له، وهو أن يستمر النظام السياسي بمختلف الوسائل، حتى لو كان ذلك على أنقاض كل الأهداف السامية التي تـُبنى عليها مصائر الأمم والشعوب.
كنا نكتب في الدستور أشياء معينة ونعيش على أشياء مناقضة تماما.. نقول إن العربية لغتنا ثم ننفذ كل ما يصدر الينا من آوامر بلغات غير عربيه، ونقول إن جميع الاردنيون سواسية أمام القانون، فنكتشف أننا نعيش «أبارتهايد» بطريقتنا الخاصة، ونقول إن جميع المواطنين لهم الحق في السكن والعمل والتعليم والصحة، لنجد أن كل ذلك مجرد أوهام، لأنه بعد ستين عاما على الاستقلال، لا تزال النسوة القرويات يـلدن في البيوت، وأخريات يلدن في الشوارع، وأطفال المناطق النائية يموتون بالبرد والأمراض الغامضة.
حتى أحزابنا التي ولدت للوقوف في وجه نظام مستبد يمارس منذ عقد من الزمان(هذا لا يعني انه كان قبل ذلك كاملا ورائعا ولكن لم يكن بهذا السوء)كل أشكال الاستعباد والابعاد للمواطن الاردني، تحولت، مع مرور الأيام، إلى أنظمة صغيرة مستبدة تدور في فلك النظام الكبير، وانطبق عليها المثل القائل «اوْلاد عبد الواحد كلّهم واحد».
اليوم، وبعد أكثر من 60 عاما على ذلك الشيء الذي سميناه الاستقلال، أليس جديرا بنا أن نتساءل في أي طريق نسير؟ وأي شيء حققناه بعد كل هذه العقود الطويلة؟ وهل نحن أمة تطمح إلى بناء الغد وتبحث لها عن مكان تحت الشمس أم إننا مجرد شعب قانع بمصيره ويكتفي بالعيش على هامش الحياة؟ من حقنا أن نتساءل بصوت عال جدا: لماذا انغمس المسؤولون في جمع المال والثروات ورموا بمستقبل هذه البلاد إلى فم الشيطان؟
ليعلم كل من رموا بمستقبل هذه البلاد الشريفة إلى فم الشيطان واستنزفوا خيراتها وخانوا الله وأماناتهم أن لعنة الله ستطاردهم وستطارد كل الخونــــــة واللصوص وجميع من تجري في شرايينهم دماء الغدروالمكر ,وستكون مزبلة التاريخ هي ملاذهم الأخير.
فالذين أصابتهم اللعنة وكانوا أسياد يحسب لهم ألف حساب بل كانوا في دائرة صناعة القرار, تحولوافي خريف عمرهم إلى مغتربين مغضوب عليهم وأصبح الكل يدرك ما آلت إليه أوضاعهم بعدما أصابتهم اللعنة وانتقم الله منهم , ولا داعي إلى ذكر أسمائهم لأنهم رحلوا إلى دار البقاء, والحبل على الجرار..
أما الذين ما يزالون يتلاعبون بخيرات الوطن ويسيئون للبلاد والعباد و يصطادون في الماء العكر ويظنون أن مناصبهم وولاءاتهم وأموالهم ستحصنهم و ستحول دون نزول الغضب و اللعنات عليهم ,فإنهم واهمون واهمون واهمون واهون واهمون