أضف إلى المفضلة
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024


مأزق الربيع العربي في الأردن

بقلم : حماده فراعنه
02-08-2012 11:03 AM



أزمة متعددة الرؤوس، تجتاح العناوين الثلاثة للمشهد السياسي الأردني، تحول دون التوصل إلى تفاهم بين مكونات الحالة الأردنية، وتجعل من حالة الاستقرار النسبية التي يتمتع بها الأردن مقارنة مع جيرانه، ان يكون مرشحاً للانزلاق نحو التوتر والاحتقان ونحو الترقب لمسار قطار الربيع العربي، فهل يسير باتجاه الحالة المغربية التي نجحت في التوصل إلى التفاهم والشراكة بين النظام الملكي والمعارضة ؟؟ أم يجنح نحو زيادة حدة التقاطب الاجتماعي السياسي الحزبي، فينسف حالة الاستقرار تحت ضغط الفشل في عناوين الإصلاح السياسي، وتدني مستوى المعيشة وسوء الخدمات وزيادة البطالة وشيوع الفقر والجريمة والتصادم الاجتماعي العشائري، وزيادة المديونية والعجز في الموازنة.

أزمة سياسية، تجتاح الأردن، تضع العناوين الثلاثة في مأزق متدحرج.

فالحكومة الأردنية في مأزق بسبب إصرارها على التمسك بقانون الانتخابات الموزع بين الدائرة المحلية والدائرة الوطنية، حيث يعطي للمواطن صوتين: صوتاً لدائرته المحلية فيلبي طلبات القوى المحافظة بالحفاظ على مكتسباتها بالتوزيع غير العادل للمقاعد البرلمانية حيث يمنح المناطق الأقل كثافة للسكان، مناطق الريف والبادية، عدداً اكبر من المقاعد، عن المناطق الأكثر كثافة للسكان في المدن الرئيسة عمان والزرقاء وإربد، ويعطي عدداً أقل من المقاعد في مجلس النواب تحت حجة الحفاظ على 'الحقوق المكتسبة' لأبناء الريف والبادية كما يصفها رئيس الوزراء، والصوت الثاني للدائرة الوطنية عبر القوائم الوطنية.

ورغم ان التعديلات الدستورية التي مست 42 مادة من الدستور، فقد شكلت مكسباً في الانحياز للمعايير الدستورية العصرية وصيانة حقوق الإنسان وتعزيزها، بما فيها إقرار قانون الانتخابات الذي رسم بوجود قائمة وطنية على مستوى المملكة وهي إنجاز يتحقق لأول مرة في تاريخ الأردن.

ومع ذلك، اتخذت أحزاب المعارضة موقفاً معارضاً ضد القانون الذي استكمل خطواته الدستورية، بصياغة من قبل الحكومة، وإقراره من مجلسي النواب والأعيان ومصادقة رأس الدولة عليه، جلالة الملك، بعد إجراء التعديل عليه عبر توسيع حجم ومقاعد الدائرة الوطنية من 17 مقعداً إلى 27 مقعداً، وقد أجمعت أحزاب المعارضة السبعة على رفض القانون ورفض المشاركة في الانتخابات المقبلة لمجلس النواب السابع عشر، على أساسه، لأن القانون لا يلبي تطلعات القوى السياسية في الوصول إلى حكومات برلمانية حزبية تتشكل على أساس الأغلبية النيابية، وتعتبر أن 27 مقعداً للقائمة الوطنية من 150 مقعداً، يساوي 18 بالمائة من مقاعد مجلس النواب، لا تلبي الغرض الإصلاحي المطلوب، وبإعلان أحزاب المعارضة رفضها للقانون، يضع الحكومة ومؤسسات صنع القرار في أزمة مفتوحة، قد تتطور وتتعمق، وتخلق حالة من الحوافز لقوى المعارضة وقوى الحراك الشعبي الاحتجاجي كي تزيد من احتجاجاتها وتتسع أكثر وقد تؤدي إلى وضع مربك، وهو انهاء حالة التعايش الهادئة بين المعارضة والنظام.

والمعارضة في مأزق، فهي من جهة فشلت في جعل حراكاتها واحتجاجاتها من حالة حزبية، اقتصر نشاطها وفعالياتها على الحزبيين، ولم تتسع كي تكون حالة شعبية عارمة معارضة للنظام وسياساته وإجراءاته الإصلاحية السياسية والاقتصادية، مثلما فشلت المعارضة في توحيد صفوفها، فهي تتوزع بين ثلاثة أطراف، 1- حركة الإخوان المسلمين ومن يتبعهم 2- الأحزاب اليسارية والقومية 3- قوى الحراك الشبابي الذي يبحث عن هوية وعنوان، والأطراف الثلاثة فشلت في توحيد جهودها وشعاراتها وتنظيماتها، ما أفقدها القوة، وأفقدها القدرة كي تكون جاذبة للجمهور.

وحركة الإخوان المسلمين في مأزق لأنها لم تستطع إقناع الأحزاب اليسارية والقومية الحليفة معها في الجبهة الوطنية للإصلاح برئاسة أحمد عبيدات، وفي لجنة التنسيق الحزبي، لم تستطع إقناعهم باتخاذ موقف مسبق بمقاطعة الانتخابات، وبالتالي اقتصر عنوان المقاطعة على حركة الإخوان المسلمين، ولم يرتق موقف المقاطعة كي يشمل أحزاب المعارضة وبذلك فإن اقتصار المقاطعة على الإخوان المسلمين لا يعطي للموقف الأهمية المرجوة بإفشال الانتخابات وفقدانها للشرعية الشعبية المطلوبة.

والأحزاب اليسارية والقومية في مأزق، فهي تعارض قانون الانتخابات كما صاغته الحكومة، وهو دون مطالبتها أن يشمل القانون المناصفة بين الدائرة المحلية والدائرة الوطنية، ليكون 50 بالمائة من مقاعد البرلمان للدائرة المحلية و50 بالمائة للدائرة الوطنية، وهم في نفس الوقت يختلفون مع الإخوان المسلمين الذين تسرعوا وأعلنوا مقاطعتهم للانتخابات ترشيحاً وانتخاباً، وبقي موقف الأحزاب اليسارية والقومية الخمسة (الحزب الشيوعي وحزب الشعب الديمقراطي 'حشد'، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وحزب البعث التقدمي، والحركة القومية للديمقراطية المباشرة)، معلقاً، فلا هي تؤيد قانون الانتخاب وتعارضه ولا تقبل المشاركة في الانتخابات على أساسه، ولا هي توافق للإخوان المسلمين على موقفهم المستعجل والمسبق بمقاطعة الانتخابات، حيث تعتبر أن موقفهم هذا بمثابة سلاح ضاغط على الحكومة، لدفعها نحو إجراء مزيد من التعديل على القانون كي يقترب من مطلبها بزيادة مقاعد القائمة الوطنية من 27 مقعداً إلى نحو 75 مقعداً، بما يعادل نصف عدد مجلس النواب المقترح.

الأطراف الثلاثة: الحكومة، والإخوان المسلمون والأحزاب اليسارية والقومية، كل منها في مأزق ينتظر الفرج من تدخل رأس الدولة، جلالة الملك، كما فعل من قبل حينما طلب من الحكومة تعديل القائمة الوطنية، وزيادة مقاعدها وتجاوبت الحكومة ورفعت عدد مقاعد القائمة الوطنية من 17 إلى 27 مقعداً ما لم ترض به المعارضة بعد.


h.faraneh@yahoo.com






التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012