04-08-2012 11:48 AM
كل الاردن -
ليست المرة الأولى التي تقاطع فيها حركة الأخوان المسلمين ، الأنتخابات النيابية ، وليست المرة الأولى التي يغيبون فيها عن البرلمان ، فقد سبق وقاطعوا دورتي عام 1997 وعام 2010 ، ولم تخرب الدنيا ، ولم يعجز البرلمان عن تأدية دوره ، وجرت التعديلات الدستورية في غيابهم ، وتم تعديل 42 مادة دستورية بدونهم ، وقاطعوا لجنة الحوار التي أوصت بتعديل الدستور ، وغيابهم لم تدفع الأردنيين للبكاء والحزن والترحم على أيام مشاركتهم ، فمشاركتهم ' لم تخرج الزير من البير ' .
ومنذ أن إستعاد شعبنا لحقوقه الدستورية عام 1989 ، شاركوا في أربع دورات برلمانية : 1989 و 1993 و2003 و 2007 ، ولم تكن دورات مشاركتهم مميزة يتذكرها الأردنيون بالتقدير والأعجاب ، فقد تم إقرار وتمرير معاهدة السلام الأردنية الأسرائيلية عام 1994 في عهد شراكتهم ، وإكتفوا بالتصويت ضدها ، ومن خلال مشاركتهم تم إقرار قانون ضريبة المبيعات ، وفي كل مشاركاتهم لم يتقدموا ولو لمرة واحدة بمشروع قانون ، مع أن الدستور يُجيز لعشرة نواب حق تقديم مشروع قانون ، ولم يفعلوها ، عندما كانوا أكثر من عشرة نواب !!
ولهذا لم تكن مقاطعتهم ذات أثر سلبي على البرلمان ، وإنعكست على شعبنا بالسوء والتراجع ، مثلما لم تكن مشاركتهم ذات أثر إيجابي للبرلمان ، وإنعكست على شعبنا بالخير والتقدم والرفاهية ، فلا كانت هذه ، ولا توفرت تلك .
ولكن مشاركتهم ، كانت مشاركة سياسية مميزة ونوعية وذات لون وطعم ونكهة ، نظراً لنفوذهم ومكانتهم بين مسامات شعبنا وبين مكوناته الأربعة في الريف والبادية والمدن والمخيمات ، فعمرهم طويل ، بعد أن تشكلت أولى خلاياهم الحزبية عام 1946 ، وترخصوا ، ولم ينقطعوا عن العمل ، وحرية التنظيم والأدارة ، ولم يتعرضوا للأذى أو الملاحقة ، كما حصل مع اليساريين والقوميين ، الذين تعرضوا للتنكيل وعانوا الأذى وواجهوا الملاحقة .
غيابهم عن دورة البرلمان السابع عشر المقبلة ، سيكون غياباً سياسياً أسوة بما حصل في دورتي الثالث عشر 1997 والسادس عشر 2010 ، وهو غياب سيفقد المشهد السياسي الأردني ألوانه القائمة على التعددية ، ومصلحتنا الوطنية في التعددية ، وشراكة الجميع ، لأن ذلك يخلق التوازن ، ويوفر ميزان التعايش بين الجميع على مختلف مسمياتهم وأفكارهم السياسية والحزبية والفكرية .
لنا مصلحة في مشاركة الأخوان المسلمين في كافة مؤسسات العمل الجماهيري والنقابي والبلدي والبرلماني ، شريطة عدم إستئثارهم بالموقع كما حصل في العديد من المواقع ، ولكن إذا إختاروا القطيعة ، كأسلوب ضاغط لإنتزاع الشراكة من موقع قوة وكسر الأيادي فهذا لا يقبله لا عاقل ولا مهبول .
h.faraneh@yahoo.com