أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


لكي لا نكون الغساسنة الجدد

بقلم : أ.د أمل نصير
11-08-2012 12:08 PM

الغساسنة لمن لا يعرفهم سلالة عربية أسست مملكة في بلاد الشام ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية في فترة ما قبل الإسلام، حيث استقروا في الأردن وجنوبي سورية، وقد وجد الرومان فيهم حلفاء أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسانيين وحلفائهم العرب المناذرة، وقد قام الإمبراطور جستنيان بمنح الملك الغساني والمُعيّن من قبله: الحارث بن جبلة لقبا كبيرا مكافأة له على إخلاصه.
وفي عام 563م خرج الحارث بن جبلة من عاصمته بصرى إلى القسطنطينية لمقابلة الإمبراطور والتفاهم معه حول المساعدات التي يجب أن تُعطى له للاحتفاظ بولائه له غير أن الإمبراطور لم يوافق على الدعم المالي الذي طُلب منه، وساءت العلاقات بين الحارث والإمبراطور البيزنطي، وكان ذلك آخر ما كان من الغساسنة الذين أضعفتهم الحروب المستمرة، فلم يعد لهم ذكر سوى في الشعر.
يبدو أن الآخرين يقرؤون تاريخنا جيدا، ويستغلونه لصالحهم بجدارة في حين لا نقرأه نحن إلا من الشعر الذي عزز لدى (بعضنا) ثقافة التكسب، والاعتداء على المال العام(أعطه يا غلام)، وصناعة الطغاة، والتفاخر بالأحساب والأنساب.

واليوم يحتمل أن نكون في الأردن على مشارف حرب لا ندري كيف ستكون نتائجها، وأقلها مزيد من الضغط على مواردنا الاقتصادية والمائية الفقيرة أصلا، وقد نُعرّض الوطن للتدمير، والمواطن للقتل، ونزج بجيشنا خدمة لأجندات لا تعنينا، بل تعني أعداءنا الذين يبتلعوننا دولة إثر أخرى من فلسطين إلى العراق، فليبيا، فسوريا، وفي كل مرة بحجة جديدة سرعان ما ينكشف زيفها بعد فوات الأوان.
لقد رفض المغفور له الملك حسين الانضمام في عام 1990 إلى ما سمي أنذاك بجيوش حفر الباطن رغم كل الإغراءات حينها، ومنها سداد المديونية كاملة حسب ما كان يتداول في وقتها، فلماذا نشترك الآن؟ ومقابل ماذا؟! وحتى لو قُدم لنا المال، فهل يجوز مقايضة الدم أو الوطن بالمال؟! وكم جنينا من اتهامنا بدعمنا للأمريكان في العراق عام 2003، ومن اتهامنا بقمع الحوثيين والثائرين في البحرين، والمشاركة في حرب ليبيا؟! وأين هو المال الذي جنيناه من وراء ذلك؟!
أما ما نتعرض إليه من ضغوط الأشقاء، فلا يمكن الرضوخ إليهم بتوريطنا بالحروب وقمع الثورات، فمثل هذا الدور لا يليق بالأردني ولا بجيشه لاسيما أن هذه الدول لم تقدم لنا إلا الفتات، ومنذ مدة يسيرة رفضت اشتراكنا في مجلس التعاون، وهذه رسالة مؤداها خطير، وإذا كنا دولة ذات مديونية فلهم مرشد في تجارب ألمانيا واليونان وغيرهما دون أن يسموا أنفسهم بالدول الشقيقة مع كل ما تعنية إنسانيا وثقافيا ودينيا! ولا بد من تذكر الآية الكريمة:(والذين في أموالهم حق معلوم)، وأما حجة الفساد، فهو موجود في كل مكان، وهم لن يعدموا الطريقة المثلى التي توصل المساعدات إلى قنواتها الصحيحة.
إن مساعدة الشعب السوري إنسانيا هو واجب في أعناقئنا لكن لا يجوز أن يكون على حساب وطننا، ومسؤولتنا القومية ونحن نعرف أن أمريكا لا تعدم السبل للقضاء على كل حاكم تراه مارقا أو دكتاتورا، وأي مساعدة يريد العالم تقديمها للشعب السوري اليوم بعدما تُرك لـ18 شهرا للقتل والاغتصاب والنزوح؟! وبعدما دمرت سوريا أمام أعيننا مدينة بعد أخرى؟!
وبماذا يمكن أن نجيب أصحاب الحراك الأردني وقد كنا نطلب إليهم عدم إقحامنا في نفق مظلم يصعب الخروج منه، وعدم تعريض أمننا وأماننا واستقرارنا للخطر؟!
وبعد هذا كله هل نأمن من أن نؤكل كما أُكل الثور الأبيض؟! ولدينا من التاريخ القريب المثال الحي، فلقد تجاهل الأسد الأب كل النداءات التي دعته إلى عدم المشاركة بالحرب ضد العراق، ولكنه لم يستجب لها، فما كان إلا أن دارت الدائرة اليوم على ابنه وكرسي حكمه، فهل يأمن العاقل عدوا يتخلص من كل مَن يريد من الحكام الذين ينعتهم بالمارقين، أو الأصدقاء المحايدين، أو حتى المخلصين مثل شاه إيران ؟!
amalnusair@hotmail.com


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-08-2012 01:12 PM

Great article,thank you

2) تعليق بواسطة :
11-08-2012 01:58 PM

الجواب على الحراك والتساؤلات الكثية يأتيك من تصريح:نتنياهو: ما يحدث في سوريا من مجازر لن يكون بقسوة ما سيحدث في الأردن ... فهل نفهم ما يخطط لنا باسم الحرية والاصلاح و و و...الخ

3) تعليق بواسطة :
11-08-2012 09:34 PM

تحيه واحترام

4) تعليق بواسطة :
11-08-2012 11:54 PM

فكر ناضج واسلوب راقي ولكن للاسف هنالك من اعمى ابصارهم وعطل عقولهم التعصب للذات او فكر منحرف او مشروع باجندة خارجيه او لجهل مطبق
شكرا وكل الاحترام

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012