أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


جلالة الملك شخص الحالة السورية ودق جرس الأنذار

بقلم : حماد فراعنة
13-08-2012 10:33 AM


قد تكون سورية هي البلد الثاني بعد فلسطين في سلم الأهتمامات الأردنية ، نظراً للتداخل الأنساني والمصالح المشتركة والجوار الجغرافي بين الأردن وسورية ، فثمة حوالي نصف مليون سوري وسورية وفق معلومات جلالة الملك عبد الله ، متزوجون من أردنيين وأردنيات ، يعكسون الصلة والقرابة ، على طرفي الحدود وفي مسامات القرى المتاخمة ، وأبناء العمومة ، بين البلدين ، يتأثرون من أحوال بعضهم البعض ، وثمة تباينات سياسية وأمنية بين البلدين ، وتحالفات متعارضة ، لنظامين مختلفين ، نجحا في التعايش ، وتغليب المصلحة والألفة على ما عداها من عوامل ، مثلما تفرض رغبة واعية أو واقعية ملزمة للتعايش بينهما .

وعلى قاعدة هذا الفهم ، بادر جلالة الملك في وقت مبكر بعد أحداث أذار 2011 ، وأوفد لمرتين متتاليتين رئيس الديوان الملكي خالد الكركي إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد ، لحثه على ضرورة معالجة الوضع الداخلي بأساليب وأدوات مدنية سياسية ، وتحاشي المعالجة الأمنية ، لأنها ' مطب ' وفخاً ، سيقع فيه ، ويشكل حوافز للانقضاض على نظامه ، إذا إختار الحل الأمني وسقط ضحايا إعتماداً على هذا الخيار ، ولكن النصيحة الأردنية لم تجد إذناً صاغية لدى أصحاب القرار في دمشق ، ولذلك وصف الملك وضع الرئيس السوري على أنه ' وقع أسيراً للحالة الداخلية ولمكونات النظام ' .

وفي ضوء متابعته للأحداث ، لحض جلالة الملك ، رده على سؤال تشارلي روز ، من على شاشة سي . بي . إس ، إلى أين تتجه الأمور في سوريا ، رد الملك بقوله : لا أحد يعلم تحديداً ! .

ومنذ بداية الأحداث السورية ، كان الموقف الأردني ولا يزال التطلع إلى الحل السياسي ، وهو الخيار الأفضل لكل الأطراف ، لتحاشي المشكلة المتفاقمة التي بدأت مظاهرها تبرز بإتجاه ' العنف الطائفي وبداية حرب أهلية ' على حد وصف جلالة الملك ، وضرورة البحث ' عن إنتقال سلمي للسلطة ، ومن المهم جداً إقناع المعارضة أن تمد يدها إلى العلويين ، بحيث يشعرون أن لهم مصلحة ومكانة في مستقبل سوريا ' يشرح جلالته الحدث السوري من وجهة نظر المعارضة ومن يقفون معها وخلفها ويدعمونها بقوله ' لا أعرف إن كنا نقوم بما يجب في هذا السياق ' ، أي عدم التوجه الأطراف المختلفة للعمل على جمع الأطراف السورية من الداخل والخارج وبين النظام والمعارضة .


الأردن يشعر بالقلق عبر عنه جلالة الملك ، نحو الحالة السورية ، لأن الدولة أيلة للأنهيار والتمزق ، قد تكون نتيجتها قيام كيان كردي شبه مستقل في شرق شمال سورية أسوة بالحالة الكردية شمال العراق ، وأسوأ من ذلك تمزق سوريا لكيانات متعددة ، يقف في مقدمتها قيام كيان علوي إلى جانب المنطقة الكردية وضياع وحدة سورية وإستقرارها لسنوات طويلة ، والأردن يشعر بالقلق ، لأن الحالة السورية ، ستشكل حالة إستقطاب عربي ودولي طاردة عن الأهتمام بالوضع الفلسطيني ، ففلسطين وأمنها ومستقبلها له تبعات مؤثرة على الأردن ، وإستمرار البرنامج الأسرائيلي الأستعماري التوسعي يؤثر مباشرة على الأردن بعد فلسطين ، وغياب الأهتمام العربي والدولي عن فلسطين ، يمنح الأسرائيليين فرص مجانية لمواصلة تمزيق الجغرافيا الفلسطينية ، ويحول دون قيام دولة فلسطينية ، بعد إستكمال تهويد القدس وأسرلتها ، وتوسيع الأستيطان في قلب الضفة وبعثرتها ، وبدء عمليات تهويد الغور لتحول دون قيام حدود أردنية فلسطينية ، بل مجرد معابر أردنية فلسطينية مسيطر عليها إسرائيلياً ، ولذلك دوافع القلق الأردني متعدد سواء بإتجاه سورية وبإتجاه فلسطين .

الأردن لا يسعى للتورط في الصراع السوري ، ولن يكون طرفاً في هذا الصراع ، ويجب أن لا يكون ، لأن سوريا ستتحول إلى محرقة ، ستؤذي كل من يتورط فيها ، فالصراع لم يعد بين نظام متسلط ، وبين حركة سياسية معارضة تتوسل الديمقراطية والتعددية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع ، ولم يعد الحل الأمني خيار النظام وحده ، بل هو خيار متبادل ، بين النظام وجيش المعارضة ، والصراع الدموي أدواته محلية ، ولكنه يعكس صراعاً عربياً دولياً ، يقف في جبهته لمصلحة النظام : حزب الله وجزء من النظام العراقي وإيران ومعهم روسيا والصين ، ويقف في جبهة المواجهة الأخرى : تركيا والنظام الخليجي وأميركا وأوروبا ، ولا حدا أحسن من حدا ، كلاهما يتجاوز حقوق الأنسان ويسعى نحو السلطة ، بأدواته المحلية ومعتمداً على المساعدات الخارجية ، لا مصلحة للشعب السوري لها وبها ، فهو الذي يدفع الثمن بالموت والدمار والأفقار واللجوء .


الأردن ، لا خيار له بالأنحياز لهذا الطرف أو ذاك ، ليس لأنهما على باطل ، أو لا يملكان الشرعية لأحدهما أو لكليهما ، بل ثمة موقف سياسي ومبدئي يُفترض أن نتمسك به يقوم على العوامل التالية :

أولاً : أن لا نتدخل بشؤون الأخرين حتى لا نسمح للأخرين أن يتدخلوا بشؤوننا .

ثانياً : إن الصراع المسلح بينهما أضاع الأولويات وسيؤدي إلى تدميرقدرات سوريا أمام العدو الأسرائيلي الذي ما زال يحتل أرض الجولان .

ثالثاً : إن السماح بالتدخل الأجنبي في بلد عربي سيفتح المجال للتدخل وإستباحة بلد أخر ، ومنذ الأجتياح العراقي للكويت ، طالب الأردن بالحل العربي بعيداً عن الحروب والتدخلات الأجنبية ، ولا يزال المطلب الأردني صائباً .

رابعاً : إن الحرب الدائرة على أرض سوريا ، ولّدت الكوارث على الشعب السوري ، وها هو التهجير يعود على الأردن بالأذى ، والأردن لا يستطيع إقفال حدوده أمام معاناة المتضررين من الأشقاء السوريين ، ولكن الأردن في نفس الوقت ، بلد فقير يُعاني من ظروف إقتصادية صعبة لا يستطيع تحمل المزيد من الأعباء وتدفق اللاجئين إلى أرضه .

خامساً : الحل السياسي هو الأمثل وجلوس طرفي الصراع على طاولة الحوار ، عبر التفاهم وصولاً إلى الأتفاق ، بما يخدم مصالح الشعب السوري ويحمي وطنه ، من الدمار والخراب والتمزق .

الأردن يمنع مجموعات أصولية متطوعة ، للإنتقال نحو سوريا ، ليحول دون إنخراط عناصر أردنية في الصراع ، وهو بذلك يمنع تورط الأردنيين في الصراع المسلح ، لا مصلحة لنا فيه ، ولا مصلحة لنا في تورط عناصر أو أحزاب أو مجموعات في الصراع السوري المسلح أو أن يكونوا أحد أدواته أو جزءاً من أفعاله .

الملك رداً على سؤال تشارلي روز : إلى أين تتجه الأمور في سوريا ؟ بقوله لا أحد يعلم مع سلسلة الأنهيارات والعنف المتبادل والحرب الأهلية !! وجلالة الملك يضع النقاط على الحروف ويدق جرس الخطر والأنذار ، لعل الأطراف المختلفة تستقبل الرسالة الأردنية بما تستحق من الأهتمام .


h.faraneh@yahoo.com









التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-08-2012 07:27 PM

هذه المقالة مثل كثير غيرها؛ تضرب في الغيب وتلجأ إلى افتراضات خيالية على اعتبار أنها مسلمات أو حقائق تاريخية.
- كيف عرف الكاتب العالم بالغيب أهداف زيارة رئيس الديوان إلى سوريا. وكيف عرف مجريات الحوار بينه وبين الرئيس السوري. وعلى أي أساس بنى على مثل هذا الافتراض تحليلا أقل ما يقال عنه بأنه غير واقعي.
- قال الكاتب بأن ( الأردن ليس طرف في الصراع السوري، ولن يكون طرفا في هذا الصراع). فهل هو ناطق باسم الحكومة!!!وإذا كان كلامه من عنده، فما أدراه بذلك ، وكل المؤشرات والوقائع على الأرض تشير إلى غير ما ذهب إليه.
- حاول أن يسوق بعض المقولات التي تمثل أولويات أخلاقيه وليست من علم السياسة في شيء. ولكن الدول لا تعترف بأن لا ( تدخل في شؤون الآخرين) ولا تعترف بأن الحل السياسي هو الأمثل. فمن أشعل الفتنة في سوريا لا يريد حلا سياسيا.
-حسبنا الله ونعم الوكيل

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012