بقلم : حماده فراعنه
25-08-2012 10:38 AM
من سمير القنطار إلى جلال النحاس ، نموذجان لمناضلين قوميين ، يستحقان التقدير ، الأول لبناني شيعي قضى فترات طويلة من حياته في السجون حتى سمي بعميد المحررين العرب نظراً لطول صموده في سجون الأحتلال بسبب أسره في عملية قتالية نفذتها جبهة التحرير الفلسطينية .
والثاني جلال النحاس مسيحي من مادبا قضى سنوات عمره في صفوف الثورة الفلسطينية في العديد من المواقع وقاتل معها عبر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، وهو شقيق الكاتب والسياسي الراحل سالم النحاس أمين عام حزب الشعب الأردني .
كلاهما فلسطيني بالأنتماء والهوية ولا تربطه بالجغرافيا صلة ، فالأول لبناني والثاني أردني ، ولكنهما قضيا سنوات مديدة من أعمارهما مناضلين ضد العدو القومي المشترك ، وقدما خيرة ما عندهما ولاء ووفاء لفلسطين ، ولكن كما قال لنا سمير وهو في السجن : لست فلسطينياً ، ولن أكون ، ولكنني أناضل من أجل فلسطين دفاعاً عن لبنان ، وهو القول ذاته الذي قاله لنا جلال يوم فرحه إلى عروسته المسيسة تريز الريان : أنا من مدرسة ياسر عرفات ، تزوجت القضية الفلسطينية ، ولكنني أرتبط مع تريز كي نُخلف صبيان وبنات ونهبهم لفلسطين ، لأن معركة تحرير فلسطين تبدو طويلة ، أطول من عمري .
أذكر هؤلاء وغيرهم ، ممن أفنوا حياتهم من أجل إعلاء قضايا الأمة ورفعتها والأنتصار لها ، وأحزن على أن سمير يتم طرده من إحتفال بتونس بيوم القدس من قبل أصوليين لا يعرفون مدى تضحيته في سبيل قضايا العرب وفي القلب منها فلسطين ، مثلما أحزن على تضحيات الأردنيين وفي طليعتهم جلال النحاس ممن سبقونا من أجل العمل لفلسطين والعمل من أجل الأردن ، لأجل إستقراره وأمنه وديمقراطيته وتعدديته ولا أثر لها في سياسات ومواقف وتصريحات وأقوال من يقودون الحراكات وينظمون الأحتفالات ويعلنون الوقفات .
من يتذكر تضحيات الشيوعيين والبعثيين وسائر القوميين واليساريين وصمودهم في وجه الأحكام العرفية ، لقد شهدت سلسلة مصالحات تمت بين الراحل الملك حسين وقادة الأحزاب اليسارية والقومية في بداية التسعينيات وأدت إلى مشاركتهم في لجنة الميثاق والأعتراف بحقهم بحرية العمل والترخيص وخاصة للحزب الشيوعي ، وللبعث الأشتراكي ، والشعب الديمقراطي ، والوحدة الشعبية ، وللبعث التقدمي ، أتذكرها ، لأنني شاهد عليها ، وتمت في بيتي المتواضع ، في تلك الأجتماعات قالها الراحل الملك حسين : أعذروني على ما سببته لكم السياسات الحكومية من أذى ، ولكن ثقوا وأنتم في طليعة المعارضة للسياسات الرسمية أنكم كنتم دائماً في ضميري ، وأنتظر هذه الفرصة لنجلس سوياً ونعمل من أجل أن نحمي الأردن وإستقراره ونعمل على تقدمه لمواجهة الضغوط التي نتعرض لها والتحديات التي نواجهها .
الرحمة لجلال النحاس ، والعمر المديد لسمير القنطار .
h.faraneh@yahoo.com