أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024


استنصار الملك بخبرات الأمير حسن لن يسهم في تجاوز أزمة الأردن السياسية

بقلم : ا.د. أنيس خصاونة
16-09-2012 09:20 AM



منذ عام 1999 وتحديدا قبل وفاة الملك حسين عندما تم تحويل ولاية العهد من الأمير حسن إلى الأمير عبدا لله بن الحسين آنذاك لم نشهد حضورا سياسيا يعتد به للأمير حسن وقد اقتصرت نشاطاته على محاضراته ومشاركاته الفكرية والثقافية المحلية والعالمية إضافة إلى تركيزه ورعايته لعدد من المؤسسات العلمية التي انضوت تحت عنوان مدينة الحسن العلمية. ما من شك بأن الرجل لديه تراكم خبراتي كبير ومخزون معرفي وسياسي قيم يمكن الإفادة منه على الصعيد المحلي خصوصا وأن بلدنا ونظامنا السياسي يمر في مرحلة تكاد تكون الأدق على الإطلاق منذ تأسيس المملكة .

على مدار السنوات الثلاث عشر الماضية اختار الأمير حسن عدم التدخل في المشهد السياسي الأردني ويبدوا أن الرجل كان يشعر بمرارة لحظناها من خلال مقابلاته القليلة المقلة وخصوصا تلك المرارة الناجمة عن تخلي أو تراجع علاقاته مع بعض الرجالات الذي أسهم هو شخصيا في صناعتهم وتطويرهم عندما كان يلعب دوره الرسمي كولي للعهد وقائد للمسيرة التنموية الأردنية في السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم . أما من حيث الملك فقد أختار أيضا عدم الاستعانة والإفادة من خبرات الأمير لا بل شهدنا مرارا وتكرارا بعض الإجراءات التي تنم عن توجه القيادة عبر السنوات الماضية إلى الابتعاد عن بعض تصريحات أو تصرفات الأمير والتنصل منها.

لاحظ الأردنيون منذ شهور قليلة بأن هناك بعض التحركات ذات الطابع السياسي للأمير الحسن منها ظهوره قبل شهرين على التلفزيون الأردني الرسمي وفي أوقات الذروة في مقابلة تكاد تكون سياسية بامتياز وتتحدث في الشأن الداخلي والحراك السياسي . نعم ما كان يمكن لذلك اللقاء أن يتم لولا توجه من الملك وموافقته أو قد يكون بناءا على طلبه إذ يستبعد جدا أن يستطيع مدير التلفزيون الأردني أن يقرر هكذا خطوة وإجراء مقابله مع شخصية من العائلة المالكة لها الوزن السياسي الذي يحمله الأمير حسن. تكرر حضور الأمير في مناسبات جنبا إلى جنب مع الملك كما تم انتداب الأمير من قبل الملك لرئاسة وفد الأردن لمؤتمر دول عدم الانحياز وهذه تمثل خطوة نوعية تظهر تحسن العلاقة بين الملك وعمه الأمير نظرا لرمزية هذا الاختيار والتمثيل .

تزايدت أزمات الأردن وتعددها وتفاقم الاحتقان في الشارع وارتفعت الشعارات وسقوفها التي بدأت تطال كينونة النظام ورموزه وبدأ الأردن يدخل في عنق الزجاجة نتيجة لتراجع النظام عن مطالب الإصلاح المتمثل بإصرار الملك على قانون الصوت الواحد على مستوى الدائرة الانتخابية وعدم إجراء تعديلات دستورية جوهرية تطال المواد الرئيسية الثلاث المعروفة 34،35،36 كل ذلك على ما يبدوا أدى إلى توجه الملك للاستعانة بخبرات عمه الأمير حسن والإفادة من رصيده السابق عند بعض الأردنيين والاستثمار في ما يختزنه المواطنين من قرب الحسن من الراحل الملك الحسين .

الأمير حسن يزور مأدبا ويلتقي برجالاتها وفعالياتها والملفت الموكب الكبير والمهيب الذي جاء به الأمير للزيارة والمختلف تماما عن ما عهدناه سابقا .وقد انتقل بعد ذلك مباشرة إلى حي الطفايلة وتحاور من الناس واستمع إليهم في الوقت الذي كان الملك في زيارة مرتبه ومعده على عجل إلى ديوان آل حجازي في إربد بالتنسيق مع الدكتور سعد حجازي صديق الأمير حسن ليتم اللقاء مع عدد من شخصيات المحافظة.

تحول واضح في استراتيجيات الملك للتعامل مع الأزمة واستنصار منه بعمه الأمير حسن لعل ذلك يساعد على تجاوز الأزمة. نعتقد بأن ذلك لن يؤدي إلى تحقيق إي انفراج في الأزمة وفي حالة الترقب والتأزم التي تشهدها العلاقة بين النظام وبين القوى السياسية الإصلاحية وفي مقدمتها جبهة العمل الإسلامي . الأمير الحسن معروف بقسوة تعبيراته ، وقلة تسامحه مع من يختلف معه ، ومواقفه غير المتعاطفة مع الحراك حيث ما زلنا نتذكر وصفه للحراك واستخدامه لمصطلحات غير ودية لا بل وعدائية نحو الحراك وقد كادت تلك الجمل التي أطلقها الأمير أن تحدث أزمة داخلية لولا تدخل النظام وتنصله من هذه التصريحات التي تم التأكيد على أنها لا تمثل الموقف الرسمي.

الأمير الحسن الذي نرحب بتحركاته ليس له أي صفة رسمية وتأثيره على المشهد السياسي الأردني ليس كبيرا ولا يعدوا كونه مواطن يحظى باحترام نظرا لخبراته وفكره وانتسابه للعائلة الهاشمية التي يحترمها الأردنيين .أسلوب الأمير القاسي في الكلام والتعامل مع المواطنين مصحوبا بمواقفه السلبية من الحراك لن تشفع للأمير أو للملك لتحقيق أهداف إدماج الأمير وإشراكه في تخفيف وطأة الأزمة السياسية الداخلية. وأعتقد بأن أي حوارات للأمير مع الحراك أو مع القوى الشعبية إذا ما سادها نفس الأسلوب ألتنظيري الوعظي والفوقي للأمير يمكن أن تعطي نتائج عكسية(Counterproductive ) لأن الناس تريد تحقيق مطالبها وتريد من يستمع إلى وجدانها ويحاكي واقعها وأوجاعها والأمير لا يتقن هذا إطلاقا ومن عرف الأمير وتابعه عبر مسيرته الطويلة يعلم جيدا أن ذلك ليس من طبيعة تكوين الأمير الحسن .

الملك بحاجة إلى استنصار الشعب والاستماع إلى مطالبه وتحقيقها دون مماطلة وتسويف. لهجة الملك أمس في تصريحاته بأن على الإخوان المسلمين والمعارضة أن يختاروا التأثير في المشهد السياسي من خلال الشارع أومن خلال المشاركة في الانتخابات لا تساعد على الإطلاق على انفراج الأزمة لا بل ربما تعمل على تأزيمها وتصعيدها. تدخلات وتحركات الأمير الحسن وزياراته الموجهة من الملك ، وتغيير الحكومة ، وحل البرلمان، وإجراء انتخابات وفق مقياس الثوب الذي تم تفصيله من النظام السياسي وعلى مقاسه لن تحل الأزمة فكيف يطالب الملك المعارضة بالمشاركة وفق قانون لم يشاركوا في صياغته وتم تفصيله على قياس النظام وليس قياس الشعب؟ فرصة الملك هي ما دعوناه سابقا إليه بعقد مؤتمر وطني شامل يتم فيه تداول شؤون الوطن والتوافق على مخارج من أزماتنا |، والتوقف عن إقصاء جهات وقوى سياسية بعينها من المشهد السياسي كما أن الأردنيين لديهم حساسية بالغة من الحماية التي يحظى بها بعض المشتبه في فسادهم وذلك من قبل النظام السياسي. تحركات الأمير الحسن مرحب بها ولكنها غير مجدية ولا تسهم في 'حلحلة الأمور' وانفراج الأزمة ونذكر الملك بان من يجتمع معهم الأمير هم ممن عمل معهم الأمير ولا يمثلون قواعد شعبية واسعة من الأردنيين وننصح الملك بان يستنصر ويتسلح بمطالب الشعب الإصلاحية فتلبيتها هي السبيل الوحيد للخروج إلى بر الأمان وقبل فوات الأوان فهل من مدكر.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-09-2012 11:19 AM

و الله ما لك سالفه ....



و ما حدا بسمع



عاش الاردن و عاش الملك

2) تعليق بواسطة :
16-09-2012 02:35 PM

لا تيأس و لك الشكر على الجرأة

3) تعليق بواسطة :
16-09-2012 07:43 PM

الله يخلي ابوحسين

4) تعليق بواسطة :
17-09-2012 02:36 AM

you're great doctor Anees

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012