بقلم : حماده فراعنه
17-09-2012 09:17 AM
في جلسة تقييم سياسي ذات طابع ' أخوي حميم ' على حد وصف أحد الحضور ، بمشاركة الأمناء العامين للأحزاب المنضوية في إطار التحالف العريض ، الذي تضمه الجبهة الوطنية للإصلاح ، طلب رئيس الجبهة ، من الحضور ، المشاركة في تقييم أداء الجبهة ، ومدى صواب أو تعثر مواقفها ، وعدم قدرتها على جذب الأردنيين لتكون أداة الأستقطاب ، و الوعاء الجامع ، والعنوان السياسي الأبرز ، لكافة المعارضين للسياسات الحكومية ، وفشلها في أن تكون ' البديل السياسي ' لإخراج الأردن من عثراته أو أزماته المتعددة إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً .
فالجبهة ، ليست إلا عنوان بيان إضافي إلى مجموع البيانات الصادرة عن مختلف الأحزاب ، حتى بما فيها أحزاب لا تنتمي إلى معسكر المعارضة مثل ' التجمع الحر ' و ' التيار الوطني ' و الجبهة الأردنية ' وكذلك بعض الحراكات الشعبية بإعتبارها مشاريع أحزاب ، تقف موقفاً معارضاً للطرفين ، للحكومة ولأحزاب الأئتلاف المنضوية في إطار الجبهة الوطنية للإصلاح ، مثلما تقف هذه الحراكات الشبابية ، بإعتبارها مشاريع أحزاب ، ضد الأحزاب التقليدية جميعها اليسارية والقومية وضد الأخوان المسلمين .
وبالتالي الأضافة البيانية العددية الصادرة عن الجبهة مقارنة مع مجموع بيانات الأحزاب ، لا تشكل موقفاً نوعياً جاذباً ، تستند عليه ، القوى السياسية أو مرجعية يمكن الأعتماد عليها كبوصلة ومؤشر للتوجهات المميزة ، كي تسلكها القوى الأخرى سياسياً أو حزبياً أو نشاطاً جماهيرياً ، وبيانات الجبهة وإجتماعاتها لم تعد تشكل مصدراً خبرياً للمراقبين ، فما هو السبب في نظر المتداخلين الذين حثهم أحمد عبيدات كي يقدموا تصوراتهم ورؤيتهم في خضم الخلاف المعلن بين الأحزاب المتحالفة في إطار الجبهة ، حول الأنتخابات وقانون الأنتخاب ، ما هو سبب تدني حراك الجبهة وعدم قدرتها على الأبداع والمبادرة ؟؟
بداية أكدت الأحزاب اليسارية والقومية عبر ممثليها سواء الأمناء العامين ، أو نوابهم أومن يمثلهم على حرصهم على إستمرارية الجبهة كوسيلة وعنوان وأداة سياسية ، مطلوبة ، توفر الحد الأدنى من التوافق على عناوين أو قضايا ملحة ، تفرضها الضرورات الأردنية ، والعربية والدولية .
وتناولوا الخلاف حول الأنتخابات وقانون الأنتخابات وأكد المتداخلون أن الخلاف حول الأنتخابات وقانونه ليس خلافاً إجرائياً ، بل هو يحمل مضموناً سياسياً يعكس فهم الأطراف ، بدءاً من حركة الأخوان المسلمين ومن يتبعها من طرف ، إلى القوى اليسارية والقومية الخمسة من طرف : حزب الشعب ، الحزب الشيوعي ، البعث الأشتراكي ، الحركة القومية للديمقراطية المباشرة وحزب البعث التقدمي ، وتقييمهم للوضع القائم وكيفية معالجته وكيفية التعامل معه في إطار وطني عريض .
فالأخوان المسلمين لا ينظرون لأهمية إجراء الأنتخابات بدون تعديلات دستورية أخرى ، وهو توجه ورغبة ومطالبة ، لا تسمح بها موازين القوى السائدة ، فالتحولات الجارية والتعديلات الدستورية مهمة ولكنها غير كافية وتحتاج لمزيد من التطورات المحلية والعربية والدولية حتى تأذن بالمزيد منها ، فالمس بالدستور كان من المحرمات ، ولولا الربيع العربي ، وإمتداداته الأردنية ، لما تم ، وعلى الجميع أن يدرك أهمية أن يبادر جلالة الملك بتشكيل لجنة تعديل الدستور وأن يشمل التعديل 42 مادة بالدستور ، وعلى صعيد قانون الأنتخابات ، تنظر القوى اليسارية والقومية لأهمية ما تتضمنه القانون من جديد وخاصة القائمة الوطنية المغلقة وقاعدتها التمثيل النسبي ، وهي نقلة نوعية في تاريخ السياسات الأردنية .
وترى الأحزاب اليسارية والقومية ، أن حشد الجهد الوطني والسياسي وتوسيع شبكة المشاركة من قوى إجتماعية مستنيرة ، كان يمكن أن يدفع بقانون أكثر تطوراً وأكثر عصرية وأكثر إستجابة من حيث عدد القائمة الوطنية من 27 مقعداً نيابياً إلى 75 مقعداً وفق مطالب قوى المعارضة ، ولكن تشتت المطالب وإتساعها لتشمل مواد دستورية هامة ، أدى إلى إستفزاز قوى واسعة لا تقبل بهذه التعديلات المقترحة من المواد 34 ، 35 ، 36 من الدستور ، مما أضعف قوى المعارضة ومطالبتها بزيادة حصة القائمة الوطنية ، من 27 إلى 75 مقعداً أي نصف عدد أعضاء مجلس النواب المقترح ، إضافة إلى أن وصف الأخوان المسلمين للقانون ومعارضته لأنه قانون الصوت الواحد ، وإضافة صوت أخر للقائمة المحلية ، مطلب لا تحبذه القوى القومية واليسارية ، وهو إضعاف لمطلبها المطالب بتوسيع الدائرة المحلية لتشمل المحافظة أو اللواء ، حسب كثافة السكان لدى المحافظة واللواء .
القوى اليسارية والقومية حمّلت طرفين داخل الجبهة ، تشتيت موقف الجبهة الموحد ، وتأزيم العلاقات الداخلية فيها وهي أولاً الأخوان المسلمين الذين رفضوا المشاركة في لجنة الحوار الوطني ، بينما شارك ممثلوا القوى اليسارية والقومية في لجنة الحوار ، وإتخاذهم موقفاً تصعيدياً متطرفاً من الأنتخابات ومن قانون الأنتخابات بالمقاطعة المسبقة تسجيلاً وترشيحاً وإقتراعاًً ، مما أضعف القوى السياسية التي رهنت إعلان موقفها بالمشاركة أو بالمقاطعة بإجراء مزيد من التعديلات على القانون ، وأن يقتصر الموقف على القانون فقط وليس ربطه بالمطالبة بالتعديلات الدستورية ، وثانياً للشخصيات المستقلة داخل الجبهة المفترض أن تتخذ موقفاً رصيناً متوازناً تساعد الجبهة والأحزاب المشاركة فيها ، كي تتخذ موقفاً موحداً ، وتضغط بهذا الأتجاه ، لا أن تنحاز إلى هذا الطرف أو ذاك ، وتقول ما يجب أن لا تقوله بحق الأحزاب ، فها هو ممثل حزب البعث التقدمي يقاطع الأجتماعات لأن أحد الشخصيات القيادية في الجبهة ، وهو رجل أعمال ثري ، إعتبر أن العاملين لديه من الموظفين والعمال أكبر حجماً وعدداً من البعثيين ، ولم يقدم إعتذاراً للحزب ولممثليه مما دفع الحزب لمقاطعة الأجتماعات ولا يزال ، وبالتالي ، لم تكن الشخصيات المستقلة المشاركة ، بمستوى المهمة الوطنية المناطة بها وتبدو خبراتها محدودة ، وتستقوي برئيس الجبهة على الأحزاب ، مما يضعف دور الجبهة بإستمرار التأزيم الداخلي ، وعدم تصويب سياسات الجبهة كي تكون مواقفها إئتلافية وليست عنوانا لسياسة طرف دون غيره .
ليست الحكومة وحدها مأزومة بالأوضاع السياسية والأقتصادية والأجتماعية ، بل والمعارضة كذلك ، بدلالة أن جسم المعارضة الرئيسي وعنوانه الجبهة الوطنية للإصلاح مأزوماً كذلك بين الأطراف الثلاثة : الأخوان المسلمين ، والأحزاب اليسارية والقومية ، والشخصيات المستقلة التي يقودهم أحمد عبيدات .
ولذلك خلص المجتمعون المتداخلون إلى حصيلة أنه بدون موقف موحد من قبل الجبهة أولاً كي تشكل أداة جذب لكل القوى المعارضة ثانياً ، لن يكون ذلك أداة ضغط كي تستجيب مؤسسات القرار إلى أهمية تعديل قانون الأنتخاب ويصبح حقاً وافياً بصوتين متعادلين مناصفة أحدهما للدائرة الوطنية المغلقة والثاني للدائرة المحلية المفتوحة .
h.faraneh@yahoo.com