بقلم : حماده فراعنه
22-09-2012 10:16 AM
ليست زيارة برتوكولية إلى القاهرة ، يقوم بها قادة حماس بل هي زيارة عمل هامة ومهمة حزبياً لحركة حماس ، ومصرياً من أجل الأمن وإستعداد حركة حماس للعمل على حماية الحدود المصرية الفلسطينية ومتطلبات الأمن المصري في سيناء ، وفلسطينياً من إجل التوصل إلى قرار وفهم للسؤال الخلافي المطروح والمتمثل بـ : هل قطاع غزة محرر أم ما زال محتلاً ؟؟ وما هي الأستحقاقات المتوفرة والمطلوبة للحالتين إذا ما زال محتلاً فما هو العمل وأدواته ، وإذا ما كان محرراً فكيف يمكن الحفاظ على ما تحقق وتطويره ، والسؤال الفلسطيني المصري الذي يحتاج لأجابة مشتركة بعد ذلك هو ما هو الموقف من التراجع عن الأنقلاب وإنهاء الأنقسام وإستعادة الوحدة الفلسطينية ، بمستوياتها الثلاثة :
1- وحدة البرنامج الوطني .
2- وحدة المؤسسة التمثيلية ، منظمة التحرير وما يتبع لها .
3- ووحدة الأدوات الكفاحية لمواجهة العدو . في ظل التفوق الأسرائيلي ، سياسياً وبشرياً وعسكرياً وتكنولوجياً وإستخبارياً وإقتصادياً وتحالفاً مع قدرات المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة ، و في ظل سياسة إسرائيل بتهويد القدس وأسرلتها ، وتهويد الغور على إمتداد نهر الأردن ، وتوسيع المستوطنات في قلب الضفة الفلسطينية ، لقطع الصلة والجغرافيا بين شمال الضفة عن جنوبها ، بما يلبي المشروع التوسعي الأستعماري الأسرائيلي الهادف إلى إلغاء حل الدولتين ، وعدم التوصل إلى تسوية واقعية بإقامة دولة فلسطينية على جزء من التراب الوطني الفلسطيني ، وفق قرارات الأمم المتحدة 181 و 242 و 1397 و 1515 ، وشطب قضية اللاجئين والقرار 181 ، وحقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها بعد إحتلالها الأول عام 1948 ، وإستعادة ممتلكاتهم فيها ، في اللد ويافا والرملة وحيفا وعكا وبئر السبع ، وتعويضهم عن التشرد والحرمان والتشتت .
زيارة وفد حماس ، تستهدف أولاً خلق الصلة والروح والتفاهم الحزبي التنظيمي بين قيادات حماس نفسها ، على أثر تعزيز سلطتها على قطاع غزة ورفض أي شكل من أشكال المشاركة أو العودة إلى صناديق الأقتراع ، النقابية أو البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية وبالتالي فهو لقاء قيادي إستثنائي بعد الأنتخابات الداخلية للحركة ، وبعد ثورة الربيع العربي التي عكست قوة ونفوذ حركة الأخوان المسلمين ، كأكبر حركة سياسية عربية عابرة للحدود ، متفاهمة مع الأميركيين ، مما يعكس نفسه على حركة حماس ، كي تحصل على شرعية تفتقدها ، فشلت منذ أن تأسست كي تكون البديل لمنظمة التحرير ، أو أن تكون ، الند لها ، بشرعيتين ومؤسستين ورئاستين ، وها هي اللحظة قد أتت بعد ثورة الربيع العربي ، وإنتصار حركة الأخوان المسلمين بحصولهم على الأغلبية البرلمانية في كل من مصر وتونس والمغرب وحتى ليبيا ، مما يوفر غطاء وقوة لحركة حماس بإعتبار الأخوان المسلمين ، المرجعية الحزبية والتنظيمية والسياسية لحركة حماس ، وها هو أحد قادة الأخوان المسلمين يتولى مقعد الرئاسة المصرية ونفوذها .
ملفات عديدة ، تشكل بداية حقيقية وجدية ، تفتح النقاش ، وستؤدي إلى ترتيبات سياسية وأمنية بين الطرفين ، ستكون بمثابة خارطة طريق ، وبرنامج عمل في كيفية التصرف وإتخاذ الأجراءات ، على قاعدة التفاهم بين الحزبين الحاكمين في القاهرة وغزة تحت مظلة مرجعية فكرية وحزبية واحدة ، ومصالح قد تكون متضاربة حيناً ومتفقة حيناً أخر .
الموقف من إسرائيل ، الموقف من أميركا ، الموقف من السلطة الوطنية ، كيفية التعامل مع شرعية رام الله والرئيس محمود عباس ، والتوصل إلى إجابة للسؤال هل غزة محررة أم ما زالت محتلة ، وسائل الدعم والأسناد ، مواصلة إغلاق الأنفاق ، فتح المعابر وكيف ، وهذا يتطلب إجابات وتقديم إقتراحات والتوصل إلى حلول وتفاهمات مما إستوجب حشد هذا العدد من قيادات الداخل والخارج للتنظيم الواحد ، بعد أن يتفاهم مع نفسه ، يتم التفاهم مع الأخر المصري في القاهرة ، وما سينتج عن ذلك من قرارات .
زيارة وفد حماس إلى القاهرة الأن ، ستشكل محطة لما بعدها من محطات وخطوات متسقة ، تتلوا بعضها البعض ، مما يستوجب اليقظة الوطنية والقومية واليسارية والشخصيات المستقلة الفلسطينية ، إعتماداً على ترسيخ التحالف الوطني العريض الذي كان أساس قوة منظمة التحرير وقوة تمثيلها وهزيمة خصومها وعدم نجاحهم في أن يكونوا البديل أو الند ، بما فيهم حركة حماس ، ومن قبلها بعض الأنظمة العربية وروابط القرى .
ما يجري في القاهرة ، وما سينتج عنه ، ليس بالضرورة أن يكون معادياً ، أو ضاراً ، ولكنه يتطلب اليقظة ، والعمل على الأرض وفي الميدان ، في الضفة كما هو في القطاع ، بدءاً من إنجاح الأنتخابات البلدية في الضفة ، وما ستفرزه من نتاج لتوسيع شبكة الشراكة مع قوى إجتماعية بشخصيات جديدة شابة ودماء حارة تتوسل أن تأخذ مواقعها في قيادة العمل الجماهيري والبلدي والمحلي ، أسوة بالكبار الذين مضوا من رشاد الشوا وإلياس فريج وكريم خلف وفهد القواسمي وسميحة خليل وأخرين ما زالوا ، وأولئك الذين سجلوا إنجازات تستحق الأحترام في الخليل ورام الله ، هذا هو الطريق ، للإنتقال إلى المطالبة الهجومية الديمقراطية لتعرية سلوك وتسلط الحزب الواحد واللون الواحد في غزة ، وهم لا يقلوا تسلطاً عما فعله حسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح ومعمر القذافي ، بمفردات مختلفة وتلاوين محلية ، ولكنها تصب في مضمون واحد ، سيطرة وهيمنة اللون الواحد والحزب الواحد على مقدرات شعب تعددي يتوسل الديمقراطية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع ، وتداول السلطة ، وفق ما ستفرزه الأنتخابات .
h.faraneh@yahoo.com