أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


علم الجغرافيا المناخية والحدث الشامي

بقلم : المحامي محمد احمد الروسان
22-09-2012 10:18 AM

اذا كان علم فن ادارة الأزمات, من العلوم التطبيقية حديثة النشأة والتطبيق, فانّ علم ما يسمى بالأنذار المبكر, من ذات العلوم الأستقرائية والبحثية حديثة النشأة, والأشتباك معها بتفاعل أيضاً, انّه علم الفن وفن العلم, ضمن الأستقرائيات لأي تداعيات أي حدث كان, وهو ليس أداة تجرح كما في علم الأستخبار.
انّه علم يركز بعمق على بؤرة الحدث أي حدث كان, ان بفعل البشر وان بفعل الطبيعة, ويسعى الى التعرف والتمحيص في مكونات تلك البؤرة, وعمل أدائها السلوكي ومفاعيله وتفاعلاته, ثم التقاط موجات واشارات البث المنبعثة, من نقطة المركز, ومحاولات معرفة وقراءة وفك شيفرات هذه الموجات والأشارات, ليصار الى الوصول لمعرفة وسبر غور طبيعة وشكل السيناريو القادم, أو SCENARIO BUILDING EXERCISES , حيث تعد الأخيرة مجرد احتمال, وان كان الأخير في السياسة ليس يقيناً, لكن جل المسألة في علم الأنذار المبكر, يتيح ويسمح وضع الأستعدادات والترتيبات اللازمة, لعمليات احتواء المخاطر وتعزيز الفرص.
وتعد أجهزة الأستخبار والمخابرات المختلفة, من أكثر المؤسسات في المجتمعات المكونة للشق الديمغرافي للدول, استخداما لهذا النوع من العلم والمعرفة, وان كان أول من استخدم هذا المعرفة وعلى الفطرة في التاريخ البشري, (معرفة الأستخبار والرصد والأنذار المبكر), هو أحد ابني آدم عندما قام برصد تحركات شقيقه لقتله.
انّ لمفاعيل وتفاعلات الحدث الأحتجاجي السياسي السوري, ان لجهة العرضي منه, وان لجهة الرأسي منه, تداعيات عديدة عابرة ليس فقط لدول الجوار الأقليمي, بل للقارات التي تشكل المعمورة ككل، وبالتالي على الوضع الدولي ومدى استقراره.
وبالرغم من عمق سلّة الأحتجاجات السياسية السورية, ومرور وقتأ طويلاً على اندلاع شراراتها, فانّ النسق السياسي السوري ما زال متماسك, ان لجهة التماسك المؤسساتي الدولاتي للجيش العربي السوري, وقوى المخابرات والأمن الداخلي, وان لجهة تماسك الكتلة البشرية في دمشق – العاصمة السياسية, وفي حلب – عاصمة المال السوري رغم ما يجري فيها من أحداث عسكرية متبادلة, وهذا وفّر له القدرة الأكثر والأكبر والأقدر والأفعل, لجهة الأمساك بزمام المبادرة والسيطرة, ولجهة ضبط التفاعلات الداخلية وآثارها أيضأ.
باعتقادي وظني وتقديري, أنّ الأثر الأممي(العدوى كنتيجة) للحدث السوري, سيقود في نهاية المطاف, الى اعادة تشكل وتشكيل جل المشهد الدولي من جديد, والى عالم متعدد الأقطاب والنهج, في حين وبعد أن أخذت عدوى الحدث السوري, طابع اقليمي وعابر للحدود السياسية المصطنعة, ولحدود جغرافيا الطبيعة والتاريخ أيضاً, في تماثل محطاته وتساوقه, لجهة الماضي وعبر حاضرها, ومستقبلها, ونستولوجياها, فانّ الأمر كلّه بحاجة الى عمليات استقرائية شاملة وناجعة وناجزة, توفر لصانع القرار السياسي والأمني, في ساحات دول الجوار الأقليمي – السوري, لجهة الضعيفة منها ولجهة القويّة على حد سواء, توفير قاعدة بيانات ومعلومات في غاية الدقة والضرورة, من أجل أن تحسن التصرف والتعامل, مع جلّ المشهد.
للحدث السوري عقابيل اقليمية عديدة, عرضية ورأسية وضغوط متعددة, والتساؤلات التي تفرض نفسها بقوّة, عندّ اعمال العقل في الحدث السوري:- ما هي مدايات ومساحات, قدرة ساحات دول الجوار الأقليمي السوري, من تركيا وبغداد, الى عمّان وبيروت, في احتجاز وصد ضغوط هذه العقابيل الأقليمية, لذات ميكانيزمات الحدث السوري؟ ما أثر تلك العقابيل على ايران ذاتها, الدولة الأقليمية الجارة والتي تدخل في حالة صراع لا تنافس مع تركيا؟ والى أي مدى تستطيع الدولة العبرية - الكيان الصهيوني – احتجاز وصد, ضغوط ما يجري في الشام عن نفسها؟!.
لا شك أنّ القوام الجيو – سياسي السوري, يمارس ويتفاعل بقوّة على مجمل, مكونات الخارطة الجيو – سياسية الشرق الأوسطية, وكما تشير معطيات التاريخ والجغرافيا, الى أنّ تأثير العامل السوري, كعامل اقليمي حيوي في هذه المنطقة, تتطابق أليات عمله وتأثيره, مع مفهوم العامل الجغرافي الحيتمي, والذي تحدث عنه جميع خبراء علم الجيويولتيك, وعلم الجغرافيا الأستراتيجية, وعلم الجغرافيا الأقليمية, وحتّى علم الجغرافيا المناخية, حيث تؤكد معطيات العلم الأخير, بأنّ الطبيعة المناخية لدول الجوار الأقليمي السوري, لن تستطيع مطلقاً الأفلات من تأثيرات العامل المناخي الدمشقي.
وبناءً وتأسيساً, على معطيات وثوابت الجغرافيا السياسية- الأقليمية ومحركاتها, فانّ استمرار ما يجري في سوريا, من احتجاجات سياسية بالمعنى العرضي والرأسي, سوف تكون مخرجاته بالمزيد تلو المزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة, ان لجهة لبنان – والكل شاهد ما جرى من اقتتال هنا وهناك - , وان لجهة الأردن وتكفي مشكلة اللاجئيين السوريين وهي مسألة رئيسية ستكون احدى مفردات خطاب الملك في دورة الأمم المتحدة, وان لجهة العراق المحتل, وان لجهة أنقرا نفسها, أضف الى ذلك الشمال الفلسطيني المحتل – الدولة العبرية حتّى اللحظة.
انّ الجغرافيا السورية, لها ديكتاتوريتها الخاصة, التي وهبها الله لها لجهة موقعها, دون أدنى تدخلات للأنسقة السياسية التي حكمتها, أو حتّى الحضارات التي تكالبت عليها, لذلك أبت وتأبى جغرافيا سوريا, بأنّها عصية على التجاوز والتخطي, أيّاً كان طراز الطائرات, أو السيّارات التي أقلّت وتقل, غول وأرودوغان وأوغلو احمد داوود, من تركيا الى السعودية وبالعكس.
في المشهد الدولي وكما قلنا في البداية, لعقابيل الحدث السوري أثار واثارات, تقود الى عالم متعدد الأقطاب, كون تلك العقابيل تتخطّى حدود الشرق الأوسط والشرق الأدنى, ولأنّ روسيا والصين تدركان ذلك جيداً, قادهم ذلك الى عمليات عرقلة واعاقة, لأندفاعات زخم الأستهداف الأمريكي – الأوروبي – بعض العربي المرتهن, لجهة سوريا ونسقها السياسي, وهذا ما لم تدركه أنقرا, بالرغم من وجود الأستراتيجيين الثلاثة في الحكم, غول, وأرودوغان, وأوغلوا احمد, في حين سعت وتسعى العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, الى لملمة حلفائها وقدراتها, لجهة القيام باستغلال وتوظيف وتوليف فعاليات ومفاعيل, الحدث الأحتجاجي السوري لأضعاف النسق السياسي السوري ومورده البشري، ليصار في النهاية للأحتفاظ بخصم اقليمي ضعيف, وأحسب أنّ خط علاقات واشنطن – تركيا, ازاء الحدث السوري تماماً هو كزواج مؤاتي MARRIGAGE OF CONVENIENCE .
www.roussanlegal.0pi.com


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012